أزمة بواخر الكهرباء… هل تحلّها إدارة المناقصات؟

فاطمة غول
يعتبر استئجار البواخر او شراء الطاقة من المعامل العائمة الحل المؤقت والوحيد راهنا، علما ان المعدلات العالمية لتأمين الطاقة من البواخر لا تشكل اكثر من 2% من الطاقة المنتجة عالميا بينما تصل في لبنان الى 20% ويرجح ان تصل الى 50% في حال استئجار الباخرتين الجديدتين.

“لم يقل أحد أنّ لبنان مجبر على اعتماد البواخر لكن لم يقدّم أحد خياراً بديلاً وأنا لا أسوّق لهذا الخيار انا مضطر ان اصارح اللبنانيين بالحقيقة لانني وعدتهم ان اكون صادقاً معهم، كل النقاش في كل مرة لا يؤدي الى نتيجة.. انا اريد تأمين الكهرباء للناس “ومش فارقة معي كيف.. فجيبوها”،بهذا الكلام توجه رئيس الجمهورية ميشال عون الى الوزراء في جلسة بعبدا امس الثلاثاء، موقف مشابه اطلقه رئيس الحكومة سعد الحريري طالبا من وزير الطاقة توزيع تقريره على الوزراء تمهيدا لتحديد جلسة خاصة للبت بملف الكهرباء ، مضيفا:”اذا كانت لدى الوزراء حلول او مقترحات عملية فليرسلوها الي لدرسها خلال الجلسة الخاصة بملف الكهرباء.

وكان كل من وزراء حزب الله وحركة امل والقوات والقومي والمردة رفضوا تمرير ملف البواخر الا عبر ادارة المناقصات اضف الى مشكلة اخرى من الجدوى الاقتصادية برزت في الدراسة المقدمة.

اقرأ أيضاً: كيفية يتم توليد الكهرباء عن طريق المغناطيس

فما هي اشكالية هذه الدراسة؟

أُطلقت خطة البواخر تحت ما يُسمى “الخطة الإنقاذية لقطاع الكهرباء”، والتي رفعها مسبقًا وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل إلى مجلس الوزراء عام 2017، والتي تقضي بأن يستأجر لبنان باخرتين إضافيتين بقدرة 470 ميغاوات للأولى، و 420 ميغاوات للثانية، ومدّة العقد محدّدة لخمس سنوات، أما كلفة استئجار الباخرتين وبكلفة إجمالية تصل إلى 850 مليون دولار سنوياً، تضافان إلى الباخرتين الحاليتين بقدرة 370 ميغاوات واللتين تزيد كلفتهما لمدة ثلاث سنوات على 400 مليون دولار، علمًا أن لبنان يستأجر حالياً باخرتي كهرباء هما «فاطمة غول» و«أورهان بيه» من الشركة التركية “كارباورشيب”.

يبدو أن معظم الجهات السياسية عارضت خطة البواخر، ومن أسباب الإعتراض:

– مخالفة الخطة للأصول والقوانين، لأن الإجراء المتّبَع للإختيار والتلزيم كان غير قانوني، وبالتالي أدى إلى توقيف صفقة الإنتاج المؤقت لأنها لم تجرِ حسب الأصول.

– حصر صفقة الإستئجار بشركة واحدة، ما يعني أن الإجراء المتّبَع غير تنافسي، ويثير الكثير من الشكوك حول أهداف الخطة.

– عدم تعديل دفتر الشروط وفقًا للملاحظات التي قُدمت في مجلس الوزراء.

– إعتبار أن الخطة تدخل ضمن مجال السمسرة وليس الإصلاح.

سنة ونصف مضت على ازمة البواخر، لم يقدم خلالها اي من الحلول وكان الاجدى المباشرة ببناء معامل انتاج تساهم في تأمين الطاقة وخفض العجز التراكمي تمهيدا لخفض الفاتورة الاجمالية، وبذلك تكون الجدوى على المدى البعيد اكثر نفعا واقل ضررا على خزينة الدولة.

عجاقة: التعطيل سياسي

فهل يتحول المؤقت الى مستدام؟ وما هو رأي الخبراء؟

الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة قدم لـ”جنوبية” مقاربة اقتصادية حول هذا الملف عارضا وجهة نظره، فماذا يقول؟

“تشكل الكهرباء عصب الاقتصاد في الدول الحديثة حيث يتم استخدام مؤشر الكهرباء لمعرفة مستوى الاقتصاد ومدى تطوره من خلال مثالين ساقدمهما الاول في فرنسا حيث لا يعقل ان تقطع الكهرباء حتى في اسوأ الظروف المناخية (عواصف او كوارث طبيعية) في المقابل دولة مثل باكستان لديها سلاح نووي تقطع في عاصمتها الكهرباء لعدم قدرة الدولة على تأمين الطاقة المطلوبة هذه المفارقة دليل ومؤشر على تراجع الاقتصاد في باكستان وتقدمه في فرنسا نتيجة توفر عنصر اساسي من الطاقة هو الكهرباء”.

وتابع عجاقة “اما في لبنان نحن نعوض نقص الكهرباء من خلال المولدات هذا بالنسبة للمواطن العادي اما المؤسسات والشركات الكبرى فلديها مولداتها الخاصة، بالطبع هذا الامر يرتب كلفة اضافية على المواطن اللبناني سنويا، في حساب تقريبي كالتالي:

-750 مليون دولار كلفة المولدات، ومليار ونصف كفاتورة كهرباء، في حين يتكبد المواطن كلفة غير منطقية تتراوح بين مليار ونصف و2 مليار دولار لمؤسسة كهرباء لبنان تدفع كعجز ومديونية، وحتى لو تم بناء معامل لانتاج الكهرباء فلن تتراجع الكلفة الاضافية وبذلك نكون امام كلفة اجمالية تبلغ 4 مليار و250 مليون دولار”.

ولفت عجاقة الى ان “المولدات تؤمن حاليا نصف حاجة المواطن من الكهرباء اما في حالة تغذيتها الكاملة فستكون الكلفة مليار ونصف هذا وتشير معلومات حكومية الى ان المولدات تأخذ مبالغ اكبر ولا تلتزم بتسعيرة موحدة كما ان بناء المعامل يستغرق وقتا طويلا باعتراف الجميع”.

ما هي الحلول وما مدى جدواها وهل هناك امكانية لتنفيذها؟

“حتى لو تم بناء معامل الانتاج فالخسارة لا تزال واقعة” يقول عجاقة “ومن ناحية اخرى، بواخر الكهرباء اعتمدت كحل مؤقت ومن الممكن ان تستمر وتصبح حلا ابديا، اضف انها تواجه حاليا مشكلة التعطيل بقرار سياسي وكلنا نتذكر معمل دير عمار الذي توقف نتيجة مشكلة الضريبة على القيمة المضافة”.

منيّر: مشروع البواخر صفقة سياسية بامتياز

اكد المحلل السياسي جوني منيّر لـ” جنوبية” ان “ان استئجار البواخر لاستجرار الكهرباء هو حل مؤقت الا انه يمثل صفقة سياسية بامتياز، وقد رفض المشروع لثلاث مرات من قبل دائرة المناقصات اضف الى الارقام المشبوهة التي تعتمدها، اذا هناك مشكلتين تواجهها صفقة البواخر، الاولى عدم شفافيتها والتزامها بالقانون لعدم مرورها في دائرة المناقصات، والثانية عدم جدواها لناحية تكلفتها المرتفع”.

من جهة اخرى، قال منير ان “العام الماضي كان هناك استعجال لانهاء الملف قبل موسم الصيف، وبعدها سكوت تام، وايضا كان هناك استعجال وضرورة لوضع الموضوع على سكة الحل قبل مؤتمر”سيدر 2″ ولكن المدعي العام المالي وضع يده عليه وجمد كل شيء، واضاف ” ارى ان هناك اعذارا واهية في حين انه خلال السنة ونصف لم يتم طرح اي حل على هذا الصعيد وهنا تطرح علامات استفهام كثيرة والان كل الفرقاء السياسيين يعارضون باستثناء التيار الوطني الحر والمستقبل فإما صفقة البواخر واما الجدوى والدخول في دائرة المناقصات”.

بانتظار ما ستؤول اليه جلسة مجلس الوزراء والمقررات المنتظرة بشأن هذا الملف، فان الانقسام يبقى سيّد الموقف في ظل تغليب وجهة النظر المدعومة من حزب الله والقوات اللبنانية والتي تقضي بعرض صفقة البواخر على ادارة المناقصات من أجل قطع دابر الخلاف حول هذا الملف بشكل نهائي.

السابق
كاهن كنيسة في زنازين فرع فلسطين؟
التالي
اللوائح تشكّلت والقانون النسبي يرجّح كفّة «حزب الله» وحلفائه