إغلاق المجال الجوي السوري: فقاعة روسية اعلامية!

يدرس مجلس الدوما الروسي اقتراح قرار يقضي بإغلاق المجال الجوي السوري امام الطائرات الاميركية، عشية فوز بوتين بولاية رابعة، بعد تصريح سابق لمسؤول روسي بأن "تصرفات الولايات المتحدة وشركائها في سوريا يمكن أن تؤدي إلى تدهور الوضع في هذا البلد، وهذا يرتبط بإمكانية توسيع روسيا لمجموعاتها الحربية في سوريا".

مفاعيل هذا القرار والسيناريو المتخيل يخلق جملة من التوقعات تتخطى الواقع السياسي والعسكري الميداني القائم في ظل المعادلة الدولية والاقليمية المتأرجحة بين المصالح والتوازنات من جهة واستمرار استنزاف الاطراف بعضها لبعض، في ما يشبه لعبة عض الاصابع قبل الدخول الى عالم التسويات الكبرى. ومشروع القرار الروسي بالتفرد بالمدار الجوي السوري يرتبط بجملة تطورات ابرزها عدم قدرة سلاح الجو الروسي لجم التصعيد الاميركي ورسائله التحذيرية للنظام السوري، بل وعدم القدرة على مواجهته وهو بمثابة هروب للأمام .

فهل تدخل دراسة هذا القرار في مربع المزايدات الروسية واستعراض القوة، ام هي اختبار لردود الفعل الاميركية؟

الخبير في الشؤون الدولية الدكتور خالد العزي قال لـ” جنوبية” ان “الهدف من تزايد الاصوات المتطرفة قوميا في روسيا يعود الى عدم قدرتهم على تسجيل أي نصر قبل الانتخابات، ولكن الحديث عن اقفال المجال الجوي الروسي يعني الدخول في حرب روسية-اميركية بعيدة المدى”.

اقرأ أيضاً: مبايعة بوتين لولاية رابعة في روسيا والمعارضة تتهم…

جملة محاذير وتداعيات تحول دون اقدام روسيا على تنفيذ قرارها وربما سيبقى قيد الدراسة والتحليل، والسبب بحسب العزي:” ان روسيا ليست الدولة الوحيدة صاحبة القرار في سوريا، وهي عندما تقفل الفضاء السوري امام الطائرات الاميركية سوف يؤدي الى اقفال كل المنافذ البحرية والبرية في وجهها، ومن يقترح هذا القرار اشبه ما يكون مقيما في عالم منعزل، كما ان هذا القرار لا يتخذ في مجلس الدوما وهو مجرد صورة لتطبيق القرارات التي يتخذها الرئيس بوتين، اضف الى ان القوة العسكرية والثقل السياسي الاميركي يتخطى قدرة الروس على المواجهة، وهم دخلوا الى سوريا عن طريق الاميركيين الذين سمحوا لهم بذلك”.

من جهة اخرى، اشار العزي الى ان ” التاريخ الروسي العسكري اثبت انهم يخشون القتال، فلا يدخلون في مواجهات عسكرية مباشرة، وهذا يدفعهم الى اعتماد سياسة الارض المحروقة وليس المواجهة العسكرية. ففي الغوطة مثلا لم يتمكنوا من الدخول الى مناطق جيش الاسلام وهم يعرفون انها مناطق سكنية وتستدعي قتال شوارع، وما قاموا به فقط هو تقطيع الغوطة والسيطرة على مناطق زراعية والحديث عن استيلائهم على 70% منها يدخل في باب الاستعراض والانتصار الاعلامي فقط”.

ولفت العزي الى ” ان بوتين عشية انتخابه اعلن تقليص الميزانية الخاصة بالترسانة العسكرية وهذا يعني ان الروس ليس باستطاعتهم مواكبة التطور العسكري والتكنولوجي في ظل الازمة الاقتصادية والمالية والحصار المفروض عليها، وهي تواجه اليوم صراعا مع العالم كله ولم يبق لها حليف الا القليل من الانظمة التي تشبهها وتعيش حالة هستيرية على غرارها، فالموقف الاوروبي اليوم يتجه نحو “عدم السكوت” لروسيا خاصة بعد اغتيال العميل الروسي السابق في بريطانيا، ولم يعد يُسمح لبوتين بالتمادي في سياسة الغطرسة كما فعل في القرم وجورجيا وسوريا، وقد اعلن الغرب تخليه عن سياسة الاحتواء التي يعتمدها معه وقد لاحظنا في العام 2013 عندما تحركت الاساطيل الاميركية لضرب سوريا سارع بوتين الى تسليم الاسلحة الكيميائية، اضف الى عدم رده على أي غارة اميركية منها قصف مطار الشعيرات على سبيل المثال والسكوت الروسي المدوي”.

الخلاصة، ونتيجة ممّا تقدّم، يُظهر ان الاعلان الروسي حول اغلاق المجال الجوي السوري بوجه طائرات التحاف الذي تقوده اميركا ليس سوى فقاعة استعراضية للاستهلاك الاعلامي، تحتاجها روسيا بعد ان استنفذت وسائل الضغط العسكري على الساحة السورية.

السابق
الوليد بن طلال: علاقتي بالأمير محمد بن سلمان أصبحت أقوى!
التالي
بالصور.. تشكيل جيولوجي نادر في جزيرة «كليفت» الأسترالية!