حقوق النساء بين الدكتاتورية والتطرف

انطلقت الثورة السورية منذ ما يقارب الست سنوات لتنادي بالحرية والكرامة، وشاركت المرأة السورية بها لتنادي في مظاهراتها بالحرية التي ستضمن لها حريتها المنقوصة دائما، اذ حرص النظام السوري تاريخيا على وجود نسائي شكلاني يعطيه مظهر المتحضر، دون أن يكون لهذا الحضور أي فعالية.

إقرأ ايضا: جمعيات تدافع عن المرأة أم تعمل ضدها؟

كانت كل اشكال الديمقراطيةـ وليس الوجود النسائي فحسب ـ التي يدعيها النظام السوري شكلانية بسبب طبيعته الشمولية، اذ لم يكن يتمتع أي عضو برلماني (مجلس شعب) بأي فعالية حقيقية واقتصر وجوده ايضا على وجود شكلاني للديمقراطية، ولكن هذا لا يعني أن المرأة هي الاخرى لم تعان من تهميش وانتقاص أكبر لحقوقها، بسبب العديد من القوانين الجائرة التي حرمتها على سبيل المثال من اعطاء جنسيتها لأولادها، أو التي جعلتها ضحية لجرائم الشرف والى ما هنالك من قوانين سائدة انتقصت من حق النساء، اضافة الى العرف الظالم لها دون مواجهته قانونيا.
مع انطلاقة الثورة تظاهرت النساء وشاركن في اعمال الاغاثة المدنية والطبية، الا ان حضورهن السياسي رغم وجوده، لم يرق الى مستوى حضورهن الميداني اللافت.

قليلا فقليلا مع العسكرة والاسلمة وتراجع الدور المدني للثورة تراجع حضور النساء ايضا، فقد مورست عليهن في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام عنفا جندرياً اكبر، فلم تعد حرة في اختيار ما تلبس ولم تعد مٌشاركة في الحراك آو في الحياة العامة، واختلفت مظاهر هذا التراجع والعنف الذي مورس ضدها بين منطقة واخرى حسب الفصيل العسكري المسيطر على المنطقة، ليكون الاوضح والذي وصل حد الاضطهاد في مناطق سيطرة التطرف الاسلامي وعلى رأسها داعش واشباهها.اذاً انعكست الثورة السورية حال تحولها الى حرب عسكرية مفتوحة بشكل سلبي على حريات النساء، فهل اقتصر هذا التراجع فقط على الحضور النسائي؟

جرت في الآونة الاخيرة انتخابات لمجالس محلية في عدة مناطق في سوريا خارجة عن سيطرة النظام، واختلفت مجرياتها ونتائجها من منطقة لأخرى، ففي الوعر في حمص علق العديد من الناشطين على هذه الانتخابات برضى ويبدو انها حملت الى المجلس اراء متعددة منها مدني علماني، اما في ادلب فقد منعت النساء للترشح لهذه الانتخابات وجرت الانتخابات للنخبة فقط ولم يسمح للجميع بحق الانتخاب.

تيار مواطنة اذ يرى تاريخيا في الديمقراطية النخبوية في اثينا قديما على سبيل المثال، اوفي الديمقراطية بدون حق النساء للترشح والانتخاب في اوربا حتى منتصف القرن العشرين كديمقراطية منقوصة على طريق الوصول الى الديمقراطية الحقيقية التي تعطي حق الترشح والانتخاب لكل مواطن بغض النظر عن جنسه ودينه وقوميته ولونه، فإنه يرى في الوقت ذاته بأن العمل بها الآن هو سلوك غير ديمقراطي تماما، اذ لا يمكن أن تقبل ديمقراطية منقوصة الآن بعد النضال الطويل للشعوب من أجل الديمقراطية الحقيقية.

ناضلت النساء تاريخيا من أجل الكوتا النسائية، وذلك لضمان وجود نسائي بحدوده الدنيا، ورغم أن الكوتا لا تعبر عن حضور فعال للنساء ولكن لا يمكن التراجع عنها بأي حال، والمطلوب هو تفعيل دور النساء وليس التراجع عن الكوتا، وعليه فالمطلوب دائما هو بناء حريات أكبر من تلك الحريات الغير حقيقية والشكلية التي كان يدعي النظام وجودها، فالثورة جاءت لتعميق الحريات والتوسع بها وليس للعودة الى الخلف وخسارة حتى الشكليات التي يدعيها النظام، فلا مستقبل حقيقي ينهي الحرب في سوريا بدون اعطاء حقوق مواطنة لجميع المواطنين السوريين بغض النظر عن الجنس أو الدين أو القومية، وعلى رأسهم النساء.

السابق
الأوتوستراد الجنوبي يخترق مخيم «الشبريحا» ويهجر اهله
التالي
منع دخول عائلات صيداوية الى احد المنتجعات السياحية بعد عملية الكوستا!