اللقيس: تعديل القانون 132 مصلحة وطنية

د. هيثم اللقيس
يحاول أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الدولية الدكتور هيثم لقيس، في هذه المقابلة تسليط الضوء على نقطة أساسية تتعلق بالعلاقة ما بين الدولة وبين الشركات المشغلة وغير المشغلة، وخصوصاً أن هذه النقطة تثير كثيراً من السجال بسبب تضارب النص ما بين قانون النفط الذي ينص على تقاسم الإنتاج وبين المرسوم 43 الذي ينص على تقاسم الأرباح.

يقول د. لقيس: قد يبدو الأمر غريباً، فقد أقر المرسوم 43 وملحقاته نظام استثمار لموارد النفط البحرية يعتمد في تعيين حصة الدولة من النفط المستخرج قاعدة تقاسم الربح الذي تعلن عنه الشركات بأنه تحقق في العملية الإنتاجية. وهكذا يكون المرسوم قد سلم أمر تعيين حصة الدولة من النفط المستخرج للإجراءات المحاسبية في الشركات الكبرى المستثمرة ومن دون أن يكون لها دور في إجراء هذه الحسابات وإعداد التقارير والبينات المتعلقة بها. (ملخص (د). الإجراءات المحاسبية والمالية) ذلك أن المرسوم 43 وملحقاته منع الدولة من عقد شراكة مع الشركات الكبرى المنتجة للنفط، وبالتالي حرمها من المشاركة الفعلية في الأنشطة البترولية والمحاسبية، وهو ما يحول دون معرفة الحسابات الحقيقية للشركات والإشراف المباشر عليها.

اقرأ أيضاً: هي فوضى

ويضيف: لذلك أرجح أن الجهة التي صاغت المرسوم وملحقاته والأطراف السلطوية في الحكومة التي أقرته، تعرف هذه الحقيقة، وتعرف، أيضاً أن وجود مواد قليلة تنص على مراقبته وتدقيق وتحقق وتقديم بيانات وتقارير وشهادة شركات محاسبة عالمية والجّرْد وزيارة المواقع، في المرسوم وملحقاته لا يكفي، ولا يحقق معرفة الحسابات الحقيقية للشركات حتى لو كان تطبيق هذه المواد على أفضل وجه وخلال التطبيق تكون الدولة في وضعية المتلقي لما أعدته الشركات بشكل جيد، وستبدو الدولة وكأنها فقدت دوراً من المفترض أن
يكون على نفس السوية مع دور الشركات، في الحقوق والإشراف والإدارة، إن لم يتقدم عليه، ونرجح أنه لن يسعها إلا أن توافق على ما تعده الشركات.
ويزيد لقيس: فالشركة تعد مادة اجتماع لجنة الإدارة الذي يحضره ممثل عن الوزير وممثل آخر عن هيئة إدارة قطاع البترول كمراقبين، والتدقيق والتفتيش والتفحص والتحقق في سجلات أعدها المشغل او صاحب الحق بكفاءة يقل نظيرها أنظر (مادة 16.6 و32.3 ملحق رقم(2) – 1.7، ص18، ملحق(د)).
والمشغل يعد “لائحة الحسابات الشاملة” والتقارير والبيانات الدورية نيابة عن أصحاب الحقوق ويقدمها إلى هيئة إدارة قطاع البترول (أنظر 6، ص50 – 56، ملحق (د) و1.3، أ، ص13) والمشغل وصاحب الحق تكلف شركة محاسبة مهنية عالمية مقبولة لتمنحهم شهادة تدقيق تقدم إلى هيئة إدارة قطاع النفط (أنظر 1.7، ص19 و6.6، ص55 ملحق (د))…. الخ وفي جميع هذه الحالات لا علاقة للدولة بأي من الأنشطة المتعلقة بها، وينحصر دورها وحسب، في أخذ العلم بالمعلومات التي تسمح بها الشركات العالمية المنتجة للنفط، ولابأس أن أشير إلى أن صحة هذه المعلومات تعتمد على فعل الضمير المهني لشركات، تاريخ الكثير منها كان نهبًا لثروات الكثير من الشعوب.
وهنا يوضح لقيس قائلاً: أن تطبيق المرسوم 43 وملحقاته في ما يخص حصة الدولة من النفط يضع البلد أمام مخاطر خسائر كبيرة في حال حصل تلاعب في الإجراءات المحاسبية والمالية خاصة في البنود المتعلقة بالتكاليف الرأسمالية والتشغيلة والإدارية، وإن إجراءات المراقبة والتدقيق… الخ تعجز عن حفظ وصون حقوقنا.

النفط

حق الدولة
إن حفظ وصون حق الدولة وتحقيق مصلحتنا يقضي بأن تقطع الدولة حصتها نسبة من الإنتاج، وليس من الأرباح، على أن تقارب هذه النسبة تلك النسب التي تستحوذ عليها سائر الدول المنتجة للنفط. هذا يعني أن حصة الدولة من الإنتاج تكون ثابتة، فلا تتأثر بحساب أرباح وخسائر الشركة الأجنبية المشغلة، ويمكن للدولة أن تراقب المقادير التي تستخرج من كل بئر يومياً.
ويتساءل د. لقيس: هل درست جيداً الأطراف السلطوية التي تتشكل منها الحكومة ونوابها ووزارؤها القوانين والمراسيم النفطية مع ملحقاتها؟ وهل قرأت بإمعان المقالات والمؤلفات التي نشرها خبراء واقتصاديين عن النفط، في لبنان وعن هذه القوانين والمراسيم؟ وهل درست بعض نماذج الاتفاقات المعقودة بين الدول النفطية والشركات العالمية المنتجة (على الأقل الدول المجاورة لنا والدول العربية)؟

غلاف شؤون جنوبية
وعند سؤاله عن نسبة الأتاوة يجيب لقيس: الأتاوة هي عائدات تستحق للدولة كنسبة مئوية من المواد البترولية المستخرجة، بصفتها مالكة الموارد البترولية، وتعويضاً لها (أي الدولة) عن نضوب ثروة طبيعية غير متجددة.
لقد نصت المادة 22 – ب على نسبة أتاوة مقدارها 4% من الغاز الطبيعي، كما نصت المادة 22 – أ على نسبة أتاوة يتراوح مقدارها بين 5 – 12% من النفط الخام. (ص81 – 82 ملحق رقم (2) نموذج اتفاقية الاستكشاف والإنتاج). وفي احتساب تغير معدل الأتاوة للنفط الخام بالعلاقة مع معدل الإنتاج اليومي نسبة يتراوح معدل الأتاوة بين 5% لمعدل إنتاج 15 ألف برميل في اليوم و8.1% لمعدل إنتاج 100 ألف برميل في اليوم وذلك وفقاً لجدول معدل الإنتاج اليومي في المادة 22 – ب. وتكون أتاوة الآلاف التي تزيد عن الـ100 ألف برميل 12%.

اقرأ أيضاً: هدرٌ وفساد في ملف النفط.. وشركات «غير مشغلة» تشرف على المحاصصة!

بالمقارنة مع البلدان المجاورة وسائر البلدان، فلقد حددت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1920 نسبة أتاوة تعادل 12% من الإنتاج المستخرج، ولقد نسبة الـ12.5% هي الأكثر انتشاراً في العالم وأخذت بها مصر وسوريا وتركيا…. الخ وينحو الاتجاه العام نحو اعتماد نسب أتاوة أعلى: الكويت تعتمد نسبة 15% أتاوة، وليبيا 16.6%. وأوزبكستان 18.75% والجزائر 20% وفنزويلا 30%. أيضاً تختم هذه النقطة بسؤال للأطراف التي تشكل الحكومة: لماذا التفريط بنسبة أتاوة 8.5% للغاز الطبيعي، ونسبة تتراوح بين 4.4 – 7.5% للنفط الخام؟
ويختم لقيس حديثه: أن تعديل القانون 132/2010 وإلغاء المرسوم 43 مع ملحقاته وإعادة صياغة مراسيم تطبيقية تعتمد شراكة الدولة عبرشركة نفط وطنية مع الشركة الأجنبية المنتجة على قاعدة “نظام تقاسم الإنتاج” وحفظ حق الدولة بنسبة الأتاوة المعتمدة عالمياً ضرورة ومصلحة وطنية عامة. هل تكون الأطراف السلطوية التي تشكل الحكومة على قدر هذه المسؤولية الوطنية؟

(هذه المادة نشرت في مجلة “شؤون جنوبية”، العدد 164 صيف 2017)

 

السابق
لاجئ فلسطيني يرد على فيرا يمين: هذه هي القدس
التالي
روحاني ردّاً على العقوبات: العين بالعين !