عاشوراء.. بين التطبير والتطبيق

“إني لم أخرج أشرا وﻻ بطرا..وﻻ مفسدا وﻻ ظالما..وإنما خرجت لطلب اﻹصلاح في أمة جدي..أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر “.
قالها إمام اﻹصلاحيين وأولهم، اﻹمام الحسين بن علي ونُذَكِّر بها اليوم ونحن على أبواب ذكرى سيد الشهداء نعيدها ﻻ ندبا وﻻ تطبيرا، بل نريدها تطبيقا وعبرة وإستلهاما وتبصرا بأمورنا بعد أن وصلنا إلى ألدرك اﻷسفل بين اﻷمم. لفد أخذتنا العزة بأنفسنا فأنستنا اخلاقنا ومبادئنا، ننشرها ابتغاء الإصلاح إصلاح أنفسنا أولا ومن ثم مجتمعنا ووطننا عبر البعد عن الفساد والمفسدين ومحاسبتهم بعد ان ضربنا العفن وإستشرى الفساد بيننا وبات ثقافة نتغنى بها ونعتبره شطارة ونجاح.

نريد ان نكون للظالمين خصما وللمظلومين عونا ﻻ كما نحن اليوم نناصر الظالم ونهادن المتكبر وننافق الحاكم، نقولها ﻹصلاح ذات البين بين الأخوة وأبناء الوطن الواحد بعد أن حل الطمع والتسابق على المغانم والمكاسب والمراكز محل القناعة والتواضع والعدل في مقاربة الأمور. نعيدها ونذكر بها بالأمر بالمعروف قولا وفعلا والنهي عن المنكر فعلا ﻻ قوﻻ فحسب.

قد نجد الملايين من محبي اﻹمام الحسين ومريديه في كل أصقاع الأرض، ولكن كم نجد من السائرين على نهجه وهدي مبادئه وأخلاقه بعد أن حول البعض هذه الذكرى مناسبة للتظاهر بحب الحسين عبر اللطم والتطبير، وحولها البعض الآخر مناسبة سياسية للتصويب على الأطراف المخالفة لنهجه بعيدا كل البعد عن تطبيق المعاني الحقيقية والسامية لهذه الذكرى والتي من أهمها التضحية ونكران الذات والثبات على الحق بالإصلاح حفاظا على مصالح الأمة والناس عبر الحفاظ على مواردها من الإستلاب والتبذير في غير مواضعها الصحيحة وخاصة مصالح الناس الفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة. أين نحن من هذه السيرة العطرة؟ قليل من التفكر يجعلنا نكتشف كم نحن بعيدين عن هذه المبادئ والمعاني للأسف الشديد، فهل نرعوي ونعود إلى أصالتنا قبل فوات الأوان؟ هذا هو السؤال الكبير .

السابق
حزب الله والحقد على رفيق الحريري
التالي
إسمع يا دولة الرئيس (33): حينما يتولى الشيعة رئاسة الجامعة اللبنانية!