مطار القليعات…مطلب مناطقي أم وطني جامع؟

ليست المرة الأولى التي يبعث فيها إعادة تشغيل مطار القليعات، إذ طرحت مرارًا مسألة استثمار المدرج الموجود في منطقة القليعات الشمالية، مقدمة لإنشاء فرع ثانٍ لمطار بيروت. إلا أنه إلى الآن لا يزال مطار "القليعات" مغلقا ختى إشعار آخر.

اقيم اليوم مهرجان شعبي في مطار القليعات للمطالبة باعادة تشغيله، قال فيه النائب خالد الضاهر ان “الدراسات التي اقيمت حول المطار منذ سنوات، أثبتت أنه مناسب جغرافياً وانمائيا لمصلحة كل لبنان، فهو يؤدي الى خدمة ليس فقط عكار انما كل لبنان”.
وأشار الضاهر الى ان “الافرقاء السياسيين لم يضعوا اية عراقيل تمنع العمل بهذا المطار بل وعدوا العمل على فتحه وتسريع هذا الامر ودراسة كل الامور المتعلقة به”.

فقد عادت الأصوات لتعلو مطالبة بإعادة العمل بمطار القليعات، وذلك بعد أزمة مطمر الكوستا برافا وطيور النورس الأخيرة التي تهدّد سلامة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت.

هذه اللحظة، التي التقطها المجتمع الأهلي العكاري مع لجنة إنماء وتشغيل مطار الرئيس رنيه معوض في القليعات،  أستُفيد منها في رفع منسوب الضغط على القيادات السياسية، على أبواب الانتخابات النيابية، تحت شعار “القليعات قلع”.  وهو ما وعزز بعد تصريح  وزيرالأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، خلال جلسة مساءلة الحكومة، في 7 شباط، بإن “الحكومة تعمل لأن يكون هناك اعادة تشغيل لمطارات القليعات ورياق وحامات””.

إلّا أنه إلى جانب الأصوات المؤيدة، همست تحت الطاولة رافضة وهي التي تقف وراء منع تشغيل مطار القليعات منذ سنوات. أسئلة عديدة يطرحها الشماليون واهل عكارخاصة: من هي الجهة السياسية التي لا تجد مصلحة في تشغيل مطار فقط لانه في عكار شمال لبنان ؟ وهل اسباب عدم تشغيله تقنية ام سياسية بامتياز؟

لكن اللافت، أنه لأول مرة يتخذ ملف مطار “القليعات” منحى طائفي مناطقي، حيث نال تأييد الشماليون خصوصا لما فيه إنماء للمنطقة ومنفعة عامة لحاجة اهالي المنطقة للمرافق الحيوية، موجهين السهام نحو مطار بيروت الذي يقع تحت السيطرة الأمنية لحزب الله على أن المطار قد  يكون بداية للخروج من قبضة حزب الله على اهم مرافق الدولة. المطلب الإنمائي تحوّل إلى جدل طائفي بين اللبنانيين  حيث جوبه هذا المطلب برفض من قبل انصار 8 أذار مطالبين بمطار واحد فقط على الأراضي اللبنانية.

وفي هذا السياق، كان لـ “جنوبية” حديث مع أحد افراد لجنة متابعة تشغيل مطار القليعات ريم سحمراني التي أكّدت أن “هناك محاولات لتسييس مطلبنا، واللافت أن كل الأطراف السياسية تبنت وتؤيد مطالب الحراك والمستغرب أنه فيها الجميع لا يمانع إعادة تشغيل المطار لما الاستمرار في إغلاقه”.

وأشارت إلى أن جميع السياسيين والاتحادات النقابية تمت دعوتهم يوم غد (الأحد) للمهرجان الشعبي المطالب بإعادة تشغيل المطار، ولكن لن يسمح لأحد أن يصرح”.

وقد رأت سحمراني “بتأييد الوزيرين محمد كبارة وفنيانوس إضافة إلى تأييد الرئيس سعد الحريري وسائر التيارات السياسية باستئناء التيار الوطني والقوات اللذان لم يصرحا بهذا الشأن دفع إيجابي لإعادة تشغيل المطار”.

وشددت على أنه “يوم غد سنطالب وسنعلي الصرخة لإثبات مدى ضرورة وجود مرفق حيوي في عكار خصوصا الشمال عموما  لم يؤمن لهذه المنطقة المحرومة فرص عمل وانماء”.

وتمنّت سحمراني ان “لا تكون ههذ الوعود مجرد كلام على لوح الثلج مع اقتراب موعد النتخابات النيابية وفي نهاية المطاف يخذلوننا”.

وخلصت إلى أن “مطار رياق فيه فائدة على صعيد الوطن أجمع وهو لمصلحة لبنان”. وأشارت عن إمكانية ” صياغة عريضة موجهة للحكومة والمجلس النيابي للاسراع بتشغيل المطار سيبدأ توقيعها يو غد أثناء المهرجان وستستمر لمدة أسبوعين”.

والجدير ذكره، أن مطار القليعات، وبعدما اقتصر دوره منذ العام 1967، على أن يكون مطاراً عسكرياً ضمن سياسية الدفاع العربي المشترك، سبق أن استعمل كمطار مدني في الحرب الاهلية بالثمانينات حتى أواخر عام 1991، إثر التثبّت من إمكانيّاته في استقبال أنواع الطائرات كافة، بعدما تعذر التواصل بين العاصمة وشمال لبنان، فتم تجهيزه بما يؤهله لاستقبال المسافرين وشهد حركة هبوط وإقلاع ناشطة بافتتاح أول خط جوي داخل الأراضي اللبنانية، وكانت الطائرة الأولى التي استخدمت في المرحلة الأولى من نوع “بوينغ 720 ” تابعة لطيران الشرق الأوسط ناقلة 16 راكبًا من الشمال إلى العاصمة اللبنانية، ثم سيرت شركة “الميدل إيست” ثلاث رحلات أسبوعيًا، وزادتها في ما بعد بمعدل رحلتين يوميًا وحددت سعر التذكرة آنذاك ذهابًا وإيابًا بـ 28 ألف ليرة للدرجة الأولى، و20 ألف ليرة للدرجة السياحية، وقدر حينها أعداد المسافرين الذين استخدموا مطار القليعات بنحو 300 راكب يوميًا.

وازدادت أهمية هذا المطار عندما أصبح مسرحًا لانتخاب رينيه معوض رئيسًا للجمهورية في 5 نوفمبر 1989 حيث شهد المطار هبوط طائرة “بوينغ 707 “، مما عزز جدارة هذا المطار في استقبال طائرات ضخمة. وبعد استشهاد الرئيس معوض غداة عيد الاستقلال في 22 نوفمبر 1989 قرّر مجلس الوزراء تسمية المطار باسمه، وظلت الرحلات الداخلية سارية حتى أواخر العام 1991.

 

السابق
«جورج فريدمان»: السنة أم الشيعة.. مع من يجب أن تتحالف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟
التالي
السيد حسن نصرالله يشيد بالنسبيّة ويطمئن الدروز انه لا يلغيهم