جبيل للثنائي الشيعي: ما هكذا تورد الإبل يا سعد!

لماذا يتم تهميش ابناء المنطقة التي تضم من الكفاءات الكثير.. انها مكسر عصا القوى السيايسية منذ زمن بعيد..

يواجه ترشيح الثنائي الشيعي في دائرة جبيل- كسروان رفضاً واسعاً بين أبناء المنطقة، سواء في الوسط المسيحي أو المسلم، وإن تميّزت الأصوات الرافضة بالخفوت والسلبية. وسبب ذلك الحساسية التي فرضها الترشيح في سياق إسلامي ـ إسلامي، ومسيحي ـ إسلامي.

إقرأ ايضا: شيعة جبيل والبقاع الغربي: لماذا مرشحو النيابة من خارج مناطقهم؟

فالطرف المسيحي يرفض المشاركة الندّية التي طرحتها الثنائية، وفق ما عبّر عن ذلك النائب السابق فارس سعيد، إذ اعتبر الترشيح reconquista إسلامية في بلاد جبيل، مستحضراً مخيالاً كاثوليكياً إسبانياً شديد التعصب، سواء أقصد ذلك أم لم يقصد، كما اعتبره تحدّياً لهيمنة سياسية مسيحيّة معقودة للموارنة منذ عقود وأكثر.

أمّا الطرف المسلم فيستبطن الرفض بسبب عدم اقتناعه بصحة التمثيل العتيد، إذ يرون الترشيح السياسي الراهن في جبيل تشكيكاً عملياً بكفاءات أبناء المنطقة، وانتقاصاً من أهليّتهم لمباشرة العمل النيابي، بالرغم من أنّ تمثيلهم كان محليّاً منذ عهد الاستقلال.

وبالتالي، لا يرى الجبيليّون مبرّراً لاستدعاء أيّ مرشّح من خارج المنطقة ونسيجها الاجتماعي، بل يدعون إلى تعزيز موقع الجبيليين لا تغييبهم عن ساحة العمل السياسي والوطني.

وقد تجلّى موقفهم الرافض عملياً في الترشيحات التي قُدّمت تقليدياً من آل عوّاد وحيدر أحمد… في الوقت الذي لم تزد تبريرات الثنائي لترشيح الشيخ حسين زعيتر سوى في توسعة مجال انتقاد الترشيح. ويتضاحك كثيرون حول النسّابة الجدد الذين يُعيدون أصل المرشح إلى قرية أفقا الجبيلية، ويقولون: “ماذا لو ترشّح جبيلي في دائرة بقاعية أو جنوبية لأنّ جزءاً من عائلته موجود في تلك المنطقة منذ عقود أو قرن؟ وهل يمكن للعاملين في مؤسسة خيرية ككاريتاس والحركة الاجتماعية أن يترشّحوا في مناطق عملهم لمجرّد اتصالهم بالناس في محيطهم العملي لعدد من السنوات؟”.

كذلك يتندّرون بالحديث عن معرفة المرشّح بعائلات القرى الجبيلية، ويتساءلون إن كان عمل النائب هو عمل النسّابة، وعماده معرفة أنساب العشائر والبطون والأفخاذ، ثم العائلات وأجبابها؟ وماذا تفيد هذه المعرفة، وهي لم تستتبع جهوداً تنموية طوال السنوات التي خدم فيها المرشح مسيرته الحزبية في شمال الوطن؟

الجبيليون خصوصاً، والشيعة تحديداً، وبسبب من واقعهم وموقعهم وتاريخهم يريدون ممثلاً من معاناتهم، ويشدّدون على تنمية حقيقية مفتقدة، لتكون عبر مؤسسات الدولة! وإن كان الله تعالى قيّض لبعض المناطق من يرفع صوتها، فجبيل محرومة من ذلك، لأنها لا تدخل على خطّ التوتر الإقليمي، ولا على خط الإنتاج النفطي، وهي غير مدرجة على برامج المؤسسات الدولية والمجتمع المدني التنموية، وتأكلها الخيبة.

وفي عودة إلى تاريخ الاستدعاءات الخارجية للمرشحين من خارج جبيل وقضائها، نجد أن الترشيح كان يقوم على اعتبار المنطقة “فراطة” في تعاملات السوق، حيث التبادلات قائمة على قاعدة الأحجام السياسية “الوطنية”، فيكون المقعد الجبيلي ثمناً لتسويات خارج النطاق، سواء في الجنوب أو البقاع، أو يكون “رضوة وجبراً للخاطر” لبعض المرشّحين المحظوظين والمتنفّذين.

وقد شهدت جبيل ـ بخلاف الكثير من الدوائر ـ ترشيحات من خارجها بسبب “استوطاية حيطها”، كما حصل مع الحقوقي محسن سليم ما قبل الحرب الأهلية اللبنانية، والقومي السوري أحمد عمّار عام 1992، والناشط الإشكالي رامي علّيق، وآخرهم الشيخ حسين زعيتر الذي يتكّئ على دعم أحد أقوى الأحزاب اللبنانية إن لم يكن الأقوى. وفي كلّ مرّة، كان السؤال يطرح لدى أبناء المنطقة حول الهدف من هذه الترشيحات، فهل انعدم المرشحون من أبناء المنطقة؟ ولم لا تنقلب الآية ونرسل من أبناء المنطقة من يترشّح في دوائر البقاع أو النبطية والجنوب؟

ويزيد البعض في رفض ترشيح الشيخ زعيتر باستحضار القواعد التي أرساها المرشّح زعيتر، بصفته مسؤولاً تنظيمياً في منطقة جبل لبنان، في الانتخابات البلدية الفائتة، حين كرّس رئاسة البلديات للعائلات الكبرى، بغض النظر عن مجموع العائلات الأخرى، وعن مؤهلات محظوظي التزكية، فيقولون: “لمَ لا يكون ترشيح زعيتر في ساحل المتن الجنوبي حيث يُقيم، أو يكون الترشيح لكبرى العائلات في بلاد جبيل؟”.

إشارة إلى أن استدعاء مرشّحين إلى غير مناطقهم لا ينال غير الإساءة إلى أبناء المنطقة، ويكرّس هزالة الصفة التمثيليّة للنائب الذي تنتخبه القوة المالية والأطر الحزبية، بغض النظر عن عموم المواطنين، إن كان المرشّح من غير الزعامات. وليست نيابة زحلة مع ابن البقاع الشماليّ عقاب صقر، ونيابة طرابلس مع ابن البترون سامر سعادة، إلا تأكيداً للقول المعتمد، فيما نيابة الرفيق إلياس عطا الله ابن “اليسار الديمقراطي” فصل مستقلّ بذاته. لكن الأمر يختلف في حالات أخرى! فترشيح رئيس التيار الوطني الحرّ ميشال عون في كسروان كان تكريماً لكسروان باحتضانها زعيماً مسيحياً، وكان ترشيح رئيس تيار المستقبل رفيق الحريري تكريماً لأبناء بيروت من قبل رئيس الحزب السنيّ الأقوى… فهل ينقل زعيم شيعي ترشيحه إلى دائرة جبيل ـ كسروان على الرحب؟!

إقرأ ايضا: حزب الله وفارس سعيّد… والمقعد الشيعيّ ثالثهما

بالعودة إلى ترشيح الثنائي في منطقة جبيل – كسروان نجد أنّ التبريرات المساقة لم تُقنع جموع الجبيليين من كل الأطراف، في الوقت الذي تبدو فيه تعليقات المحازبين هابطة من عالم آخر، حيث الحديث عن الأمانة واسترخاص الدم وغير ذلك، وهي أحاديث عاطفية بعيدة كل البُعد عن السياسة وعالمها وناسها، في الوقت الذي تستمر الشكوى والأنّات والآهات طوال العام، جرّاء إهمال مزدوج تُمارسه أغلبية طائفية من جهة، وقوى حزبية من جهة أخرى، لتبقى المنطقة وأهلها نهباً لكلّ الهواجس والفشل الاجتماعي، ولا داعي لسرد جملة من مؤشرات التهميش وواقعه، سواء في المؤسسات الرسمية، ثم الشعبية…

السابق
لودريان في افتتاح مؤتمر «سيدر1»: لبنان بحاجة الى استثمارات مهمة لاعادة بناء البنى التحتية
التالي
الحريري: كلفة الكهرباء وصلت إلى مليار دولار حتى الـ2016