القاع تفرض على لبنان تأهب أمني وسط «معطيات مهمة» بيد الجيش

لم يسبق للحكومة أو للقيادات العسكرية والامنية ان وضعت الرأي العام اللبناني في أجواء مشدودة تقتضي استنفاراً رسمياً وسياسياً وشعبيا في موازاة الاستنفار الامني الاستثنائي الحاصل منذ هجمات الارهابيين الانتحاريين على القاع، كما فعلت غداة هذه الهجمات أمس.

إذ لم تكن القاع بالأمس مجرد بلدة لبنانية تتعرّض لهجوم ارهابي عابر، إلا أن حجم العدوان الارهابي الذي تعرضت له، ونوعيته، بالكمّ الكبير من الانتحاريين والارهابيين الذي استهدفها بشكل غير مسبوق، صاغ رسالة الى كل لبنان وللمستويات السياسية والرسمية على اختلافها، بمضمون محدد مفاده: لا بدّ من قاعدة عمل جديدة وفاعلة في وجه الارهاب بكل عناوينه وما يتفرّع عنه، وبفاعلية شديدة داخل البيئة التي تشكل حضناً او ملاذاً له.

اقراغ ايضًا: نواب امتشقوا السلاح دفاعا عن الوطن… فماذا كانت النتيجة؟

تفجيرات القاع فاتحة موجة جديدة

لكن الأهم التعتيم المتفق عليه من قبل قادة الأجهزة من أن تكون “جريمة القاع الإرهابية فاتحة لموجة من العمليات الإرهابية في ظل معلومات تتولى الجهات الامنية متابعتها، واتخاذ ما يلزم في شأنها”.

تحوّلت القاع إلى محجة لقيادات سياسية ووزارية وأمنية، على وقع رعب وخوف لم يعرفه أبناء البلدة، لا في أيام الحرب الأهلية، ولا في العام 1982، ولا في أي وقت آخر، منذ نشوب الأزمة السورية التي تحوّلت إلى حرب طاحنة وتكاد تفجر الشرق الأوسط برمته. وتحول لبنان كلّه إلى بلد ارتفع فيه منسوب الحذر، واستنفرت الدولة بكل اجهزتها، وكاد الأمن أن يكون البند الوحيد على جدول نقاشات النّاس واهتماماتهم، بعدما عممت القوى الأمنية ما لديها من معلومات، فألغت احتفالات ليلة القدر التي كان يزمع “حزب الله” وحركة “أمل” إحياءها في الضاحية الجنوبية ومناطق أخرى. والنقطة الثانية التي توقف المراقبون عندها، في الاجتماع المذكور، هي التحذير من أن “يشكل الهجوم الارهابي على القاع ذريعة لأي شكل من أشكال الأمن الذاتي”، الذي وصفه البيان بـ”المرفوض”.

اقرا ايضًا: القاع تنذر الضاحية… تخوّف من انغماسيين في ليالي القدر

وما يسترعي  الانتباه أيضاً البيان الصادر عن الاجتماع الامني في السرايا اشارته الى ان “المسؤولية الوطنية تقتضي تنبيه اللبنانيين الى المخاطر المحتملة وعدم استبعاد ان تكون هذه الجريمة الارهابية فاتحة لموجة من العمليات الارهابية في ظل معلومات تتولى الجهات الامنية متابعتها واتخاذ ما يلزم في شأنها”.

وكان عقد اجتماع أمني في مكتب قائد الجيش العماد جان قهوجي ضَمّه ووزير الدفاع سمير مقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق ومدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم. كما ترأس رئيس الحكومة تمام سلام اجتماعاً امنياً صدر عنه بيان أكّد أنّ “الاعتداء الذي استهدف بلدة القاع قد يكون مؤشراً إلى مرحلة جديدة أكثر شراسة في المواجهة مع الإرهاب الظلامي”.

اقرا ايضًا: «القاع» في مرمى الإرهاب ومخاوف من استهداف العمق اللبناني

“معطيات مهمة” بيد الجيش

إلى ذلك تابعت الأجهزة الأمنية بعد تفجيرات القاع تحقيقاتها بالتوازي مع إجراءات ينفذها الجيش في البلدة، ومداهمات نفّذها فوج المجوقل في مشاريع القاع وداخل البلدة، بحثاً عن مطلوبين وانتحاريين دخلوا مع الثمانية الذين فجّروا أنفسهم.

وتنتظر القاع، كما كل اللبنانيين، نتائج التحقيقات العسكرية التي بدأت حيال الهجوم الارهابي التي استهدفها. وبحسب تأكيدات مصادر عسكرية فإنّ “هذه التحقيقات قد قطعت شوطاً مهماً، وهناك اعترافات وموقوفون وخيوط ومعطيات شديدة الاهمية في يد مخابرات الجيش، بالتوازي مع معلومات موثوقة على لسان مصادر أمنية بأنّ مخابرات الجيش قد تمكنت نهاية الاسبوع الماضي من إحباط مخطط ضخم، يتجلى بعمل إرهابي مزدوج، كان سيستهدف مرفقاً سياحياً مهماً في احدى ضواحي بيروت الشرقية، وقد تمّ إحباطه وتمّ توقيف شخصين على صِلة به”.

كما علم من معلومات جرى تداولها استندت الى معطيات الجيش الذي استبعد ان يكون الانتحاريون الثمانية الذين نفذوا تفجيرات القاع قد انطلقوا من مخيمات اللاجئين في مشاريع القاع والارجح انهم تسللوا الى القاع من جرود عرسال. وتبين ان الجيش عرف هويات سبعة منهم وهم سوريون وما زال التدقيق مستمراً في التدقيق مستمراً في هوية الثامن، مع ترجيح إمكان وصولهم الى القاع عبر جرود عرسال. كما استبعد الجيش ان تكون الهجمات الارهابية ردة فعل على اقدام بلدية القاع مع قوى الامن الداخلي على هدم منشآت اسمنتية اقامها اللاجئون داخل المخيمات واعتبرت المصادر العسكرية المعنية ان هذا الاحتمال ضئيل لان ردة الفعل لا تكون بهذا العدد من الانتحاريين الذين استهدفوا بلدة القاع. كما علم من مصادر أمنية أن الانتحاريين الذين دخلوا بلدة القاع هم مجندون جدد لم يكونوا سابقاً ضمن رصد الجهات المعنية وهم في إطار مجموعات يصل عدد كل منها الى 17 عضواً.

السابق
عقاب صقر راجع..؟
التالي
«داعش» والقاع وخفايا لعبة السيطرة