النفايات تتراكم والمستشفيات تشكو الروائح الكريهة في صيدا

عادت أزمة النفايات في صيدا من الباب الواسع، جبل نفايات جديد بدأ يظهر، وروائح نتنة تعبق من المدينة الصناعية حتى محيط مستشفى الراعي في المدينة، لم يسلم إلى حدٍ بلغ غرف المرضى، وذلك نتيجة ارتفاع مطمر النفايات على مقربة من مبنى المستشفى.

بعد أربع سنوات على إزالة جبل النفايات في المدينة الذي بقي جاثما فوق ارضها طيلة 35 عاما، أزمة النفايات على حالها مع تراكم آلاف أطنان النفايات غير المعالجة والعوادم إضافة إلى الروائح الكريهة التي تهب على مدينة من معمل معالجة النفايات بشكل فاق الإحتمال، ما يطرح علامات إستفهام عديدة على كيفية عمل هذا المعمل، والمعايير والمواصفات المعتمدة كذلك كيفية التخلّص من بقايا النفايات. وفيما وعد وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال طارق الخطيب في تموز الفائت بمعالجة مشكلة الروائح الكريهة المنبعثة من المعمل عبر إمهال القيّمين على المعمل شهرا واحد لإصلاح الخلل وحل المشاكل البيئية داخله وإرسال فريق من الوزارة يوميا طيلة هذه الفترة لمتابعة ومراقبة سير عملية المعالجة إلا أن شيئا لم يتغير والأمور لا تزال على حالها.

اقرأ أيضاً: هل تهريب النفايات الى صيدا ما زال مستمراً؟

ومع العلم أن المتضررين والمنزعجين من الروائح المنبعثة ليسوا حكرا على مستشفى الراعي بطاقمها ومرضاها فحسب، إنما أيضا سائر مستشفيات المدينة والمنازل المحيطة. وقد أكّد رئيس بلدية مدينة صيدا المهندس محمد السعودي لـ “جنوبية” أنه “علم بما يتم تداوله عن وصول الرائحة الى مستشفى الراعي وأجرى إتصالاته لمعرفة سبب هذه الإنبعاثات وبحث إمكانية تلافيها من خلال رش مواد معينة للحد من هذه الروائح”.

محمد السعودي

وأشار السعودي إلى “وجود معمل نفايات في المنطقة وليس معمل أدوية لذا من الطبيعي إنبعاث مثل هذه الروائح، إلا أنه لا شك ثمة تدابير معينة يجب إتباعها لتلافي أي ضرر بحق الناس”، ولفت إلى أن “إنبعاث الروائح قلّ عن الفترة السابقة مع تدخل البلدية وإتخاذها الإجراءات اللازمة”، وأضاف السعودي أن “التيارات الهوائية تتحكم بمسار إنتشار الرائحة ولعلّه اليوم التيار الهوائي يتجه مساره في محيط مستشفى الراعي”.

وفي الختام، أكّد السعودي انه “من المفترض أن يكون تمّ حل هذه المشكلة مع رشّ الأنزيمات على العوادم التي ينبعث منها هذه الروائح”.

المدير التنفيذي في مستشفى الراعي إبراهيم الراعي والذي هو عضوا في مجلس بلدية صيدا أيضًا، قال لـ “جنوبية” إن “الروائح تفوح في كل مكان وتعاني منها جميع مستشفيات المدينة متأثرة بإتجاه التيار الهوائي، وفي مستشفى الراعي نعمل على الحدّ من هذه الأزمة عبر وضع أجهزة لتنقية الهواء”، مشيرا إلى أن “الأزمة لا تزال على حالها ولم تتضاعف وثمة أوقات معينة تفوح الرائحة بشكل كثيف وأحياناً أخرى لا يوجود لها أثر وذلك بحسب التيار الهوائي”. ونفى تحميله الهواء مسؤولية هذه الإنبعاثات، مشددا على ضرورة التخلص منها بشكل نهائي”.

إلى ذلك أكّد الراعي على أن “رئيس البلدية يلاحق المشكلة ويعمل عن كثب لوضع حلول مناسبة للحد من هذه الأزمة”، مشيرا إلى أن “الحلول يجب أن تكون أشمل من مجرد رش أنزيمات على العوادم، ومعالجة هذا الأمر يجب أن يكون اليوم قبل الغد”.

وفي الختام عبّر الراعي عن أسفه مؤكدا أنه “أمرا مخجلا تنشق المواطنون مثل هذه الروائح ومن المخجل اننا في البلدية نحاول إيجاد حلول لكن دون نتيجة، معيدا التأكيد على أن رئيس البلدية وجميع الأعضاء منزعجون من هذه الأزمة والمحور الأساسي في جميع إجتماعات المجلس تدور حول كيفية التخلص من هذه الأزمة”.

في المقابل، تأسف الصحافي والناشط المدني وفيق الهواري في حديث لـ “جنوبية ” “أن يدور النقاش حول نتائج سوء معالجة النفايات من دون الغوص في أسباب سوء المعالجة وما يترتب عليها من نتائج تسمح للروائح بالإنبعاث في أكثر من إتجاه وحسب إتجاه الريح”، مؤكدا أن “المشكلة تقبع في مكان آخر هي مشكلة معالجة النفايات من جمعها ونقلها ومعالجتها وطمر ما يتبقى”.

وأوضح أن “النفايات لا تفرز من المصدر كما انها تنقل في سيارات مضغوطة ما يؤدّي إلى إمتزاح النفايات العضوية بغير العضوية ويمنع فرزها بشكل صحيح في معمل المعالجة”، وتابع “كما انه في معالجة المواد العضوية هناك إشكالات تقنية أشار إليها التقرير الصادر عن وزارة البيئة الذي أعدّه الخبير أحمد دمج والتي وعد وزير البيئة بتصحيح الأخطاء خلال شهر من تاريخه وبإنتداب خبير للإشراف على التصحيح وهذا ما لم يحصل”.

كما لفت الهواري الى انه “لم يُعلن حتى اللحظة ما هي القدرة الإستعابية للمعمل على الرغم من إصرار الوزير الخطيب ورئيس البلدية السعودي بأن المعمل قادر على معالجة كل الكميات الموردة إليه وبالتالي لم تعرف القدرة الفعلية له”.

اقرأ أيضاً: معمل النفايات في صيدا: مكانك راوح!

أما موضوع المتبقيات الممزوجة ببقايا النفايات العضوية، قال الهواري “إن تقرير الخبير ناجي قديح أشار إلى إنبعاث الروائح الكريهة منها عند تحريكها وهذه المتبقيات بحاجة إلى مطمر صحي لم يجرِ الإتفاق على مكانه من خلال توصيات وزارة البيئة لأسباب سياسية

تتعلّق بأركان المحاصصة، لذلك يتلهى مسؤولو المدينة على الصعيد البلدي والرسمي بإطلاق التصريحات حول خطوات من هنا وهناك من دون وضع خطة متكاملة تمنع بنتيجتها إنبعاث الروائح الكريهة”.

وفي الختام أكّد الهواري “يبدو من المعلومات المتوافرة أن المتبقيات المتراكمة قرب معمل المعالجة سوف يجري طمرها في البركة المحاذية له حسب المعلومات من مصادر بلدية ورسمية”.

السابق
«حراك جديد» يدعو الناس للنزول الى الشارع… فهل ينجح؟!
التالي
اسرائيل تتهم «شقرا» بتخزين صواريخ وحزب الله يتباهى بقوة ردعه