منع كتب السيد فضل الله في العراق حلقة في سياق التطرف الشيعي

نوجه اللوم الى "داعش" لكونها تُقصي الآخر، وتعدم وجوده المادي والمعنوي، ولكننا في الوقت عينه نتغاضى عن "دواعش" الشيعة..

أثار معرض الكتاب الدولي في العراق، الذي أقامته العتبة العلوية في باحة مقام الامام علي في النجف، في دورته التاسعة في المعرض، والذي ضمّ نحو 50 ألف عنوان، ضجة كبيرة، بسبب منع  مشاركة المركز الاسلامي الثقافي ومركزه بيروت. هذا المركز الثقافي التابع لمؤسسات السيد محمد حسين فضل الله، والذي شهد  خلال مشاركته في الاعوام الثلاث السابقة تهافتا كبيرا على شراء كتبه، حيث أكد مسؤولون في المركز انه “كنا نبيع حوالي 4000 كتاب كل دورة، وبأسعار جيدة لان طلاب الحوزة طلاب فقراء، مع الاشارة الى ان جناح المركز شهد لقاءات وحوارات ونقاشات كثيرة”.

إقرأ أيضا: كتب الشيعة ممنوعة في معرض القاهرة الدولي بتحريض سلفي 

وهذا ربما ما أقلق بعض المشرفين على المعرض، رغم ان قسما كبيرا منهم على علاقة جيدة بالمركز الاسلامي الثقافي. وكان أحد المقربين من المركز، قد اتصل بالمنظمين للاطلاع على حقيقة الوضع، حيث انه منذ منتصف الشهر الفائت تم تقديم الطلب للمشاركة في المعرض. لكن لم يمنح المركز الموافقة، فاتصل المعنيون في بيروت بمدير الوقف السيد علاء الموسوي، الذي قال انه لا علاقة له بالمعرض، وحاول المساعدة لكنه فشل.

وكان ان أعيد الاتصال بمدير الوقف، فأحال الموضوع الى لجنة “السلامة الفكرية” التي احالت الموضوع الى جهة أخرى. وظلت المراوحة طيلة شهر ونصف، والحال على حاله، الى ان انطلق المعرض، وهكذا أخرج المركز الاسلامي الثقافي من سباق العرض.

والمنع هذا لم يطل فقط كتب السيد محمد حسين فضل الله، بل كتب السيد كمال الحيدري، وكتب مركز إدريس الحلي، وكتب السيد محمد الحسيني. وهم جميعهم معروفون بالجانب نفسه تقريبا من الدعوة الى التجديد الديني والانفتاح الفكري لدى الاسلاميين الشيعة.

السيد محمد حسين فضل الله

ونتيجة ذلك، اطلقت حملة اعلامية لقيت صدى وضجة واسعتين لدى العراقيين، فاربكت المنظمين، حيث بدأوا يعبّرون عن التناقض الموجود داخل اللجنة المنظمة. وكان مدير المعرض عبد الرزاق الشيبانيّ، قد اعلن انه “لا مشكلة لدينا في كتب السيد فضل الله”.

والسؤال هو لماذا مُنع المركز من حجز جناح له، رغم ان كتب السيد الراحل فضل الله متوفرة في المعرض في أجنحة عدة دور لبنانية، وقد تم تبرير الأمر بأنه لا مكان متوافر في المعرض من حيث المساحة. رغم ان شهودا عيان نقلوا صورا عن مساحات وقاعات شاسعة فارغة، بل مملوءة بالورود.

وقد اثار عدد كبير من الكتّاب اللبنانيين والعراقيين والعرب الموضوع، كالكاتب سالم مشكور، وسليم الحسني، وايمان شمس الدين، ومحمد الحسيني، وجلال شريم، وحسام منتظر، وحسن جميل الربيعي، والشيخ حسين الخشن، والشيخ محسن عطوي، اضافة الى عبدالجبار العتابي وغيرهم الكثيرين. وامتد التضامن العربي الى مسقط وعدد من المدن العربية.

وبعد اثارة الأمر اعلاميا، اهتم المتابعون بالحادثة ونقلوها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أشعلت الحوار والنقاش بين مؤيد وداعم ومستغرب، خاصة ان المنع لم يعد له من قيمة في ظل توافر الانترنت وبرامج تحميل الكتب. فالغباء يضرّ المانعين لا الممنوعين.

وكثير من المتعاطفين كتبوا حول الأمر، وقد اتصل احد الوسطاء اللبنانيين بالمركز الاسلامي الثقافي للتخفيف من حدة الاشكال بين العتبة والمركز الاسلامي الثقافي وطلب من المؤيدين التخفيف من اثارة الملف. كما ان أحد الوزراء العراقيين اتصل طالبا توجيه استجواب لمن قام بهذه الفعلة، مما جعل القضية تتفاعل أكثر فأكثر. مع الاشارة الى ان هذه الحادثة ليست بالاولى فقد سبقها منع كتب لسيد فضل الله ككتاب “الأنسنة”. وفي عهد نظام صدام حسين منع أيضا كتاب “قضايانا على ضوء الاسلام”.

وتشير الاصابع الى عباس بن نخي وهو احد المحاربين للسيد فضل الله، وممول للحملة ضده في كثير من المواقف خاصة في مدونته على النت، وله علاقات متينة مع ادارة المقام، وهو رجل كويتي يدفع الخمس للمرجعيات في كل من النجف وقم، وهو يدعو إلى “التدّين التقليدي الذي يفصل الفكر والسلوك الديني عن الأداء السياسي العابث الذي يحكم الساحة الإسلامية” على حد قوله.

وكانت تضامنت الحوزة، في النجف، مع ما حصل مع المركز الثقافي الاسلامي، وأبدت استيائها، خاصة ان في المعرض كتبا إلحادية، وعلمانية ككتب محمد أركون، ومحمد عابد الجابري، وصادق جلال العظم، وغيرهم..

إقرأ أيضا: سميح البابا: معرض الكتاب هو إحدى منارات الشرق الثقافية

بالمقابل، وجراء الضجة التي أثيرت، أصدرت اللجنة المشرفة على المعرض توضيحا رسميا، نفت فيه جملة وتفصيلا منع عدد من دور النشر أو المؤسسات من المشاركة بالمعرض.

مع الاشارة الى معرض النجف الاشرف الدولي التاسع للكتاب افتتح يوم الجمعة في التاسع من آذار2017، بمشاركة عديد من دور النشر المحلية والعربية والعالمية.

وقد شارك في المعرض بدورته التاسعة أكثر من 50 ألف عنوان كتاب في مختلف العلوم التطبيقيّة والعلميّة والدينيّة والسياسيّة وجناح خاصّ بالأطفال، وتستمرّ الفعاليّات لمدّة عشرة أيام بمشاركة 230 دار نشر محليّة وعربيّة ودوليّة بزيادة 30 دار نشرٍ عن الدورة السابقة، والدولية منها قادمة من الكويت وإيران وسوريا ولبنان ومصر والأردن فضلاً عن دور نشر من كندا وبريطانيا. وذلك كله بحسب المنشور الذي وزعته ادارة المعرض.

السابق
مسؤول إسرائيلي: الحرب القادمة على لبنان ستكون قصيرة ومدمرة
التالي
فلنحرّر فلسطين فيما «الماما» تحضّر العشاء