عاشوراء حزب الله دون ملعب الراية والخطاب مقاومة آل سعود

ملعب الراية
رحل ملعب الراية ورحلت معه رزمة ذكريات جمعت حزب الله وجمهوره ببعضهم، اللقاء في ملعب الراية يبهر الجمهور المتعطش لكل خطابات التجييش والتهديد والوعيد ورفع القبضات وترديد الهتافات الشهيرة من «يا الله احفظ لنا نصرالله» و«لبيك يا حسين».

من يسكن إلى جانب ملعب الراية يفهم تماماً ان الهتاف الذي يتخلل مهرجاناته تأسر المشاهد، من ملعب الراية أطل نصرالله للمرة الاولى بعد حرب تموز عام 2006 كي يعلن إنتصاره على إسرائيل، ويتهم بعض اللبنانيين والعرب بالتآمر على مجتمع “المقاومة”. من داخله ردد نصرالله عباراته التي للآن يرددها مناصروه “جاء زمن الإنتصارات وولّى زمن الهزائم” وصولاً إلى “نصرنا نصر إلهي”.

divinev8_500
العام الماضي، هاجم نصرالله السعودية من ملعب الراية وذلك على خلفية حادثة التدافع اثناء موسم الحج وقتل خلاله سفير إيران السابق في لبنان غضنفر ركن أبادي وكال نصرالله الاتهامات للسعودية بالفساد والتآمر على مصالح المسلمين، والوقوف في صف إسرائيل. أما الجمهور فكان مع كل لحظة يذكر بها نصرالله كلمة “سعودية” يردد عبارة «الموت لآل السعود».
بعد أسبوع ونيف ستكون الطائفة الشيعية في لبنان على موعد من ذكرى عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين في كربلاء، يستعد الشيعة لإحيائها بزخم، وتتهيأ الاحزاب السياسية الشيعية كعادتها للإستفادة في تجييش النفوس وصب قوتها ضمن حيّز أهدافها السياسية.

إقرأ أيضاً: حزب الله لن ينقذ ملعب الراية… واحتفالاته باتت ذكريات‏
ملعب الراية الواقعة أرضه بين منطقة معوض والصفير والرويس خرج كلياً من خدمة حزب الله بعد بيع الأرض لإحد المستثمرين. مساحة الملعب القريبة من 14 ألف متر مربع أتاحت للحزب على مدى عقدٍ من الزمن عرض حجم جمهوره الغفير، حتى أن الطرقات المحاذية للمكان كانت تغص بالحشود، وبالتالي فإن الملعب المتسم بصفة القداسة لدى وجدان حزب الله وجمهوره سيتحول إلى بقعة إسمنتية ضخمة لمجمع سكني يضم 12 مبنى.
حزب الله سيحيي عاشوراء في مكانه الرسمي، مجمع سيد الشهداء، وكما أصبح معروفاً في بروتوكول مجالس عزاء حزب الله فإن الشيخ علي سليم هو من سيتلو الذكرى على مسمع الآلاف، إلا أن العام هذا العام سيحمل معه مشهداً كربلائيا مختلفا، ذلك ان حشود وأتباع حزب الله لن يتمكنوا من إحياء اليوم العاشر لعاشوراء في ملعب الراية.
الحشود الجماهيرية وخطابات التهديد والوعيد  التي يخرج بها السيد حسن نصرالله ستنتقل إلى مكان اخر مجهول الهوية إلى الآن، إذ ان الحزب للآن لم يحدد أين سيكون مكان إحياء العاشر من محرم.

الكثير من الذكريات والأماكن التي تخص هذا الحزب بدأت تنتهي، قبل ملعب الراية ومجمع سيد الشهداء كان حزب الله يحيي احتفالاته ويلقي كلماته في منطقة الشوري في بئر العبد. هذه المنطقة مثلت قبل دمارها في حرب تموز أهم معاقله الامنية.
في الشورى اقام الحزب عدة إحتفالات وألقى نصرالله خطاب التبشير بتحرير لبنان عام 2000. كان التحرير بريئاً، إلا أن سلة أحداث وتحولات خضع لها الحزب، ويبدو أنها تحتاج إلى أماكن جديدة.
ملعب الراية يمثل الحديّة والمقاومة ضدّ إسرائيل،هنا يكون رحيل الملعب سريالياً. ذهابه اتى مع الوقت الذي ذهبت فيه اخر صورة للحزب كمقاومة.

ملعب الراية
إختفت إسرائيل وإختفى معها الملعب. ألقيَّ الستار على موت محتوم لأميركا وموت أكيد لإسرائيل! حل مكان هذه الشعارات التقليدية شعار الموت للسعودية “الشجرة الملعونة” كما قال خامنئي، السعودية في تحولها لوحش وهابي يهدد الكوكب بشكل لا مثيل له، على حدّ زعم البروباغاندا الجديدة.

إقرأ أيضاً: السيد نصر الله اعتلي منبر ملعب الراية لبضعة دقائق وحي الجماهير الحسينية

ذهبت ساحة الراية في وقت محتسب بدل عن إنتصارات، وفي وقت تقطف فيه نتائج حروب الإستنزاف الخالية من إنتصارات ووعود الله بالنصر. ساحة المقاومة الشعبية التي وقفت بوجه إسرائيل وصمد تحت غاراتها وعادت عند نهاية حروب 1993 ونيسن 1996 وحرب 2006 ليجتمع الأنصار فيه وهم يرددون شعار الموت لإسرائيل وتتفاخر بإنتصار صمودها من قانا وبنت جبيل الى الشياح وحارة حريك.

ملعب الراية مرتبط بإسرائيل، وفي مسيرة وداع الذكريات والأماكن، وتحوّل الخطاب من مقاوم الى تحريضي وإطلاق المواقف والشعارات ضدّ أعداء المذهب الشيعي لمواجهة التكفيريين والهجوم على السعودية، لا بدّ عندئذ من البحث عن ساحة جديدة طبيعتها السياسية مختلفة عن الطبيعة السياسية التي طبعت ملعب الراية.

السابق
كتاب الحسين
التالي
وسائل إعلام أمريكية.. 7 مصابين جراء إطلاق نار في تكساس