بعد التفجيرات المسائية…لماذا القاع؟!

قبل ان نقول لماذا القاع، نقول لماذا لا توجد قواعد لداعش في القلمون السوري الا مقابل بلدتي القاع ورأس بعلبك المسيحيتين اذا استثنينا تواجده الغير مستقر في جرود عرسال مقابل قواعد جبهة النصرة التي تدخل في صراع دموي مع داعش من حين لآخر.

قبل عامين ، وبينما كانت القوات السورية بمعاونة الآلاف من مسلحي حزب الله تقوم بعمليات تطهير وسيطرة على مدن وقرى القلمون السوري المحاذي للحدود اللبنانية السورية، وردت معلومات عن تمركز المئات من عناصر داعش، وبقدرة قادر، في جرود بلدتي القاع ورأس بعلبك المسيحيتين، وذلك في اختراق غير مفهوم لجحافل قوات الجيش السوري وحزب الله، التي اصبحت تسيطر ومنذ أكثر من عام، على كامل الحدود اللبنانية السورية الشمالية الغربية، عدا جرود بلدتي القاع ورأس بعلبك، وكذلك جرود عرسال ذات الخصوصية المذهبية.

مواجهة وحيدة وقعت بين حزب الله وعناصر داعش فبل سنة، في شهر حزيران من العام الماضي، عندما شن التنظم الارهابي هجوما على ثلاث مراكز لحزب الله أسفر عن مصرع حوالي عشرة مقاتلين من الحزب وخمسة عشر من داعش، ولم تسجل بعدها أية مواجهة بين الطرفين، فيما تعرضت مراكز الجيش اللبناني لهجوم من داعش بعدها اسفر عن استشهاد ستة من عناصره وجرح اخرين.

قبل وبعد هذين الهجومين، لم يسجل أي حادث يذكر باستثناء خروقات بسيطة، كان الجيش يتعامل معها بشكل روتيني ومن الموقع المسيطر، خصوصا بعد بنائه لعدد من الأبراج الحدودية تبرعت بريطانيا للجيش بتجهيزها الكترونيا وتسليحها باسلحة متطورة، لمواجهة هجومات محتملة لتنظيم داعش على هاتين البلدتين المسيحيتين.

القاع

أما لماذا هذا الهجوم المنسق اليوم، صباحا ومساء على بلدة القاع، فان توقيته يطرح عدة تساؤلات، منها ما يتعلق بتنظيم داعش الذي بدأ على ما يبدو يشهد العدّ العكسي لنهايته في العراق بعد ان تلقى ضربة قاصمة في الفلوجة التي تمكن الجيش العراقي من تحريرها امس بشكل كامل، وهو في طريقه للزحف نحو آخر معاقل التنظيم الارهابي في نينوى لتحرير عاصمتها الموصل، وكذلك فيما يتعلق بسوريا وعزم أميركا على مساعدة قوات سوريا الديموقراطية لتحرير مدينة الرقة عاصمة داعش سوريا بعد نجاحه في تحرير مدينة منبج قبل أيام، وكذلك ما يحكى عن عملية روسية سورية مشتركة تهدف لاستعادة دير الزور من جماعة البغدادي الشهر القادم.

إقرأ أيضاً: كيف تفاعل الناشطون مع تفجيرات القاع وكيف استثمرت في السياسة؟

بالمقابل فان حزب الله يواجه هذه الأيام مأزقا لا يقل عن مأزق داعش في سوريا بعدما تركت قواته تواجه وحدها تفريبا قوات المعارضة التي اعادت تجميع قواتها وبدأت بالهجوم واجتياح مراكز الحزب في ريف حلب، وذلك دون اسناد بري من الجيش السوري ولا جوي من قبل الطيران الروسي الحليف، مما كبده خسار فادحة بالارواح والمعدات بالاضافة لخسارة بلدات حصينة ومواقع كان سيطر عليها قبل أشهر ممنيا النفس بمزيد من سيطرة تؤهله وحلفائه من احتلال كامل مدينة حلب، لكن “فتنة الهدنة” الاميركية الروسية سرعان ما قضت على احلامه وأحلام امه الحنون ايران التي ما انفكت تطالب الروس بالدعم الجوي واستكمال الهجوم على حلب، ولكن دون جدوى.

 

اما الخطر الوجودي الذي يتعرض له حزب الله فهو الحصار المالي الاميركي العالمي الذي بدأ بالتضييق عليه في محاولة لخنقه اقتصاديا عبر قوانين سنتها اميركا ضده، ما وضعه في مواجهة يائسة مع المصارف اللبنانية يعلم هو مسبقا انها غير مجدية لان خيوط اللعبة المالية كلها في نيويورك عاصمة المصارف في العالم، ولا يخفى عن العلم ان الحزب تأكد ان تلك التفاهمات الجارية بين اسرائيل وروسيا والتنسيق الأميركي الميداني معهما يصب في خانه اضعافه وإيران وفرض أمر واقع يربطه مصيرا بتنظيم داعش.

إقرأ أيضاً: القاع تنذر الضاحية… تخوّف من انغماسيين في ليالي القدر

إذن، داعش وحزب الله يمران بأيام عصيبة عسكريا وماليا، واذا كانت جبهة المصارف في بيروت تلقت ضربة تحذيرية على شكل رسالة لمن يهمه الأمر ان الاستقرار المالي والأمني للبنان كله يمكن ان يهتز، فان ضربة القاع المزدوجة من قبل داعش الذي لم يتبنّ حتى الان التفجيرات الانتحارية، هي أمس أيضا، رسالة مزدوجة ولمن يهمه الأمر أيضا، ان ورقة داعش الحدودية يمكن ان تطرح بقوة لتقلب الموازين الأمنية المستقرة برعاية القوى غير النظامية المتواجدة في لبنان وسورية والتي تتصرف في لحظة معينة وكأن مصيرها واحد رغم تناحرها احيانا فيما بينها، فهي تعتبر وقبل كل شيء ان عدوها الاساسي هي الدول التي انبثقت منها والتي تسهر على ان تظل تلك الدول هشة وان تبقى جيوشها ضعيفه وحكوماتها غير مستقرة، وأمنها لا يمكن ان يستتب دون تدخل من تلك القوى المرتبطة بمشاريع اقليمية ذات أيديولوجيات عقائدية وهويات عابرة لكل الأوطان.

السابق
بالصور: من هم هؤلاء المسلحين في بلدة القاع؟!
التالي
بالفيديو: الراجمات من القاع إلى الجرود