عاشوراء نحر الرؤوس

حائرة سليم، هي من بيئة حزب الله وحاضنته الشيعية، هالها هذا التعالي الذي يستشري عاما بعد عام في مراسم ذكرى عاشوراء وتصاعد نبرة التحدي والتعبئة والتسييس لهذه المناسبة الجليلة التي لا تليق بذكرى ابن بنت رسول الله وسيد الشهداء، فكتبت ما نصه:

عاشوراء حاضرة في كل عام، يُجدّد ذكراها كما يُرتّل القرآن. يسترسل الشيعة خلال الأيام الاولى العشر من شهر محرم في إحياء ولائهم لتلك الراية. راية “الحاجة” التي يحيطون بها نفسهم الطواقة للشهادة خلال أي حرب يريدون خوضها. “رجال الله” في الميدان نراهم في محرم يلبسون سوادهم ويطوفون بلطمهم على “الحسين الوحيد” في تلك المعركة. جميعهم يصبحون “حسينيون” متباهون في خوضهم المعارك التي تتعالى عن اعترافهم بالخسارة. خرافة النصر ومقولة “نحن دائماً على حق”. “لبيك يا زينب” ذلك النداء الذي حمّل حزب الله حجّة الدخول الى سوريا وحماية ما هو مقدّس. لم يكن في نظام الأسد ما هو مقدّس، بل كانت “زينب” أخت الحسين.
“خلّي العالم كلو يسمع” مسيرات كربلائية مبايعة للحسين المظلوم، مجالس عزائية تستحضر الرضيع المذبوح وزينب المسبية، يتبارز فيها القراء على من يستقطب جمهوراً أوسع عبر آدائهم المتمرّس والمتقن في نقل الفاجعة، لهم وظيفة المزايدة على بعضهم في العشق الكربلائي، لهم من الرثاء الحريص ما يضمن استمرارية الخطاب السياسي الذي يحافظ على تلك الشتيمة: “الموت لآل سعود”. الحقد في الشتيمة.

إقرأ أيضاً: هذا ما يبقى بعد مراسم عاشوراء
“عاشوراء نحر الرؤوس”، واقعة الحسين لا خلاف عليها بين الشيعة، تمثّلت كفرض عبادة يؤدونها بحناجرهم التي ترفع الرايات مهدّدة بالسيوف. في العاشر من محرم يرتمي “عشاق حيدر” في تأدية فتواهم في “شق رؤوسهم” غير مبالين بهذا النذف من الدماء. يملأون ساحاتهم بنسائهم وأطفالهم يكرسّون كل المظاهر “الشرسة” وكأن لهم رسالة، وكأن لهم من حب الحسين فوضى المغالاة في المعتقد، وكأن لهم من حب الحسين سيوف داعشية امتنعت عن قطع الرؤوس، ولكنها لن تبايع من لم يوالي عليّ.

عاشوراء
“الجهاد العاشورائي” لأنصار هذه السيرة هو السلوك المنحاز للمفهوم السياسي الحاضن لهذه الاستمرارية. عاشوراء “السياسة الناجحة”، فهي في كلّ سنة تخاطب شيعتها من خلال مبدأين: الأول، تحريضي له من الزمن فكر “الثأر من من ظلم آل بيت الرسول” والثاني تكريس ثقافة الموت. في الاثنين تتوالى الأجيال في هذه المهمة: الثأر. عزاء ايراني يتبنّاه حزب الله اللبناني يقابله المرجع العراقي الذي تعتلي منبره حركة أمل، الا أن كل طرف منهما يعيد تكرار “المظهر الحسيني” في خيم مستقلّة احداها عن الاخرى، فيفترق الأصفر عن الأخضر لتُغبّش الصورة وتتحوّل الى شعارات تهلّل في تحرير المنطقة والمسلمين.

إقرأ أيضاً: حزب الله يطلق عاشوراء قبل موعدها في الضاحية!
ايران تستخلص العبر من عاشوراء، لها من الفعل ما تشاء ولها من الحلم جنوداً من المحاربين في لبنان، تريد لهم التكاثر لينجبوا زينبيّات يحرّرون القدس بعباءاتهم السوداء فيُرفع الآذان في فلسطين وتصبح الأمة الاسلامية بخير. لعلّها بذلك تنتقم للحسين في كربلاء. عندما “يستعبط” خامنئي في رسالة منه الى الشباب الاوروبي داعيهم الى التعرف على “الاسلام الحقيقي”، نعم هو الاسلام الذي يأمرنا به خامنئي، يسعى الى أسلمتنا جميعاً فهو يخاف المعارك وحيداً كما الحسين: “ألا من ناصر ينصرني”. فنصلي على النبي وآل بيته ومن لم يصلّي عليه يعاقب بالسيف الذي نُحر به رأس الحسين.
لنا من عاشوراء، “غضب رب العباد” نحن الذين أرهقنا بؤس هؤلاء العباد. لهم من عاشوراء غواية الشهادة، ولهم منها غواية الموت. لنا منها ما لا يريدون، نحن الذين أرهقنا موتهم وشهادتهم. لنا من الحسين “هيهات منا الذلة” ولنا من الحسين سيرة ترتقي بعيداً عن تهويلهم.

السابق
بالفيديو: اللحظات الأولى من اغتيال ناهض حتّر
التالي
بعد اغتيال ناهض حتّر.. راغب علامة يسرد محاولة اغتياله في الأردن