سيرة فرحان صالح: كفرشوبا (قصة حُبّ.. سيرة مكان)

كتاب
عن "المجلس الأعلى للثقافة"، (مصر/القاهرة) صدرت السِّيرة الذاتية للكاتب اللبناني فرحان صالح، تحت عنوان: "كفرشوبا: قصّة حُبّ...سيرة مكان". (في الـ2015).

ليس ثمة قواعد لكتابة السيرة، مكان أو شخص أو غير ذلك. لذا فإن فرحان لا يتحدث كثيراً عن نفسه في كتابه عن كفرشوبا، بل يبدأ بالكلام عن بيئة البلدة مستفيداً للمدرسة الوحيدة التي استقبلته حين كان لا يزال تلميذاً وتأثره بأساتذتها المختلفة الطباع الذين تركوا أثراً في تكوينه.

اقرأ أيضاً: «حكايات من قصر منصور» وعن حزب الله… لشريف الحسيني

لكن فرحان كان عليه أن يغادر كفرشوبا إلى العاصمة بيروت وهو بعد في الثانية عشرة من العمر، لمتابعة الدراسة ثم العمل، فعادة ما كان الريف يضيق بأهله وشبانه، إلا أن فرحان حمل قريته معه وغادرها دون أن تغادره. وكان عليه أن يشق طريقه في مدينة كانت في الستينات من القرن العشرين تستقبل كل جديد من العامل المعاصر، لكن قساوة الحياة لم تسمح لفرحان بأن يغرف من بيروت القاسية على أمثاله فيضطر إلى العمل بعد أن يتوقف عن الدراسة ويجد نفسه في خضم الأحزاب والحركات السياسية وخصوصاً بعد عام 67 فيعود ليلتقي بكفرشوبا التي ستصبح مسرحاً للأحداث والوقائع.
وكان حظ فرحان صالح أن يعمل في مجال الكتاب مديراً لمكتبة دار الطليعة في منطقة الطريق الجديدة على مقربة من جامعة بيروت العربية، وقريباً في مخيمات الفلسطينيين مجاوراً لأحداث السبعينات متعرفاً إلى قادة الفصائل ورواد الفكر في تلك الآونة، فكان عمله في مجال الكتاب بمثابة مدرسة له عوضته عما افتقده من الدراسة النظامية والأكاديمية.
هذه السيرة التي يتزاوج فيها الاجتماعي والتاريخي مع المكان الجغرافي الطبيعي، تبدو كأنها صدى للبيئة والوقائع السياسية، بحيث يتوارى الفرد خلف العائلة والمدرسة والحزب.

وقدَّم للسيرة، الأستاذ الجامعي، الذي يشغل حالياً منصب سفير لبنان في جمهورية مصر العربية، والمندوبلدى جامعة الدولكتاب كفرشوبا العربية، الدكتور خالد زيادة.
وهنا نصّ التقديم: سيرة الفرد في خضم الاجتماع والتاريخ
إحدى الأشكال الأدبية التي شهدتها اللغة العربية في العقود القليلة الأخيرة، تتمثل بكتابة السيرة الذاتية، التي يخوض فيها سياسيون ورجال أعمال وعسكريون وبطبيعة الحال أصحاب القلم من رجال الفكر والأدب والصحافة.
والسيرة الذاتية، كما يعكس اسمها، تعبر عن أشياء عديدة غير الخوض في نوع أدبي. إذ إنها تعكس في المجال اللغوي العربي نزعة تمييز التجارب الخاصة، كما أنها التعبير عن تبلور الفردية. وإذ لاحظ أحد المستشرقين أن الأدب العربي الكلاسيكي يكاد يخلو من كتابة السيرة الذاتية، فإن الأدب العربي الحديث، الذي يعكس المؤثرات تبلور الفردية بنسب متفاوتة.
إلا أن كتابة السيرة الذاتية عادة ما تبحث عن مبررات، فأولئك الذين لعبوا أدواراً في الشأن العام أو القادة أو الرؤساء والسياسيون يجدون في تجاربهم ما يبرر امتشاق القلم لكتابة سيرة تعبر عن تناغم بين العام والخاص. وبهذا المعنى فإن السيرة تقترب والحال من كتابة التاريخ من منظور شاهد على أحداثه.
إلا أن فرحان صالح: كفرشوبا قصة حب وسيرة مكان، يتوارى دون أن يغيب، خلف ذريعة كتابة سيرة البلدة الجنوبية التي ولد فيها وسط عائلته المديدة. واسم كفرشوبا وحده يكفي أن يقدم المبرر لكتابة سيرة يكون البطل فيها بلدة شهدت أحداثاً جساماً منذ أربعة عقود ولا يزال اسمها يتكرر لموقعها بين حدود لبنان وسوريا وفلسطين.

اقرأ أيضاً: «الأربعون ظلاًّ»… فلسفة شِعر إيهاب حمادة

ومع ذلك فإن ما يكتبه فرحان يتطرق إلى سنوات وعيه الأولى في بلدته تلك، العائلة، الوالد بالدرجة الأولى، ثم الأهل وسكان القرية: “كانت حياة سكان القرية، وحياة العائلة فيها مرآة لحياة الطبيعة، تتجدد حياة الناس بتجدد الطبيعة والعكس بالعكس…”.

السابق
متهم بالإنتماء إلى جند الشام يسلم نفسه
التالي
#ليه_طردوا_نديم_قطيش: نديم قطيش ضحية أم جلاد؟