العلاقة بين عين الحلوة ومحيطه: علاقات تجارية ومصاهرة

ماجد حمتو
قد لا تختلف علاقة مخيم عين الحلوة بمحيطه عن باقي المخيمات الفلسطينية الموجودة على الأراضي اللبنانية من حيث الوضع الرسمي والقانوني . فمعظم المخيمات التي أنشأت في لبنان منذ نكبة الـ48 تساوت رسمياً.

المخيمات كانت بعيدة نسبياً عن أماكن سكن المواطنين اللبنانيين. ولكن مع التمدد العمراني نتيجة إزدياد عدد السكان من اللبنانيين أصبحت بعض المخيمات ومنها مخيم عين الحلوة الذي أنشأته وكالة الأونروا على مساحة 1كيلو متر مربع إستأجرته وكالة الأونروا ويضم الآن أكثر من مئة ألف نسمة؟ (لم يلحظ أحد إزدياد عدد سكانه) على تماس مع المواطنين اللبنانيين الذين سكنوا لاحقاً في بنايات التعمير التي أنشأتها مصلحة التعمير لإيواء العائلات التي تضررت أو خسرت منازلها جراء الزلزال الذي ضرب لبنان و صيدا وتضررت المباني في البلد القديمة سنة 1956. لكن ذلك يجب أن لا ينسينا أن عدد من العائلات الفلسطينية قد سكنوا منذ مجيئهم من فلسطين في البلد القديمة عند أقارب لهم أو أصدقاء مما ساهم بنشؤ علاقة مميزة خاصة أن الأخوة الفلسطينيين كانوا يتمتعون بييد عاملة ماهرة في مختلف الأعمال والمهن وخاصة في قطاعات الزراعة والبناء والصيد.. وغيرها. ساهمت ألى حد بعيد بإزدهار هذه المهن وكذلك الوضع الإقتصادي في المدينة، فقد كان مخيم عين الحلوة يعتبر الخزان البشري لليد العاملة الماهرة في المدينة والجوار وكذلك المخيم بسوقه الشعبي شكل متنفساً له ولمحيطه بتوفر كل أنواع المواد الغذائية واللحوم والأسماك ورخص أسعارها.

اقرأ أيضاً: ماذا يريد الفلسطينيون من لبنان الرسمي والشعبي؟

كذلك على المستوى الإجتماعي وعلى الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها أهل المخيم فقد نشأت علاقة مودة وروابط أسرية من خلال المصاهرات بين العائلات اللبنانية والفلسطينية خاصةً أن هذه العائلات تربطهما عادات وتقاليد ومعتقدات متشابهة مما سهل عملية الإختلاط والتواصل بيسر وسهولة عززها أكثر ذلك الشعور بالتضامن مع الشعب الفلسطيني الذين سلبت أرضهم بقرار دولي إبان فترة الإنتداب البريطاني على فلسطين وكرس لاحقاً الإحتلال الصهيوني من خلال وعد بلفور المشؤم الذي نعيش اليوم تداعياته المئوية ، ولا زال العالم بأسره شاهداً على أكبر وأطول إحتلال في التاريخ من قبل كيان فاشي وعنصري لا يقيم وزناً ولا إحتراماً لكل الإتفاقات والقرارات الدولية التي تدينه.

شؤون 166

وبالعودة لموضوعنا الرئيسي حول علاقة مخيم عين الحلوة بمحيطه، فلا بد من الإشارة أن هذه العلاقة تتسم بكل فترة بطبيعة المرحلة والظروف التي تمر بها المنطقة ويتأثر بها لبنان وشعبه والمقيمين على أرضه. ولأن صيدا وفعالياتها وقياداتها الوطنية كانت ومازالت محطة للعمل الوطني والقومي وساهمت بدعم العمل الفدائي والمقاومة الفلسطينية. فإنه يسجل لمخيم عين الحلوة مقاومته الباسلة أثناء الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وإستقباله للنازحين من أهلنا في الجنوب عام 2006.

إن العلاقة اللبنانية الفلسطينية وتحديداً في منطقة صيدا هي علاقة نضالية كفاحية يومية تعمدت بدم الشهداء في كثير من المواقع المشتركة دفاعاً عن لبنان والقضية الفلسطينية، لكن هذا لم يمنع من وجود توترات بين الحين والآخر خاصة عندما تحصل بعض الإشتباكات وأعمال العنف داخل المخيم وتصل تداعياتها إلى محيطه وتهدد الناس بسلامتهم وأرزاقهم وقوتهم اليومي . مما يتطلب العمل بإستمرار على تحصين هذه العلاقة بين المخيم والمحيط.

اقرأ أيضاً: من مخيم عين الحلوة الى أوروبا: عندما يتحول حلم الهجرة الى كابوس..

كذلك على المستوى الرسمي إعادة النظر بالعلاقة مع المخيمات الفلسطينية وإعطاء البعد الإجتماعي والإنساني الحيز الرئيسي وذلك بإرساء الحقوق المدنية التي أقرتها الإتفاقات والمواثيق الدولية وهي حتماً لا تتعارض مع مصلحة لبنان وقوانينه، لا بل قد تشكل جزءً من منعته وتقدمه في مجال تطبيقه للحقوق مثل إعادة حق التملك للفلسطينيين وحق العمل بأبعاده الإنسانية والإجتماعية.

تعزيز دور وكالة الأونروا التي أنشئت من أجل مساعدة الشعب الفلسطيني إلى حين العودة إلى أرضه والحفاظ عليها، وتفعيل دور المؤسسات الفلسطينية بالإستفادة من القدرات والكفاءات العالية التي يتمتع بها الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات التنموية والصحية والإجتماعية والإقتصادية والتربوية.

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية” العدد 166 شتاء 2018)

السابق
لقاء «سيدة الجبل»: قرار الثنائي الحزبي الشيعي ينسف ميثاق العيش المشترك
التالي
النائب أنور الخليل يطالب باسيل بالاستقالة