محافظة ايرانية ترفض قتل ابنائها في سوريا… في ظل الخيانة الروسية!

يبدو أن نيران معركة خان طومان في حلب، انتقلت إلى محافظة مازندران في شمال إيران. فبعد أن دفنت المحافظة المفجوعة قتلاها، قررت تعليق مشاركتها العسكرية في المعارك الدائرة في سوريا وفي العراق أيضا.

ففي حفل تأبين القتلى الذين قضوا في خان طومان، أعلن حجة الإسلام كاظمي وهو أحد المسؤولين العسكريين في سوريا عن توقف إرسال عسكريين من محافظة مازندران للقتال في سوريا، استجابة لطلب الأهالي ومسؤولين في الحرس الثوري من المحافظة.

اقرأ أيضاً: خفايا حياة خامنئي (1): الوجه الآخر للزعيم الزاهد

محافظة مازندران التي تنام هانئة في حضن دماوند، إحدى أعلى قمم الجبال في العالم، لم تستفق حتى الآن، من صدمة سقوط 13 ضابطا من أبنائها دفعة واحدة، في معركة خان طومان على مشارف حلب، عدا الأسرى الستة والعدد الكبير من الجرحى.

وصول جثامين القتلى كان بمثابة كابوس، أفقد المحافظة الوادعة سكينتها. غضب أهلها، ورفعوا العرائض إلى الحرس الثوري، تمردوا، تحدثوا إلى وسائل إعلامية عن قلق يساورهم منذ خمس سنوات، تاريخ انغماس الحرس الثوري في مقارعة المعارضة السورية إلى جانب رئيس نظام البعث السوري بشار الأسد، من عودة مشهد الجنازات التي كانت تتقاطر على مدى أعوام الحرب الثمانية مع نظام البعث العراقي، ليخيم مجددا على مدنهم وقراهم.

الحرس الثوري الايراني

قدمت مدن مازندران وقراها 9853 قتيلا على طريق تحرير الوطن من عبث البعث العراقي، كان ترتيبها الخامسة بين المحافظات الإيرانية ال 31، من حيث عدد الشهداء، سبقتها محافظات: طهران اصفهان، خراسان، فارس وخوزستان، لكنها لم تشتك يوما.

فالحرب آنذاك كانت مقدسة، الجيش العراقي استباح حدود الوطن، والعالم تآمر على الثورة الفتية. أما الآن، فالبعث في العراق ولى، وأعدم رئيسه، والجيش أصبح حشدا شعبيا تحت أمرة حرسهم الثوري. ونظام البعث في سوريا شبه منهار، وإهراق دماء أبنائهم لن يبعث الحياة في جسده، وبحكم دروس التاريخ لن يكون مصير رئيسه أفضل من مصير من سبقه، سيكون من السهل العثور عليه في حفرة أو في أنبوب مياه، فما جدوى كل هذه التضحيات؟ كما أنه لا حدود لوطنهم مع سوريا.

حين يزور السائح محافظة مازندران، لا بد أن يسمع عبارة “نصف عجائب إيران في مازندران”، جبال وغابات وأنهار وسهول وبحر قزوين، الذي يختزن جوفه ثلاثة أنواع من الثروة: النفط والغاز وسمك الحفش المنتج لأغلى أنواع الكافيار في العالم، والذي تتقاسمه مازندران الإيرانية مع أربع دول جارة: آذربيجان، تركمنستان، كازاخستان وروسيا.

مع دخول روسيا على خط المعارك في سوريا، تضاعف قلق أهل مازندران، من عودة مشهد الجنازات إلى ديارهم مجددا. الجار الروسي يزاحمهم على خيرات بحر قزوين، صانع حياتهم وحامي كرامتهم، ويزاحم دولتهم على النفوذ السياسي في دول الحوض. وهو من جهة، يترك العنان لمافيات عالمية، تجول في أعاليه لتفتك عبر الصيد غير الشرعي بالسمك المنتج للكافيار، ومن جهة أخرى يهددهم بعقد اتفاقيات ثنائية وثلاثية مع الدول المشاطئة، لتقاسم أجزاء من قزوين دون مراعاة قصر سواحل بلادهم، وإمكانية تحويله بفعل هذه الاتفاقيات إلى حوض مفتوح يغري الطامعين، بالتدخل بالمنطقة.

إذا، ما بين أهل مازندران والجار الروسي ليس بعدا، بل حقد، وكما قزوين مقفل، هكذا هي العلاقة بينهما منذ حكم الإمبراطوريات إلى أحلامها. بعد هزيمة خان طومان، صارت ترعى بينهما الحيتان. أهل مازندران يتهمون الروس بالتقصير أو التقاعس عن تأمين غطاء جوي لعناصر اللواء (25 كربلا) الذين حاصرتهم قوات المعارضة السورية في خان طومان، ربما لو حصل ذلك لكان بإمكانهم النجاة، لكن الحليف المفترض لم يحرك ساكنا، تفرج على الجنود وجلهم من مازندران، يقتلون أمام عينيه، ما حصل في خان طومان برأيهم، ليس مجرد حادثة، بل جريمة يجب التحقيق فيها. كذلك لم يعد إطلاق صاروخين روسيين من سفن تعوم فوق مياه قزوين، باتجاه سوريا، ثم سقوطهما في الأراضي الإيرانية، في نظرهم، حادثة عابرة.

اقرأ أيضاً: موت ولاية الفقيه: إيران الجديدة هل ستحترم العلاقات بين الدول

وكما يحق للروسي أن يسحب جيشه من سوريا فجأة، ويحدد الإطار الذي يناسب حضوره، يحق لأهل مازندران الامتناع عن الاستمرار بإرسال أبنائهم إلى سوريا. وليحافظ الحرس الثوري على حضوره ونفوذه هناك، بميليشياته الأفغانية والباكستانية والعراقية …واللبنانية!

السابق
حقوق كامل مروّة
التالي
«مستقلون» بكفاءات متعددة.. يواجهون لائحة «الوفاء والتنمية» في «البازورية»