الهرمل مدينة الشهداء: خزّان خالٍ من كل مقومات الحياة!

في اليوم العاشر من محرم سار عدد كبير من الاطفال في مدينة الهرمل حاملين صور آبائهم الشهداء الشباب، في مشهد يدمي القلب. فمن يتحمّل وزر هؤلاء الشهداء الذين بأكثريتهم من الكفاءات الاكاديمية والمهنية؟

تقع مدينة الهرمل في القسم الشمالي الشرقي من لبنان، تبعد عن القدس 380 كلم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 90  ألف نسمة. ورغم المسافات الا انها كانت ولا زالت قريبة ذهنيا وواقعيا من القدس. حيث في كل مواجهة مع العدو الاسرائيلي كان للهرمل شهدائها.

“في إحدى المرات شُيع في يوم القدس في بعلبك أكثر من عشرة شهداء كانوا استشهدوا في المواجهات، في البقاع الغربي”. بحسب الصحفي ابن الهرمل أمير قانصو.

ويتابع بالقول “في 25 أيار2000 تقدمنا الى الأمام، وبتنا الى القدس أقرب، وفي تموز2006، لم يبقَ حول القدس إلا كيان هزيل أشبه ببيت العنكبوت”. والى اليوم لا زال اهالي الهرمل يقدّمون الشهداء الواحد تلو الاخر، لدرجة انها سميت بـ”مدينة الشهداء”.

لكن مع هذا لا نائب من الهرمل سوى المحامي نوار الساحلي، اضافة الى تسعة نواب آخرين عن محافظة بعلبك الهرمل، هم: حسين الموسوي، وحسين الحاج حسن، وعلي المقداد، وغازي زعيتر، وعاصم قانصو، وكامل الرفاعي، والوليد سكرية، وإميل رحمة. ومع هذا، الاهمال يضرب فيها، الا فيما يخص الشباب الذين يرتفع عددهم وبشكل ملفت في المعارك والحروب التي يخوضها حزب الله.

اقرأ أيضاً: أشرف الناس بلا كهرباء ومياه

ففي اتصال مع الاعلامية منى بليبل، ابنة مدينة الهرمل حول الوضع هناك، قالت لـ”جنوبية”: “الهرمل مهملة، لانه لا أحد يمثّل المدينة، عندنا حالة داخلية صعبة، فحتى مدرسة المبرات مديرها من خارج الهرمل، رغم كفاءة احدى السيدات المعروفات، ويبررون ذلك بعدم رضى العشائر عن تعيين امرأة”. وتتابع “وهذا غير صحيح. ففي كل مؤسسة تجد مديرها من غير ابناء المنطقة، رغم وجود الكفاءات”.

وترى بليبل ان “العمل خارج الإطار الحزبي لا يُقبل، فمن تم اختيارهم للعمل البلدي هم ممن لا خبرة مدنيّة، بل اصحاب فكر حزبي، ولا يعلمون عن الإنماء شيئا، ولا خبرة ولا معرفة الا في مجال الدعاية لحزبهم، وما يصيب الهرمل هو بسبب عدم الاخلاص للمدينة”.

اما “من يمثّل المنطقة في البرلمان فهم أتوا بسبب الدعاية السياسية”. وأكدت بليبل ان “العمل البلدي يحتاج الى الخبرات، فلا مشاريع في المنطقة. رغم وجود المقومات السياحية لانه لا رؤية عند المنتخبين، كونهم يهتمون بالسياسة فقط. والعنصر البلدي يجب ان يتم انتخابه بحسب الكفاءة”.

وعن دور المستقلين ترى أنه “رغم وجود جمعيات اهلية، لكن هذه الجمعيات ليست محل ثقة الناس، فلا نمط شغل لديهم، وهم غير أقوياء مع غياب البرنامج، من هنا ولدت مظلومية المدينة”.

اقرأ أيضاً: حينما ترفع بيئة أشرف الناس شعار: هيهات منا الذلة؟!

وعن دور الدولة تقول بليبل “الدولة تعتبر نفسها انها تؤدي عملها، وتقوم بواجبها، فالمدينة لا تزال مرتبطة بمحافظة بعلبك، وتفرّغ من طاقاتها وبطبيعة الحال لا تتم تغطية الكفاءات حيث يصطدمون بالمعيقات، فيهجرون المدينة”.

وتلفت بليبل الى انه “بسبب التركيز على الجنوب، خاصة في فترة الاحتلال والحالة الحزبية هناك يبدو وضع قرى الجنوب افضل.، اما في الهرمل فقد فرغت المدينة من  العمل، فتفرغ الشباب في الحزب لأجل الـ500 دولار، بناءا على مقولة “قليل دائم خير من كثير غير دائم”.

وتختم بالقول: “ورغم وجود اتحاد بلديات لكن لا حضور للكفاءة، بل لمن هو مطيع”.

ويرى أحد ابناء المنطقة رفض الكشف عن اسمه انه “رغم ان النائب نوار الساحلي يمتلك حيثية حزبية، الا اننا عمليّا لا نرى ايّ عمل له يهمّ الناس، فالمتعلمون مهمشون، وخاصة في البلدية”.

ولا تزال الاحزاب تفتخر بالكفاءات التي تدفن تحت التراب، مقابل قضية اقليمية وقودها الشباب المعبّأ طائفيا لخدمة أهدافهم السياسية.

السابق
بالفيديو: إشكال بين القوات وحزب الله في الجامعة اليسوعية
التالي
أسئلة حول استشهاد الإمام الحسين: من ينصره في عصرنا الحالي؟!