يوم حرية الصحافة: لماذا لم يعد لبنان منبرها؟

في اليوم العالمي لحرية الصحافة، تمتظهر صورة سوداوية لهذه المهنة المحفوفة بالمخاطر والخاضعة لعديد من الضغوطات ومن السلطة القمعية، وعمومًا في الأنظمة الشمولية ما من حرية صحافية ليصبح الإعلام بين قرارين أو كتم الصوت أو التحوّل لوكالة تبيع ما يعرض عليها الوالي من معطيات لا تمّت للحقيقة ولا تعكس إلا صوت قوى أمر الواقع.

هذا الواقع الذي ترزح تحته الصحافة، أكده التقرير الصادر عن منظمة “فريدوم” هاوس والذي أوضح أنّ حرية الصحافة في العالم أجمع تراجعت السنة الماضية إلى أدنى مستوى لها في 12 عامًا.
كذلك تشير منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى أنّ البحرين والسعودية وليبيا واليمن وسورية تشهد “أوضاعًا خطيرة” هذه السنة، وأنّه في كل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام، “يئن الصحافيون تحت وطأة الضغوط بجميع أنواعها وشتى أشكالها”.

اليوم العالمي لحرية الصحافة، يطلّ لبنانيًا والمصوّر اللبناني في سكاي نيوز “سمير كسّاب” ما زال مغيّبًا بعدما اختطف في سوريا أثناء اعداده تقريرًا عن واقع العيد بها بين الردم والدمار، كسّاب لم يعد، والدولة اللبنانية بمؤسساتها الإعلامية ما زالت تتعاطى خجولًا وهذا الملف.
كذلك يطلّ شاهدًا على قضية الإعلامية ديما صادق وانتصارها قضائيًا على حزب الله وسياسة كمّ الأفواه، ويأتي متزامنًا مع حروب إعلامية بين القنوات وبين تخوين واتهامات لبعضها والتي أبرزها توصيف مريم البسّام للمراسل الإعلامي حسين خريس على أنّه مراسل النصرة بعد تغطيته لصفقة التبادل التي أدّت لتحرير مخطوفي الجيش اللبناني.

فما هو واقع حرية الصحافة؟ وكيف يمكن إسقاطها لبنانيًا، وما الضغوطات التي يتعرَض لها الإعلامي اللبناني؟
“جنوبية”، بهذه المناسبة أجرى لقاءً مع عدّة إعلاميين من لبنان للتوقف عند هذه النقاط، الصحافي في جريدة الأنباء وموقع صوت الجبل رائد أبو شقرا، أعرب من جهته أنّ “الصحافة تشهد اليوم اسوأ اوقاتها فهي كانت في الماضي منبرًا حرًا ينتظره الجمهور؛ وكانت عناوين الصحف تسقط حكومات أمّا اليوم فالصحافة ما هي إلاّ مهنة والسواد الأعظم من الصحافيين تابعين ومأجورين وراضخين لقوى الأمر الواقع والأوليغارشية التي تضم أصحاب الرساميل وأصحاب القرار من أمنيين وسياسيين و قضاة، هذا على المستوى الوطني اما عالميًا يبقى بعض المنابر حرًّا نسبيًا من الضغوطات السياسية، كالفيغارو وديرشبيغل وغيرها من الصحف الاوروبية”.
مضيفًا “هي سلطة رابعة في الغرب وهي وجه آخر للسلطة في المشرق”.
وعن لبنان، أشار أبو شقرا أنّ الصحافة خاضعة لأبعد مدى وهي غير حرة، أما المهنية فهي موجودة بعض الشيء أي أنّ الصحافة اللبنانية لا تكذب ما عدا قليل منها، إنّما قد تقول نصف الحقيقة وتخفي النصف الآخر خدمة لأولياء الأمر”.
واعتبر أنّ “الصحافي غير المسنود على أحدهم هو مهمش أو مهدد أو فار”.
وعن الضغوطات التي تعرض لها خلال أعوام عمله في هذا المجال، أوضح أنّه تعرض لضغوطات عديدة، قائلًا ” بدأ الأمر بوسائل التواصل الإجتماعي ثم رسائل تهديد، ثم الى اتصالات هاتفية من ارقام محجوبة و سورية”.
وتابع أبو شقرا “بعدها تعرضت لملاحقة أثناء القيادة بخصوص بعض المواقف خاصة النظام السوري وأزلامه في لبنان ما اضطرني إلى التخفيف من الحركة أحيانًا ووضع زجاج عازل للسيارة وحمل السلاح بشكل دائم والاستعانة بحرس في بعض الاحيان”.

الصحافة اللبنانية

 

الإعلامية كارين بولس، وصفت هذا اليوم بأنّ “الثالث من أيار من كل عام، هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهذا اليوم يساعد لتذكير العالم أجمع بالانتهاكات التي يتعرض لها الصحافي خلال ممارسة مهنته، ويساعدنا على تذكير العالم بصحافيين استشهدوا أو فقدوا خلال تأديتهم واجبهم المهني وهنا لا بد من ذكر الصحافي اللبناني سمير كساب الذي فقد أو اختطف في سوريا وحتى اليوم لم نسمع عنه أيّ شيء”.

إقرأ أيضًا: مقتلة الصحافة في وطن الأرز… والإشعاع!
وتابعت أنّه “مع انتشارعالم السوشيال ميديا يتعرض الصحافي للتهديد أو للمحاسبة على رأي ينشره، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء على غرار ما حدث مع الزميل عمر حرقوص في الحمرا منذ فترة”.
وعن الضغوطات قالت بولس “لم أتعرض لضغوطات تذكر، هناك بعض الصعوبات كانت تواجهنا خلال تغطية الأحداث، فالصحافة (كما يقال عنها) هي مهنة البحث عن المتاعب لكن بنظري هي مهنة البحث عن الحقيقة، وللوصول اليها أحيانًا يتعرض الصحافي إلى بعض المضايقات لكن عليه تخطيها بحنكته ودهاءه”.

الصحافي والخبير بمواقع االتواصل الاجتماعي عمر قصقص، اعتبر أنّه “إجمالاً في لبنان هناك حرية صحافة بعكس الدول العربية والدليل على ذلك ليس لدينا معتقلين رأي مثل مصر أو السعودية”.
وعن الضغوطات التي يتعرض له الإعلامي في لبنان، أشار قصقص أنّه ” هناك بعض الضغوطات من قبل جهات محددة كحزب الله والحزب القومي السوري وأنّ تهديدات قد وصلته بأنّ لا يدخل الضاحية بسبب مواقفه السياسية”.
وأضاف، أنّ “الإعلامي نديم قطيش قد انتقل لدبي مثلاً بسبب الضغوطات التي تعرض لها من قبل الحزب”.

إقرأ أيضًا: أزمة الصحافة تبحث عن حل

الإعلامية في جريدة البلد نهلا نصر الدين، اعتبرت بدورها أنّه “يبقى وضع الصحافة اللبنانية أفضل من غيرها في دول الجوار، إذ أنّ لبنان اشتهر على مرّ العصور وتباهى بإعلامه الحر، هذا بشكل عام”
مضيفة “أمّا إذا ما أخذنا حرية الصحافة بأبعادها الخاصة في لبنان لوجدنا ثغرات كبيرة تنغص على الصحافة اللبنانية حريتها، وخير دليل ما تعرض له الصحافيين في تظاهرات الحراك المدني مؤخرًا من اعتداءات واعتقالات تعسفية”.
وأشارت نصر الدين، أنّه “لا يمكننا أن ننكر بأنّ معظم الإعلام اللبناني مملوك إمّا سياسيًا وإمَا تجاريُا، فكثيرة هي الأسماء أو الفضائح التي لا نملك الحرية الكاملة في تسليط الضوء عليها كصحافيين إمّا لأسباب سياسية وامّا لأسباب تجارية”.

إذًا، حرية الصحافة تنعكس لبنانيًا بقمع سياسي، وبضغوطات حزبية، وتسقط عند سمير كسّاب وقضيته، ليظلّ السؤال، متى سيصبح الإعلامي في لبنان محصنًّا من مرتزقة المال والسلاح، ومتى ستتحرك القوى لأجل كسّاب ولأجل تحريره…

3 أيار، ليس اليوم العالمي لحرية الصحافة، وإنّما هو اليوم العالمي لتحريرها ولإعادة كسّاب لبنانيًا، ولتحرير معتقلي الرأي عربيًّا.

السابق
جنسية إيرانية لعائلات «الشهداء» الأجانب: موتوا… كي نحيا
التالي
مقدمات نشرات الاخبار التلفزيونية المسائية ليوم الثلاثاء 3-5-2016