كثيراً ما حذرت فرنسا من محاولة روسيا التدخل في إنتخاباتها، ففي آذار المنصرم حذر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت من تدخل روسيا في الإنتخابات عبر دعم مرشحين ومن بينهم المرشحة مارين لوبان اليمينية المتطرفة، التي تأهلت إلى الدورة الإنتخابية النهائية بنسبة أصوات بلغت 21% فيما حصل المرشح إيمانويل ماكرون على نسبة 23.9%.
وفي 7 أيار القادم، ستكون فرنسا على موعد مع الجولة الإنتخابية النهائية لتحديد رئيس قصر الإليزيه، ويتوقع المحللون أن تتحد القوى السياسية المعادية لليمين المتطرف لدعم المرشح اليساري إيمانويل ماكرون.
وقد أثارت الصحف الغربية جملة أسئلة عن سبب دعم فلادمير بوتين لماري لوبان، فقد إستقبل الأخير مرشحة “الجبهة الوطنية” اليمينية المتطرفة، وإستمر اللقاء بينهما لمدة ساعتين، وهو ما دفع وزير خارجية فرنسا جان إيرلوت إلى إتهام موسكو بالتدخل بانتخاباتهم.
إقرأ أيضاً: مدام لوبان… إنّه منديل أبيض وليس حجاباً
ماري لوبان كانت قد أعلنت مراراً وتكراراً عن تأييدها التقرب من روسيا، والتصالح معها من خلال خطة شاملة تبدأ برفع العقوبات الأوروبية عنها، وصولاً إلى الإنفتاح السياسي عليها. لذلك يرى المتخصص بالشأن الروسي خالد عزّي لـ”جنوبية”، ان بوتين دعم لوبان وسيستمر بدعمها عبر تبني دعايتها الإنتخابية عبر وسائل إعلام الكرملين، وكالة سبوتنيك، وقناة “روسيا اليوم”، فـ”بوتين يرى في لوبان، الحلم الذي يستطيع من خلاله تمزيق الإتحاد الأوروبي”، ويضيف عزّي أن ظاهرة لوبان في حال تطورت، قادرة على تفتيت اوروبا وتحويلها إلى كانتونات قومية.
إقرأ أيضاً: مارين لوبان تعمّدت استفزاز السياسيين والروحيين في لبنان
وبحسب عزّي فإن بوتين نجح في تفريغ المفهوم الذي تأسس عليه الإتحاد الأوروبي، ولعب على التناقضات، ويشعر عدد كبير من الأوروبيين بأن الحرب على الإرهاب إنطلاقاً من المنظور الروسي حقيقية، ويؤيدون بقاء بشار الأسد في السلطة السورية بالتزامن مع الترويج بأن اللاجئين هم مصدر الإرهاب، وبأن لا فائدة من حلف الناتو والذلك فإن بوتين يريد حشد المزيد من المواقف لدعم حربه في سوريا، ويريد توسيع دائرة نفوذه في أوروبا من خلال تقزيم الإتحاد الاوروبي.
ويشير العزّي إلى الدور الذي لعبته إيران أيضاً بدعم ماري لوبان، فقد أشارت تقارير عدة عن تلقيها دعماً مالياً من متمولين إيرانيين وروس، وتندرج العمليات الإرهابية التي عصفت فرنسا ضمن إطار دعم أفكار لوبان الإنعزالية.
أما عن إمكانية فوز لوبان، يقول العزّي بأنه لا يمكن توقع من سيفوز ولكن ما هو واضح، بأن روسيا نجحت في الترويج للخطاب اليميني في فرنسا، وقد نشاهد المزيد منه في الإنتخابات الألمانية القادمة، وأن الهدف من دعم بوتين للوجوه المتطرفة ليس بهدف إيصالهم إلى السلطة بقدر ما ان لديه حاجة بتحويلهم إلى قاعدة شعبية، بإمكانها أن تتطور وتكسب المزيد من التأييد في حال إستمر اليسار والليبرال الاوروبي بإنتهاج سياسات خاطئة.”