الدب الروسي ينقذ السمكة التركية، و مخالب النسر الأمريكي بلا صيد

"جماعة فتح الله كولن هي من تُحيك أكاذيب قضية أرغنكون، ونفس الذين لفقوا هذه القضية سيلفقون في المستقبل قضايا أخرى للإطاحة بأردوغان نفسه” هذا ما قاله إلكر باشبوغ رئيس أركان الجيش التركي السابق .

بعد خدعة أرغنكون وفضحها، يبدو أن إلكر باشبوغ أحسن التنبؤ بالمستقبل، وقراءة المتغيرات وفهم الدلالات، بأن الولايات المتحدة لن تكف عن محاولاتها لإسقاط أردوغان، وإرسال تركيا إلى فردوس الشرق الأوسط، إسوةً بدول الربيع العربي التعيس .

التخطيط للإنقلاب لم يكن بين ليلة وضحاها، بل كان إنقلاب عسكري بالمعني العميق، فهذا العمل سبقه جهد مخباراتي محترف وتخطيط على مستوي دولي عالي، والسيناريو الذي إتضحت ملامحه الأن، يمكن روايته كالتالي :

24- نوفمبر – 2015 أمَرَ مدبري الإنقلاب عبر إملاءات إمريكية، إسقاط الطائرة الروسية علي الحدود التركية السورية، دون أخذ الأوامر العسكريه من القيادة التركية وذلك لوضع أنقرة في موقف مربك وصعب أمام موسكو .

بعد ساعات يصرح أوباما بأن لتركيا الحق في الدفاع عن أجوائها، وعلى هذا النسق وذات المعني صرحت قيادة الناتو من بروكسل، وكانت هذه التصريحات في الحقيقة هي إستغلال نقطة ضعف أردوغان “ الغرور”، فأخذ الضحية يغرد مستحضراً شجاعة الأمبراطور العثماني قائلاً ” بأن تركيا لن تعتذر لموسكو، وأن لها الحق في حماية أجواءها” .

هذه الخطوة من الإنقلاب تمت بنجاح، فتوتر العلاقات مع موسكو بالإضافة لتوتر العلاقات التركية مع الإتحاد الأروبي ودول أخرى من الشرق الأوسط، جعل من تركيا وكأنها تتقوقع حول نفسها، وتقطع علاقاتها مع الجميع، وهذا يخدم مصلحة الإنقلابيبن، حيث سيبارك المجتمع الدولي هذا الإنقلاب إذا نجح .

الانقلاب في تركيا

ومن جانب أخر، كانت هذه الخطوة هي طعم ذو مرحلة ثانية لروسيا، حيث كان الطعم هو أن موسكو لو حصلت على معلومات إستخبارتيه حول الإنقلاب، ستقوم إما بدعمه للتخلص من أردوغان، أو أنها ستستمتع بمشاهدة غرق أردوغان في بحر الرمال المتحركة، وفي الحالتين تكون أمريكا قد نجحت في إمتطاء الدب الروسي في هذه العملية .

تحصلت المخابرات الروسية على المعلومات، لكنها كانت أذكى من أن تلتهم الطعم، وكان علي الدب الروسي إنقاذ السمكه التركية من الغرق في محيط الكبار، وإعادة شباك النسر الأمريكي بلا صيد .

إقرأ أيضاً: أي مرحلة تدخلها تركيا بعد «الانقلاب»؟

بتاريخ 8 يوليو 2016 ذكرت دراسة للأمن القومي الأسرائيلي، أن تل أبيب تبحث عن إمكانية الإستفادة من الأزمة التركية الروسية، للحصول علي تنازلات من الجانب التركي في التطبيع مع أنقرة، وهنا قدمت موسكو المعلومات لأسرائيل لتفاوض بها أنقرة وتحصل علي التنازلات التي تطمح لها، لم تقدم موسكو المعلومات مباشرة لأنقرة وأرجح ذلك لسببين :
الأول : تحجيم أنقرة، والسبب الثاني هو رد الصفعة لأمريكا بإستخدام إبنتها إسرائيل بنقل الهدية .

حجم المعلومات وقيمتها لم تجعل أمام أنقرة إلا سرعة التطبيع مع إسرائيل، ومن ثم التوجه للإعتذار من روسيا، وإرسال رسالة عاجلة للعالم أن تركيا غيرت من سياستها الخارجية، و أنها ستسعى مجدداً لسياسة “صفر مشاكل “ مع العالم وكانت بالطبع هناك رسائل مهمة لدمشق و القاهرة، وما يدعم هذا السيناريو هو تفاعل موسكو السريع مع الإعتذار التركي، وإعادة العلاقات بسرعة غير مسبوقة.

إقرأ أيضاً: تركيا.. ملاحظات أساسية حول المحاولة الانقلابية الفاشلة

هذا التسارع والتغيير المفاجئ للسياسة الخارجية كان كافي لمدبري الإنقلاب معرفة أن أنقرة لديها المعلومات، وبالطبع المخابرات الأمريكيه لم تغفل عن ذلك، وهنا كانت الأوامر بتعجيل ساعة الصفر للإنقلاب، والتي لم تعلمها المخابرات التركيه إلا قبلها بساعتين علي أقصي تقدير .

مايدعم هذا السيناريو هو خبر إعتقال الطيارين التركيين اللذان أسقطا الطائرة الروسية، حيث تبين أنهما شاركا في الإنقلاب، وأنهم منتمين لجماعة فتح الله غولن .

السابق
نقيب المحامين لـ«جنوبية»: مغتصب قاصرة طرابلس أقرّ بجريمته
التالي
«الجديد» تدين كارول معلوف.. ماذا عن طهارة حزب الله؟