مأساة الأديان في تحولها إلى أحزاب تابعة لله

منذ فجر التاريخ، يعتبر البعض أن شد العصب الديني مصدر قوة. ويستعملون بعض ما جاء في هذه الأديان لتبرير وجود الله إلى جانبهم في حربهم ضد الأعداء، ويحملون الشعارات الدينية واسم الله عز وجل. وبدلا من أن يتحد الناس تحت شعار المحبة والسلام الذي تدعو إليه الأديان، يعتبر كل حزب أن الله معه ويقاتل إلى جانبه، فيما الله من كل هذه الأحزاب براء.
على المدى البعيد إن الأحزاب الدينية تقود إلى زعزعة الكيانات الوطنية لا سيما تلك التي تقوم على التنوع من الناحية الاجتماعية. وهذا ما يحدث في مجتمعاتنا.
أما من الناحية الدينية، أن نكرّم الله يعني أن نبعده عن أحزابنا وبالتالي عن حروبنا وخصاماتنا ونزعاتنا. . كلما كثرت الأحزاب التابعة لله في إشاراتها وأعلامها وخطابها كلما تفتت الإنسانية وكلما كبرت مأساة الأديان وتشرذم الناس. فإن زج اسم الله في الأحزاب يخلق تناحرا دينيا مخالفا لكل المبادئ الدينية، وينتج دويلات دينية على مثال ما يسمى اليوم الدولة الإسلامية أو داعش.
إن انحسار الأحزاب العلمانية على حساب الأحزاب الدينية يعتبر ضربة للأديان، وضربة للإنسانية.
يستفيد العالم المتحضر الذي حرر الأديان من الأحزاب من هذه العصبيات لبيع السلاح وجني الأرباح، ويقاتل أصحاب الأحزاب الدينية بعضهم بعضا دفاعا عن الله والدين. وهنا تكمن عظمة المأساة.
ومن الناحية الوطنية يبدو أن هذه المأساة منعت حتى اليوم الوصول إلى قوانين ترعى تأسيس الأحزاب، وباتت الأحزاب طائفية بامتياز. فإذا كانت الطائفية بلا أحزاب مصدر ويلات، فتصوروا كم ستكون الويلات شديدة إذا اتحدت الطائفية بالأحزاب. فهل يمكن تحرير الأديان من الأحزاب والانطلاق نحو حزبية صحيحة لتجنب المأساة؟؟ الله أعلم..

السابق
النظام السوري يصادر منزل الشهيد رفيق الحريري
التالي
جعجع: أحد نواب البعث وجه تهديداً مباشراً للرئيس عون