تقرير أميركي عن واقع حزب الله بعد انخراطه في الحرب السورية

أصدر معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” تقريرًا حمل عنون “تحول “حزب الله” من خلال تدخله في سوريا”، ركز فيه على تحوّله من “حزب مقاوم” الى “حزب أداة” بيد قوى أخرى مركزًا على التحوّلات التي طرأت عليه شعبيًا وعسكريًا بسبب هذا التدخل.

اعتبر التقرير أن وحدة الحزب في سوريا (والتي غالبا ما يشار إليها من قبل المحللين الإسرائيليين باسم “القيادة الشرقية” لـ”حزب الله”) تنشر في أي وقت كانما بين 5000 و8000 مقاتل من القوات الخاصة المعروفة بـ”كتيبة الرضوان”، والقوات الدائمة المؤلفة من كل الوحدات، ومن المقاتلين بدوام جزئي (عناصر التعبئة) والمجندين الجدد الذين خضعوا لتدريب سريع على القتال لمدة 60 إلى 90 يوماً.

أضاف التقرير أن الحزب حوّل سوريا إلى حقل تجارب مفتوح لمختلف الأسلحة، وميدان تدريب كبير لآلاف المقاتلين على تكتيكات لم يعتدها الحزب من قبل، فهذه الحرب هي الأولى من نوعها التي يخوضها الحزب منذ تأسيسه، بحيث يقف مقاتلوه في موقع الهجوم، لا كما اعتاد في حروبه السابقة مع إسرائيل، كما مكنت قيادات الحزب العسكرية، للمرة الأولى من خوض معارك جنباً إلى جنب مع القوات الروسية، وتعرفوا على التكتيكات والاستراتيجيات العسكرية المتقدمة التي يستخدمها الروس، إلى جانب إلقاء نظرة عن قرب على آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا العسكرية. وتعلم كيفية استخدام طائراته من دون طيار على نحو أكثر فعالية، فضلا عن الاستفادة بشكل أفضل من صواريخه القصيرة المدى، وتنفيذ عمليات هجومية معقدة. وهذا الانخراط العميق في سوريا يؤثر في النهج العام الذي يتبعه التنظيم في تخطيط عملياته العسكرية وتنفيذها.  وهناك إمكانية انتهاج “حزب الله” استراتيجية قتالية أكثر هجوميةً في أي حرب مستقبلية مع إسرائيل بهدف تقصير مدة الصراع.

الخسائر الكبيرة التي مني بها الحزب، البشرية والمادية قدّرها التقرير بنحو 1600 قتيل وخمسة آلاف جريح، معتبراً أنها لا تكفي حتى الآن للحديث عن هزيمة للحزب، أو عن تراجع قريب له عن جبهات القتال.

ومما جاء فيه حرفياً: “مئات القتلى وآلاف الجرحى، ضغوط مادية وأخرى داخلية، وخروج من دائرة المقاومة وخطر التحول إلى مجرد ورقة في تسويات إقليمية ودولية، تلك أبرز خسائر “حزب الله” المادية والسياسية التي يدور الحديث عنها اليوم، والتي يقابلها مكاسب عديدة على مستوى التدريب والتأهيل والتسليح لعناصر الحزب الشيعي اللبناني، والفرص الكبيرة أمامه للتحول إلى رقم صعب تحرص أطراف إقليمية ودولية على الحفاظ عليه”.

عن استراتيجية الحزب قال التقرير “إنه حين بدأ “حزب الله” تدخله في سوريا، تغيّرت أولوياته واستراتيجياته وخطاباته، فقد خصص نسبة أكبر بكثير من ميزانيته للإنفاق العسكري. وعلى الرغم من استمرار تمويله للخدمات الاجتماعية، إلا أن نسبة أكبر منها قد وُجهت إلى العائلات والمؤسسات المرتبطة بالبنية التحتية العسكرية لـ”حزب الله”، وذلك في إطار الجهود التي يبذلها لدعم قواته. وأصبحت سياسة المقاومة ضد إسرائيل ثانوية مع تحوّل اهتمام التنظيم إلى النزاع السوري”.

عن انعكاس القتال في سوريا على عناصره، أورد التقرير “أن الكثير من مقاتلي “حزب الله” استفاقوا من أوهامهم بشأن دور التنظيم في الصراع السوري، وأصبحوا مخذولين من غطرسة القوات الإيرانية الحليفة وافتقارها إلى الكفاءة العسكرية، ومن فساد الجيش السوري وضعفه. كما أنهم يقلقون من أن تنتقص روسيا من قيمتهمإذا كان ذلك يخدم مصالح موسكو في سوريا، ففي حين يرسل الحزب المزيد من المقاتلين إلى سوريا، يعقد فلاديمير بوتين اتفاقيات مع تركيا وإسرائيل”.

واعتبر التقرير “أن الحرب في سوريا، في سياقها المذهبي والإقليمي بل والدولي، أثرت بشكل كبير على الداخل اللبناني، وعززت من الشلل السياسي والاقتصادي والتشرذم الاجتماعي الذي تعيشه البلاد، الأمر الذي يزيد من فرص ظهور أصوات من داخل البيت الشيعي تدعو إلى الخروج من المستنقع السوري ولملمة الأوضاع داخلياً، وإيقاف النزيف في الأرواح والأموال. على الرغم من كل ذلك، فإن الحزب لا يزال يحظى، بحسب إحصاءات وتقديرات، بدعم 80 في المئة من شيعة لبنان الـ1,6 مليون، إلا أن أي فشل له على المستوى العسكري في سوريا، سيزيد الضغوط بشكل مضاعف على قدراته على الحفاظ على ذلك الدعم.

عن مستقبل الحزب لاحظ التقرير ما يلي:

“هناك ثلاث نقاط مهمة حول مستقبل “حزب الله” يجب تذكرها:

-أولاً: أنه سوف يبقى ملتزماً بالقتال إلى جانب إيران ونظام الأسد في سوريا.

-ثانياً: إن الحرب قد رسخت مكانته ضمن محور المقاومة.

-ثالثاً: إن التحسينات التي شهدتها إمكانياته ستنتقل على الأرجح إلى الميليشيات والتنظيمات الإرهابية الأخرى في الشرق الأوسط… يبدو أنه يصعب الجزم بمستقبل حرب “حزب الله” في سوريا وبتوقع نتائجها النهائية، فأي خلل في موازين القوى على الأرض، أو أي تطور كبير قد يطرأ على تجاذبات التسوية السياسية للملف السوري بين الدول المعنية به، قد يؤثر على الحزب بشكل مضاعف. ولكن الحزب، من جهة أخرى، يخوض الحرب ضمن حلف كبير لن يقبل بالهزيمة الكاملة، وبالنسبة اليه، فإن أقل مكاسب التحالف حجماً ستشكل انتصاراً كبيراً له، وستدعم من موقعه في الداخل اللبناني وعلى المستوى الدولي

السابق
السفير الاماراتي يفتتح في الأول من ايلول مستشفى شبعا
التالي
أوباما يلتقي إردوغان الأحد نهاية الاسبوع الحالي