ماذا ينتظر لبنان بعد ترشيح عون؟

رمى الرئيس سعد الحريري الاستحقاق الرئاسي، الكرة في ملعب المعطلين، وفي مقدمهم "حزب الله"، الذي بات امام الامتحان لجهة مصداقيته في ترشيح عون، وهذا ما سيتضح في الايام المقبلة، وصولاً إلى جلسة الانتخاب في 31 تشرين الأول الجاري.

أطلّ الرئيس سعد الحريري على اللبنانيين أمس بخطاب منهجي منطقي استعرض فيه بواقعية، السياق التاريخي للأحداث التي مرت على البلد طيلة السنوات العشر الأخيرة، ليخلص بعد تفنيد مخاطر الفراغ،  إلى تبني “الخيار الوحيد المتبقي”، وهو تأييد ترشيح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون. مشددا على كونه قراراً “نابعاً من الخوف على لبنان وقائماً على الأمل” بإنقاذ الوطن.

وأبلغ الرئيس الحريري انه “مطمئن” الى النتائج التي إنتهت اليها مبادرته. وقال انه لا يرى تأجيلاً لجلسة الانتخاب في 31 من الجاري “إلا اذا أرداوا ذلك” في إشارة الى ما يتردد عن مسعى لتأجيل الجلسة لتسوية العلاقة المتوترة بين الرئيس بري والعماد عون.

وبانتظار ما ستؤول اليه الأمور، الاكيد أن الحريري وضع  حداً لكل التشكيك والتساؤلات والالتباسات. الكرة لم تعد في ملعبه، بل ليتلقفها اللاعبون على الخط الرئاسي، مؤيدون ومعترضون، ليُبنى على الشيء مقتضاه. ولاحظت “الجمهورية” أن خطاب الترشيح تضمّن في ما تضمّنه مجموعة رسائل: الأولى في اتجاه جمهور “المستقبل” بتعابير احتوائية للشارع بما يؤشّر الى وجود تباينات حول قرار الترشيح.  ومن ثم رسالة تبريرية تستند الى عناوين عامة قد لا تجد قبولاً لدى شريحة المعترضين على قراره.

اقرا ايضًا: الحريري في ترشيح عون: رثائية حلم الدولة

أما الثالثة باتجاه خصمه السياسي “حزب الله”، إلا أن الأبرز والأهم  الرسالة الرابعة قد تُحدث تأويلاً حينما اكّد “الإتفاق” مع عون. لكن  ما بقية مبهما ماهية هذا الاتفاق وماهية تفاصيله؟ ولماذا لا يعلن؟ وما هي الخطوة التالية ما بعد الترشيح؟ وماذا عن جلسة 31 تشرين وهل انعقادها بات مضموناً؟ وكيف؟

كيف سيتم تجاوز العقبات، سواء المتمثلة تحديداً بمعارضة بري؟ وماذا عن البيت الداخلي للحريري بعد اعلان ترشيح عون، خصوصاً بعد بروز اعتراضات علنيّة على قرار ترشيح عون؟ ما هي النسبة التي سينالها عون لكي يفوز؟

وافتراضا انّ كل ما تقدّم تمّ تجاوزه وتمّ الانتخاب في 31 تشرين الأول، ما هو شكل البلد بعد الانتخاب؟ وماذا عن الحكومة؟ وماذ لو كُلّف عون  الحريري؟ كيف سيشكّل الحريري الحكومة؟ وهل يستطيع ان يشكّل حكومة بلا مكونات اساسية، كبرّي مثلاً، الذي أعلن سلفاً انه سيذهب الى المعارضة؟ هل سيشارك “حزب الله” في الحكومة، بل هل يستطيع ان يشارك فيها بمعزل عن بري؟ لقد أخذ الترشيح البلد الى مرحلة جديدة، فهل سيتحوّل هذا الضجيج السياسي ما قبل الترشيح الى “فوضى سياسية”؟

تبعاً لهذه التساؤلات، يتضح أن الطريق لا تبدو سهلة في المرحلة التالية خصوصاً بعدما تداخلت العوامل الاعتراضية بعضها ببعض. وبالتالي، فإنّ جلسة 31 تشرين الأول وبرغم القول انها ستنعقد بنصاب مؤمّن عددياً وتنتخب عون، تبقى هذه الجلسة امام احتمال ولو ضئيل بأن لا تُعقد.

وبعد ترشيح الحريري زار عون “عين التينة” حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في زيارة وضعها في إطار “الواجب لإطلاعه على تطورات الملف الرئاسي”، موضحاً في تصريح مقتضب بعد اللقاء: “احتسينا فنجان شاي، وأطلعناه على مسار الأمور في ما يتعلق برئاسة الجمهورية وتبادلنا بعض الإيضاحات وتفاهمنا”، وأجاب رداً على أسئلة الصحافيين: “نحن بالطبع نطلب دعمه لنا في الاستحقاق الرئاسي إلا أننا نحترم في النهاية حرية القرار الذي يتخذه”.

اقرا ايضًا: القيادية في «المردة» ميرنا زخريا لـ «جنوبية»: وصول عون الى الرئاسة سيوّلد أزمة خطيرة

ونقلت مصادر المجتمعين أنّ بري خلال اللقاء أكد لعون عزمه على عقد جلسة 31 الجاري الرئاسية مبدياً ثقته بأنّ هذه الجلسة ستشهد انتخاباً للرئيس، في حين لفتت مصادر أخرى لـ “السفير” إلى أن استقبال الرئيس بري للعماد عون كان فاترا وباردا وقصيرا ولم تتخلله لا حفاوة بروتوكولية ولا غذائية ولا مشهدية. كان الرئيس بري صريحاً مع “الجنرال”: مشكلتي ليست معك. أنا ملتزم بحضور جلسة 31 تشرين وسأصوّت ضدك، وإياك أن تسمع لمن يقول لك إنني سأقاطع. لكن الأهم من ذلك كان تأكيد بري أنه لن يعطي صوته لسعد الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة، “وأنا ملتزم منذ الآن بعدم تسميته رئيسا للحكومة، وقراري حاسم بالذهاب إلى المعارضة”.

السابق
توقيف مطلوب بعد عمليات دهم واسعة في الهرمل
التالي
اليوم هَزَمَ سعد الحريري حزب الله بالضربة القاضية