المجلس الإسلامي الشّيعي واقع وتحدّيات

الشيخ محمد علي الحاج العاملي

شهد الشّهر المنصرم حدثين حساسين اعترضا “المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى“، و قد أظهرا هشاشة الواقع الدّاخلي الراكد للمجلس، الذي لم يعرف الإنتخابات العامّة في داخله منذ أكثر من أربعين عاماً.

اقرأ أيضاً: حزب الله جيش ام ميليشيا؟

_ الأمر الأوّل: ما تعلّق بقضية حضانة الطّفل، و ما استتبعها من ردات فعل وقرارات وبيانات.

_ الأمر الثّاني: القرار الصّادر عن أحد أطر المجلس، والذي نفى بموجبه (مشيخة) أحد المعممين، ذلك بعد إطلالة تلفزيونية، تمّ التّعامل غير اللائق فيها، مع المعمم ومنه.

و طبعاً إنّ المزيد من هذه الأمور مرشحة للتّكاثر والتّفاقم في الفترات المقبلة، طالما أنّ الواقع الرّاهن قائم.. وفي خضم كل ذلك يفترض الوقوف عند بعض النّقاط:

أ — إنّ تطوّر المجتمع الشّيعي وتقدمه، على أكثر من مستوى، من فترة ما قبل الحرب الأهليّة اللبنانيّة، والّتي أفرزت وقتذاك قيادة للمجلس الشّيعي كانت تصلح لذلك الزّمان، ولكنّها حاليّاً لا تنسجم نهائيّاً مع الحجم المحدود الذي يمثّله المجلس الشّيعي في وقتنا الرّاهن.
و هذا ما سيبقى مصدر خلل على الدّوام؛ طالما أنّ الهيكليّة الحاليّة لم تخضع للتّجديد من أربعين عاماً.

ب — لا مجال للتّهرب من مسؤوليّة تطوير قوانين المحاكم الجعفريّة، حيث يفترض الإنكباب على ورشة عمل في هذا المضمار، وكان ينبغي أن تقوم بذلك “الهيئة الشّرعيّة” في المجلس الشّيعيّ؛ و لكن لكونها معطلة فيمكن الإستعانة بأهل العلم والتّدين من أصحاب الخبرة في هذا المورد، لا سيّما العلّامة الشّيخ حسن عواد (الّذي ترأس المحاكم الجعفريّة لعشرين عاماً)، والعلّامة السّيد محمّد حسن الأمين (الّذي مارس العمل القضائي لأكثر من أربعين عاماً)، وسواهما من اللذين خبروا القضاء، فيمكن الإستفادة من خبرتهم.

ج — ظهر للعيان وبشكل فاضح الإساءة الّتي تعرّضت لها العمامة الشّيعيّة، لا سيّما التّجني على قاضي بعبدا الجعفري الشّيخ جعفر كوثراني.. وقد كان يفترض التّصدي لذلك بشكل يحفظ مكانة العلماء، ولكن الّذي حصل العكس تماماً. فالقاضي قام بواجباته كاملة دون أدنى خلل، وبالمقابل حصلت سابقة خطيرة، بل ومسيئة لقضاة الشّرع بخصوص هذه القضية ومجمل مجال عملهم.

المجلس الشيعي الأعلى

د — إنّ التّسرع في اعتبار “أحد المعممين” ليس من أهل العلم، هذا ما يسيئ للجسم العلمائي بشكل عام؛ لإنّه يفترض أن ينتج وفق معايير شفافة وموضوعيّة، وينبغي أن يكون عقب تنظيم البيت الدّاخلي، وبعد وضع آليات ناظمة للسلك المشيخي بشكل عام.
و الّذي زاد الطّين بلّة أنّ هذا القرار صدر عقب موقف سياسيّ للشّيخ المقصود من القرار، علماً أنّه يرتدي الزّي الدّيني منذ فترة طويلة تزيد على العقد من الزّمن.

ه — ليت الإدارة الحاليّة للمجلس الشّيعي تنصرف لترتيب شؤونها الدّاخليّة وتطويرها، مع الأخذ بعين الإعتبار أهميّة إجراء انتخابات عامّة في هيئات المجلس كافّة؛ ما يُعيد إليه حضوره ومكانته.

و — في الوقت الّذي ما زالت دعوتنا قائمة في (مجلس شورى الدّولة) ضد الخلل القانوني الرّاهن في هيكليّة المجلس الشّيعي؛ فإننا نكرر مطالبتنا بتشكيل (هيئة مؤقتة لإدارة المجلس الشّيعي)، من أهل الفضل والعلم، على أن لا تضم أيّاً من الحزبيين، بل تنحصر بعلمائنا الكبار في هذا البلد… كمرحلة اتتقاليّة، يُصار بعدها لتنظيم انتخابات للهيئتين الشّرعيّة والتّنفيذيّة؛ وتالياً للرئاسة.

اقرأ أيضاً: أوقفوا التواطؤ ضد الشيعة المستقلين: يحق لهم وزير

أخيراً؛ فإنّه لا يجوز أن يبقى موقع الرئاسة شاغراً منذ أكثر خمسة عشر عاماً (مع وفاة الإمام الشّيخ محمّد مهدي شمس الدّين)، و لا يجوز أن يبقى منصب نائب الرئيس الأوّل مطعوناً بصحته (حيث انتهاء فترته الممدة من أكثر من عشر سنوات)، و لا يجوز أن يكون منصب نائب الرّئيس الثّاني شاغراً (مع وفاة الدّكتور عدنان حيدر من سنوات)، و لا يجوز أن تبقى آلية وصول المفتين لمنصبهم بالتّعيين دون انتخابات أو معايير أخرى، و لا يجوز أن يبقى المفتي الجعفري لمدى الحياة في موقعه، كما لا يجوز استمرار الهيئتين الشّرعيّة والتّنفيذيّة من واحد وأربعين عاماً، و لا يجوز أن يبقى الجسم العلمائي سائباً..

السابق
الـ«otv» تستعرض عنصريتها: #أوقفوا_هدي_قلبك
التالي
في طرابلس: ابنة الـ15 عاماً وضعها حرج برصاصة من أبيها