الإرهاب الإسلامي»… حقيقة أم اتهامات باطلة؟»

الارهاب الاسلامي هل هو حقيقة أم ان الاسلام يُظلم عندما تلصق به صفة الارهاب؟

يلاحظ العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين ان “الكلام عن الإرهاب الإسلامي يتزايد من قبل المحافل الغربية والمجتمع الغربي بصورة عامة، والحق أن الإرهاب موجود، ولكن نسبته الى الاسلام بسبب انه صادر عن مسلمين فيه مبالغه كبيرة، فالدين بصورة عامة والإسلام بصورة خاصة ليس هو المصدر الوحيد أو الأول لظاهرة الإرهاب الدولية، بدليل أن الإسلام كان قائماً قبل مرحلة الثمانينات من القرن الماضي ولكن لم يكن هناك ما يسمى بالإرهاب، أو الإرهاب الإسلامي”.

اقرأ أيضاً: السيد الامين: لا بدّ من التجديد في مقاصد الشريعة الاسلامية

وعن أسباب هذه الظاهرة وإدخال الدين لبوساً لها، يرى العلامة الأمين انها وجدت “بسبب غياب عناصر العدالة والتعاون، وعدم وقف الجشع الاقتصادي والتدخل السياسي الذي هو سمة بكل أسف من سمات الدول المتقدمة. فقد كان القرن التاسع عشر وجزء من القرن العشرين مصدراً لإرهاب أشد مما نراه حالياً وكانت أسبابه واضحة، أي أن الاستعمار لم يكن استعماراً بالمعنى الإعمار والإصلاح، بل بمعنى التحكّم بالشعوب وحرمانها من حقوقها بالاستقلال والتنمية، ومع ذلك لم تقم قيامة العالم على هذا الإرهاب الدولي”.

ويستدرك السيد الأمين بأن “الإرهاب أيضاً مصدره النظم السياسية التي تحكم العالم الإسلامي بمعظمه. إنه الظاهرة التي توجب مناخ العنف والإرهاب نتيجة لليأس والإحباط وانعدام مشاريع النمو والازدهار، واحترام حقوق الإنسان، وغياب العدالة الاجتماعية”.

ويتابع السيد الأمين “من هنا أرى أن من الطبيعي أن يلجأ الإرهاب هذه المرة إلى الدين وإلى قيمة المقدسة، باعتبار أن هذه الشعوب قد استهلكت كل أشكال الاعتراض والنهوض من أجل تحسين أوضاعها، ولكنها ظلت رغم ذلك متخلّفة لم تتذوق طعم العدالة والمساواة في اجتماعها السياسي والاقتصادي.إن الباعث النفسي للإرهاب وارتباطه بالدين، هو من الظواهر التي تتطلب تحليلاً عميقاً لهذه العلاقة، وفهماً مختلفاً عن الفهم السائد الذي يجعل من الدين مادة إرهاب والذي يقسم المسلمين إلى قسمين، قسم معتدل وقسم إرهابي، وتقام مؤتمرات من أجل البحث في تعزيز الإسلام المعتدل وكأن المسألة هي مسألة دينية فحسب. وإني لأشك، إن لم أكن أعتقد أن الاجتماع الغربي السياسي لا يجهل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تستولد الإرهاب، ولكنه يتجاهلها ويعزيها إلى التطرف الديني”.

ويردف السيد الأمين معززا وجهة نظره “ان المسألة في نظرنا يجب ان تبحث في الخلل الكبير وعدم التوازن بين حياة المجتمعات الغربية ومجتمعات العالم الثالث وأن حركة إصلاح ديني وإن كانت تشكل هماً أساسياً من همومنا كمفكرين ومثقفين، إلا اننا لا يمكن اعتبارها العنصر الوحيد لمكافحة انتشار ظاهرة الإرهاب والمبالغة في نسبة هذه الأعمال الإرهابية إلى الإسلام المتطرف.”

ويقرّ السيد الأمين قائلا ” نعم ينبغي أن تقوم نهضة إسلامية في عصرنا الراهن يعاد النظر فيها بكل الأصوليات والسلفيات التي تشكل مستنداً لظهور حركات التطرف والعنف شرط أن يكون مسار هذه النهضة متلائماً مع مسار نهضة عالمية، تكف عن تجاهل الأسباب الحقيقية للإرهاب وتدخل بصدق في تحليل العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تمكنت أن تشحن بعض المسلمين بعقيدة الإرهاب في أدبيات دين عندما نسترجع قيمة ورؤيته للآخر، فإننا لا نجد في هذا الإسلام أي عامل من عوامل العداء للآخر غير المسلم، بل هي دعوة واضحة للتكافل والتعاون وشعاره الأبرز هو الخطاب الإلهي بقوله تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم. فهل يوجد قيماً أسمى وأعلى من هذه القيمة في التوجه في الاجتماع البشري؟ ولكن ليسمح لنا بعض مؤسسات الغرب أنهم عبئاً يحاولون القضاء على الإرهاب من خلال المسألة الدينية فحسب، والعالم كله مأزوم وعلى المؤتمرات أن تبحث بصدق وشفافية أزمة هذا العالم ومصادر الإرهاب والعنف التي لا تتوقف عند عملية إرهابية هنا أو هناك، ثمة إذن أزمات مغيّبة عن الضوء ولا يراد بحثها، وهذا ما نحذّر منه لأنه سوف يعطي للحركات العنفية الإسلامية كما تحركات العنف من قبل شعوب العالم الثالث، مبرراً للمزيد من المضي في تعزيز انطلاق الدين كمهج للتغيير المنشود”.

اقرأ أيضاً: السيد الأمين عن نكبة فلسطين: هزيمتنا حضارية وليست عسكرية

وينهي السيد الأمين حديثه بقوله “مع علمنا أن سبب الإرهاب هي العوامل الآنفة الذكر، فإننا ندعو إلى التنوير الإسلامي، لأنه مع الأسف توجد تيارات جارفة ظلامية تقدم تفسيرها الخاص للإسلام، وهو تفسير ينحرف عن جوهر الإسلام ونحن تعمل على المستوى الفكري في إشاعة الدين المستنير والأصيل والذي لم يوجد إلا لتحقيق سعادة الكائن الإنساني، ولا بد أن يكون أحد عناصر التنوير هو الكفاح والنضال من أجل حرية الكائن الإنساني ومن أجل تحقيق العدالة ورفع الظلم عن الشعوب المضطهدة، وهذا كما تلاحظون هو جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان التي يعتمدها الجميع وتعتبر عنواناً لإصلاح الاجتماع الإنساني بأكمله.”

السابق
بالصور .. الإعلامية نضال شهاب تطلق موسوعتها السياحية المجانية
التالي
مصير أبو مالك التلّي… الهرب