أراضي «كونين» بين إقطاعين: فيكَ الخصام وأنت الخصمُ والحكم!

خلافات عقارية في "كونين" والأهالي يواجهون "الإقطاع"...

أفرزت الانتخابات النيابية الأخيرة السلطة السياسية نفسها، بأحزابها، ورموزها. جنوبًا ما زالت سلطة الثنائي الشيعي مطلقة بعد أن فشلت قوى الإعتراض في اختراقه أو اختراق  أسلحة التكليف الشرعي والمقاومة والجهاد والشهداء. يضاف إلى ذلك  ملف مكافحة الفساد الذي تعهّد  أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله شخصياً بالعمل عليه، مؤكداً أنّه وشريكه دولة رئيس مجلس النواب نبيه برّي لن يتراجعا عن وعدهما في الكشف عن محاربته.

إلا أنّ مكافحة الفساد لا تشمل كما يبدو “المشاعات”، و”الإقطاع”، فأراضي الجنوب المنهوبة والمصادرة لصالح “متنفذين” لم يشملها تحرير العام 2000 إلا “اسمياً”، فالعقارات ظلّت مستباحة فيما تبدل اسم “المحتل” من العدو الإسرائيلي إلى قوى نافذة محصنة بخلفية حزبية مناطقية، ودون أيّ مراوغة نقصد بهذه القوى حزب الله وحركة أمل.

إقرأ ايضًا: مشاعات الجنوب وأمن البقاع!

جديد ملف المشاعات والأراضي المنهوبة، الإشكال الذي شهدته بلدة “كونين الجنوبية” في الأيام الماضية والذي ارتفع فيه مستوى الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي مترافقاً مع انتقادات للقيادات الحزبية المسؤولة.

كتب أحد أبناء كونين  على سبيل المثال “الثنائي يعد الأصوات في كونين والإقطاعي يعد العقارات لينهبها”.

هذا الغضب الذي انفجر في “كونين”، سببه الإعتراضات التي وضعها آل ابراهيم على ألف عقار في المنطقة، مما منع الأهالي من الاستفادة أو التصرف في عقارات يؤكدون أنّها “ملكهم” حتى إشعار قضائي آخر.

وفيما لم يكن هناك أيّ أفق لأي إشعار قضائي آخر في الوقت القريب مع أعمال المساحة المتوقفة منذ عامين بقرار من وزير المال علي حسن خليل، لم يجد الأهالي من حل أمامهم إلا رفع الصوت من لبنان وصولاً إلى الجاليات اللبنانية التي تضم العديد من أبناء كونين، ولاسيما في استراليا، حيث عقدت لقاءات احتجاجية، واجتماعات تكللت ببيان حاسم شدد على إعادة أعمال المسح، وعلى إلغاء الإعتراضات والإقطاع، ودفع تعويض للأهالي عن 70 سنة مرت ومحاكمة ورثة الإقطاعي.

مصادر متابعة تؤكد لـ”جنوبية” في هذا السياق، أنّ آل ابراهيم يدّعون – خلافاً للحقيقة- أنّ لديهم عقارات في كونين، وتتابع المصادر موضحة أنّ كل ما يطالب به الأهالي كل هو “حجّة” على ملكية آل ابراهيم للعقارات التي وضع عليها إشارة، وهذا ما لم يقدم منذ بدأ الصراع العقاري في هذه البلدة وحتى اليوم.

تهمس المصادر نفسها مشيرة إلى القرابة التي تربط خليل ناظم ابراهيم وأعمامه بدولة الرئيس نبيه برّي (ناظم صهره)، والشراكة بينه وبين أبناء دولة الرئيس، تلفت كذلك إلى تدخل ممثلي الحزب والحركة والمخاتير والفعاليات بعدما رفع الأهالي الصوت عالياً، وإلى اجتماع عقد بينهم وبين وزير المال علي حسن خليل الذي وعدهم خيراً.

الإعتراض الذي قدّمه آل إبراهيم “خليل وناظم ونزيه وعلي”، والذي حصل موقع “جنوبية” على نسخة منه، يشير في نصّه إلى أنّ الجهة المعترضة تمتلك المستندات والوثائق اللازمة, والتي سيصار إلى عرضها وفقاً للأصول..

ويلفت الإعتراض إلى أنّ آل أبراهيم استثنوا من أعمال التحرير والتحديد الإجباري في بلدة كونين، مما أدى إلى مسح أملاكهم بغير وجه حق للوقوف  عند تفاصيل الاعتراض وحقيقة المستندات، ودواعي عدم إبرازها وإنهاء السجال، حاول موقع “جنوبية” التواصل مراراً مع محامي الجهة المعترض الأستاذ زياد بيضون دون أيّ نتيجة.

يؤكد نائب رئيس بلدية كونين السابق الأستاذ خليل سلامة، وهو من أوائل الذين أثاروا هذا الملف إعلامياً لـ”جنوبية” أنّ هناك حالياً لجنة ً تتابع هذا الملف تتألف من مخاتير وأعضاء بلدية، إضافة إلى مسؤول “حزب الله” في المنطقة ومسؤول حركة أمل، مع المسؤولين في المنطقة”. يوضح خليل أنّ اللجنة قد اجتمعت يوم أوّل أمس مع وزير المال علي حسن خليل الذي وعدهم باستكمال أعمال التحديد والتحرير “المساحة.

إقرأ ايضًا: استكمالاً لعملية نهب المشاعات في الجنوب نقل ملكية مشاعات القرى المسيحية

وأكد خليل لموقعنا أنّ ما توصلت إليه اللجنة لا ينهي ملفهم مع الإقطاع الذي ما زال مفتوحاً، فالجهة المعترضة قد وضعت أكثر من ألف اعتراض على محاضر التحرير والتحديد في صيدا، دون إرفاق أي مستند مع الإعتراضات التي وضعت قيد الدرس..

وتابع خليل متسائلاً “كيف للقضاء أن يوافق على اعتراضات كيدية؟ هذا ما ندرس متابعته من الناحية القانونية.

وفي الختام أشار خليل إلى أنّ “الإتفاق الذي جرى بين الوزير واللجنة أفضى إلى التأكيد على إعادة أعمال المساحة، نحن  في الانتظار والأسبوع القادم يبنى على الشيء مقتضاه”.

 

هل هذه الاعتراضات قانونية!؟

مصادر مطلعة على القوانين العقارية تؤكد لـ”جنوبية” أنّ القانون اللبناني يسمح بتقديم الاعتراضات بهذا الشكل، وتوضح المصادر أنّه بعد اختتام أعمال التحديد والتحرير يتم البت بهذه الاعتراضات وفي حينها على الجهة المعترضة أن تقدم مستنداتها أو يعتبر الاعتراض ملغى.

إلى ذلك فإنّ أهالي بلدة كونين لا يعلقون الكثير من الأمال على اللجنة ولا على الوعود السياسية، وفق ما يؤكده أحد المتضررين لـ”جنوبية”.”.

وفيما يرفض الأهالي الامتثال للإقطاع والخضوع لـ”آل إبراهيم” الذين يريدون وضع يدهم على أراضيهم مجدداً في استكمال لعملية الاستغلال والسطوة التي حدثت إبان الحكم العثماني والفرز الإقطاعي، فقد كان لافتاً في الأيام الماضية تداول يافطتين بين أبناء المنطقة الأولى تقول: “الأرض لنا.. مجبولة بدماء شهدائنا، وتضم رفاة الأبناء والأجداد، ولا مساومة على ذرة من ترابها”،بينما تقول الثانية: “إسرائيل والإقطاع شرٌ مطلق”.

السابق
خاشقجي والجريمة غير المتذاكيّة
التالي
الزغبي: أسوأ إخراج لتذليل العقبات الحكومية أن يأتي على شكل وصاية من «حزب الله»