دائرة صيدا – جزين: معركة تصفية الحساب بين برّي وعون

الانتخابات
لعلّ حدّة المواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية في الآونة الأخيرة تعطي صورة واضحة عن المعركة الإنتخابية في دائرة صيدا – جزين المدمجة بفعل القانون النسبي العجائبي ما صعّب المعركة وحمى المنافسة وأحرج المعنيين بها نظراً إلى تداخل القوى المؤثرة فيها.

تحظى هذه الدائرة اليوم بإهتمام بالغ سيما لجهة التحالفات وقسمة المقاعد النيابية بفعل القانون النسبي الذي سيغيّر حتما النتائج والتحالفات في تلك الدائرة عن إنتخابات 2009 (التي جرت على أساس القانون الأكثري) ومن جهة ثانية لجهة المعارك الضارية بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس نبيه برّي الذي حتما سيكون له وجها إنتخابيا خصوصا في دائرة صيدا – جزين المتنوّعة مذهبيا وسياسيا، إذ تتضمن خمسة مقاعد: اثنان للموارنة واثنان للسنّة ومقعد واحد كاثوليكي.

اقرأ أيضاً: تحالف السلطة الشيعية جنوبا يقابله حراك اعتراضي بعناوين يسارية وتقليدية ومستقلة (1)

أما القوى السياسية فتتوزّع بنسب متفاوتة: «تيار المستقبل»، «التيار الوطني الحر»، «التنظيم الشعبي الناصري»، حركة «أمل»، «حزب الله»، «الجماعة الإسلامية»، «القوات اللبنانية»، «تيار عازار».

وهو ما يشير إلى أن الحسابات معقدة، والمعركة الانتخابية ستكون طاحنة. لكن إحدى أهم المعارك ستكون على المقعد الماروني الثاني في جزّين في «كباش» بين عون وبرّي.

وعلى ضوء هذه المشهدية يبدو أن الجميع سيكون محرجا، فالعونيون سيكونوا محرجون أمام حليفهم أسامة سعد. و”حزب الله” سيكون محرجاً مع العونيين إذا تحالفوا مع آل الحريري، وحركة أمل ستكون محرجة مع ابراهيم عازار إذا تحالف أسامة سعد مع حزب الله والعونيين، والمستقبل سيكون محرجاً أمام القوات اللبنانية في حال لم يجري توافق مع التيار الوطني.

مصدر متابع لـ “جنوبية” جزم أن هذه الدائرة ستشهد أكثر المعارك الإنتخابية سخونة من بين الدوائر الخمس عشرة، لعدّة إعتبارات أوّلا كونها تضمّ باقة كبيرة من القوى السياسية على إختلافها. عدا عن أن هذه المعركة سيكون لها طَعِم ثاني بين الرئيسين بري وعون خصوصا بعد إنتخابات 2009 حين تمّ إنتزاع المقاعد الثلاث من الثنائي الشيعي وآنذاك قال التيار الوطني حرفيا “حررنا الجنوب”، ولا شك هذا الجمر بقي تحت الرماد بين التيار وأمل.

وفيما يتعلّق بالتحالفات سنشهد ما يقارب الأربع لوائح على أن تضم:

اللائحة الأولى: تيار المستقبل – التيار الوطني الحرّ.

اللائحة الثانية: تنظيم الشعبي الناصري (أسامة سعد) وإبراهيم عازار إضافة إلى مرشح كاثوليكي ثالث في جزين.

اللائحة الثالثة: القوات اللبنانية مع الجماعة الإسلامية التي على الأرجح رشحت بسام حمود وعجاج حداد عن القوات.

اللائحة الرابعة: كلام عن ترشيح الكتائب اللبنانية نجل النائب السابق إدمون رزق لكن الأمر غير محسوم حتى الساعة.

وخلاصة المشهد كان هناك نية لدى التيار الوطني بترك المقعد السنّي الثاني في صيدا شاغر على أن تترشح النائب بهية الحريري بمفردها لضمان مقعد وذلك للإلتفاف على أصوات الشيعة في جبل الريحان. وهو الأمر الذي يثبت فيه أسامة سعد كنائب لخدمة “حزب الله” المتمسك بسعد فلا يعد التيار الوطني محرجا وهو الأمر المستبعد. لكنّ في هذه الحالة وبحسب القانون النسبي والصوت التفضيلي، الأصوات الشيعي لـ “حزب الله” لا تستطيع التصويت للنائب الحريري خصوصا أن المستقبل جزم أنه لن يتعاون ولن يتحالف مع الحزب فلا يستطيع بالتالي الحصول على أصوات الأخير.

وهذه النقطة يستند عليها الرئيس برّي بحسب المصدر لجهة أن مجموع الأصوات الشيعية ستصب لمصلحة إبراهيم عازار وبالتالي “حزب الله” لن يستطيع إعطاء أصوات أنصاره للتيار الوطني لأنه متمسك بأسامة سعد خصوصا أنّه يعني الكثير للحزب فأولا هو شخصية سنية ـ ثانيا من بوابة الجنوب وثالثا سيكون هناك صوت أساسي لمصلحة المقاومة لذا سيصب كل جهده لدعمه كما أن الأمر نفسه ينطبق على برّي.

أما الرئيس فؤاد السنيورة فلم يحسم بعد ترشحه، فتيار المستقبل منقسم إلى وجهتان نظر الأولى تقول أن هذا الرجل سيلحق بنا الخسارة، أما الثانية فتعتبر ان ترشيحه تحدٍّ مهم سيما أنّه أحد الصقور.

ويرى المصدر أن الأصوات التفضيلية للشيعة في صيدا ستختار بأغلبيتها أسامة سعد، كما أنه سيحصد أصوات مسيحية كثيرة في صيدا.

وفيما يتعلّق بالجماعة الإسلامية فهي ستشارك حتما في المعركة بهذه الدائرة، خصوصا أن المستقبل يخوض معركة مع الجماعة في جميع الدوائر. فلا تحالف بينهما في بيروت وبالتأكيد سيكون هناك تنافس ومعركة بينهما  في صيدا البقاع الغربي كما طرابلس وعكار صولاً إلى صيدا – جزين.

أما بالنسبة للتيار الوطني فالواضح أنه ليس فريقا متماسكا لإدارة المعركة جزين، بدليل هذا الخلاف المستفحل بين النائبين زياد أسود وبين أمل أبو زيد ففي حال أجبرا أن يكونا مع بعضهما على نفس اللائحة إضافة إلى جاد صويا،فلن يكونوا فريقا متماسكا إذ كل منهما سيسعى للحصول على الصوت التفضيلي له. والقرار الأخير يعود لمكينة التيار والوزير جبران باسيل  الذي سيجبرهم على أن يكونوا ضمن لائحة واحدة. علما أن العلاقة بين باسيل وأسود تحسّنت في الآونة الأخيرة، ولكن لا يزال الأخير لديه ملاحظات على هذه العملية لإعتباره أنه هو من يجب تسمية الكاثوليكي والماروني الآخر في اللائحة. وبحسب المصدر فإن أمل يحظى بحضور وثقة أكبر لدى رئيس التيار ، أما العلاقة بين باسيل و أسود لم تسوَّ بشكلّ كامل.

هذا فضلا على أن العلاقة بين النائبين زياد أسود وبهية الحريري فاترة لكن المصيبة الإنتخابية جمعت جزين وصيدا ما يجبر “التيار المستقبل” و”التيار الوطني” على التحالف.

اقرأ أيضاً: قانون النسبية يغربل التحالفات في دوائر الجنوب الثلاث (2)

هذا التشتت الحاصل بين التيار في جزين يعكس أنه فريق غير متوحد وهو ما يخدم الآخرين، ما قد يؤدي إلى خسارة التيار مقعد ماروني ، فضلا عن خسارة مقعد سني في صيدا. ويشير المصدر في حال إستمر الوضع على هذه الحالة ستنعكس سلبا عليهم وسيستفيد منها الفريق الآخر المتمثل بإبراهيم عازار وأسامة سعد على أن يكون المرشح الكاثوليكي الذي لم يكشف بعد عن إسمه معهم.

أهمية دائرة صيدا – جزين تختصر بأن الرئيس برّي يولي إهتماما كبيرا ومتابعة شديدة، فصحيح أنه يتابع جميع الدوائر الإنتخابية إلا أن جزين تأخذ مساحة كبيرة من إهتماماته. وهذا الأمر سيزيد في الأيام المقبلة وكل ما إقترب موعد الإنتخابات. وكشف المصدر أن الرئيس برّي سيشدد على “حزب الله” أن يكون بصفّه في المعركة لعدم “حرق” مرشحه عازار، فلا فوزا كاملا لمقاعد جزين ولا خسارة للوائح المنافسة، وكله بفضل القانون النسبي.

السابق
منقَّبة تستعرض في كرة القدم… كما المحترفين!
التالي
الجميل: تحرّكنا دفع السّلطة الى تنظيف الشاطئ اللبناني من النفايات