مارين لوبان تعمّدت استفزاز السياسيين والروحيين في لبنان

دار الفتوى
بقدر الإستغراب حيال تصرّف المرشحة الفرنسية مارين لوبان تجاه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بعدما رفضت تغطية رأسها، إلا أن المستغرب أكثر أن تقوم لوبان بزيارة مفتي إسلامي والقبول بشروط دار الإفتاء وهي المعروفة بمواقفها المتطرفة تجاه الإسلام.

منذ وصول المرشحة الفرنسية مارين لوبان إلى لبنان في زيارة ضمن جولاتها الرئاسية المكوكية، وهي تثير حالة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض، خاصة في ظل ما تحمله اليمينية المتطرفة من توجهات عدائية حيال العرب والمسلمين بصورة عامة، فضلاً عما تتبناه من مواقف سلبية تجاه القضايا العربية الراهنة.

اقرأ أيضاً: مدام لوبان… إنّه منديل أبيض وليس حجاباً

بداية مع تكرار دعمها للرئيس السوري بشار الأسد إذ صرحت بعد زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري أن الأسد “شكل اليوم حلا يدعو إلى الاطمئنان في سورية كما إلى الاطمئنان أكثر بالنسبة لفرنسا من تسلم تنظيم داعش الإرهابي أو أي من حلفائه للحكم في سورية”. وهو التصريح الذي لم يفهم مبتغاه سيما وأن موقف الحريري معروف بالنسبة للنظام السوري والأسد تحديدا. إذ تساءل المراقبون عن تعمد لوبان إدلاء هذا التصريح بعد لقاء الحريري وليس بعد لقائها برئيس الجمهورية ميشال عون وهو المعروف بتأييد بدعمه للأسد ونظامه.

واليوم تعمدت لوبان إثارة البلبلة حيث غادرت دار الفتوى من دون لقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، بعدما رفضت وضع الحجاب على رأسها كما هو متعارف عليه ، قائلة: “أنا التقيت شيخ الأزهر ولم أضع حجابًا ولن أرتديه الآن”. وقد صدر بيان عن المكتب الإعلامي في دار الفتوى أنه: “على الرغم من إبلاغ المرشحة الرئاسية عبر أحد مساعديها بالبروتوكول المعتمد. وعند حضورها، فوجئ المعنيون برفضها”.

وهو ما يطرح علامات إستفهام كبيرة حول نوايا المرشحة اليمينية من خلال هذ التصرف سيما أنها كانت قد أبلغت من قبل الدوائر المعنية في الدار مسبقا بهذا البرتوكول، وهو ما تلتزم به كل العاملات في السلك الديبلوماسي في لبنان، ومن بينهن ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة ستريغ كاغ، التي سبق لها أن زارت المفتي والتزمت بوضع الغطاء على رأسها. وهو ما يشير إلى أن لوبان تقصدت إفتعال هذه “الهمروجة” لتمييز زيارتها، خاصة أن مرشح الرئاسة الفرنسية ايمانويل ماكرون زار لبنان منذ قرابة الشهر دون أن يحدث أي فرق.

ومن الجانب الآخر، من يقرأ خطاب لوبان العنصري والمتطرف المعادي للاسلام والعرب لا يستغرب تصرفها بالنسبة لمفتي الجمهورية. سيما أنها تعد في حال وصولها إلى سدة الحكم، بتجميد جميع مشاريع بناء المساجد في فرنسا، وتوسيع قانون منع ارتداء الرموز الدينية في المدارس ليشمل الأماكن العامة، ومنع الحجاب وليس النقاب أو البرقع، فحسب.

كما وهي التي تدعو أيضا إلى منع ذبح الحيوانات وفق الشريعة الإسلامية، وبيع اللحم أو تقديمه في المطاعم على أنه “حلال”. وهو الأمر الذي جعل نجم زعيمة حزب الجبهة الوطنية المتطرف، يسطع في الفترة الأخيرة، لدرجة أنها أثارت قلق الأحزاب التقليدية، ومخاوف بعض شرائح المجتمع التي ترى أن حزبها يحمل أفكارا “عنصرية”.

ويذكر للوبان تصريح يعود تاريخه إلى العام 2010 انتقدت فيه أداء المسلمين الصلاة في الشوارع حين تمتلئ المساجد، ومما جاء في تصريحها “أنا آسفة، لكن بخصوص من يحبون الحديث عن الحرب العالمية الثانية وإذا كنا نتحدث عن الاحتلال فبإمكاننا أن نتحدث عن هذا (الصلاة في الشوارع)، لأن هذا احتلال واضح للأرض”..

واعتبرت صلاة المسلمين في الشوارع احتلالاً لمساحات من الأرض ولأحياء يطبق عليها القانون الخاص بالدين، مشيرة إلى أنه “احتلال حتى ولو لم يكن هناك دبابات ولا جنود، لكنه احتلال ويؤثر على الناس”.

اقرأ أيضاً: بالفيديو.. هكذا رفضت لوبان ارتداء حجاب على باب دار الفتوى

أما مارين لوبان فهي سياسية فرنسية، والرئيسة الحالية لحزب الجبهة الوطنية الفرنسية المعارض وابنة «جان ماري لوبان» مؤسس حزب الجبهة الوطنية في ثمانينات القرن الماضي وزعيمه السابق.
تستند في وصولها لرئاسة الجمهورية الفرنسية في عام 2017 على القاعدة الواسعة التي نجحت في تكوينها خلال السنوات السابقة من خلال سياستها المناهضة للهجرة، وسياستها الاجتماعية والاقتصادية الداعمة لأصحاب الدخول الضعيفة من العمال، وًاصحاب المشاريع الصغيرة؛ حيث تُعد مارين المرشحة المفضلة لدى هؤلاء، وهم يمثلون شريحة واسعة من المجتمع الفرنسي.

السابق
إصلاحا للخلل(13): ضبط عمل أئمة القرى والمساجد
التالي
حُكم الذوات: تعطيل الدستور باسم الصلاحيات