الإقطاع والإقطاع المودرن يوم انتخب الرئيس سركيس

في ٢٣ / ٩ / ١٩٧٦ كان موعد إجراء جلسة لانتخاب رئيس جمهورية، لا اريد الكلام من كان يريد أو لايريد اجراء هذا الاستحقاق والتهديد والوعيد الذي رافقه من تاريخ الإعلان عنه الى تاريخ إنجازه كنا جميعًا نعيش على اعصابنا في جو من الخوف حتى أنّ أحد قادة المحاور هدد الرئيس مباشرة بالتصفية الجسدية وهو لا يزال حيًا حتى الان.

يوم الاستحقاق وفي الصباح الباكر بدء توافد النواب المقيمين في المنطقة الغربية إلى مكان إقامة الرئيس في شارع مرادف لشارع الحمرا في نزل كان عبارة عن شقق مفروشة يدعى وايت بلاس حيث كان نقطة التجمع للانطلاق بموكب واحد الى قصر منصور في منطقة المتحف المبنى المؤقت للمجلس النيابي المكان الاستراتيجي الذي يسمح لكل النواب ومن كل المناطق المشاركة كان هذا بعد اصرار الرئيس كامل الأسعد اجراء الاستحقاق في موعده ولم يفاوض ولم يرضخ حيث اصبح لا بد لقوى الأمر الواقع من محاولة منعها بالقوة.
منذ ساعات الصباح الأولى بدء إطلاق إلنار في الهواء من الأبنية والشوارع المجاورة لترهيبنا وكان يؤمن الحماية لنا جيش التحرير الفلسطيني العامل وقتها في إطار قوات الأمن العربية وكانت أوامرهم تأتي من سوريا.
حان وقت الانطلاق وكان الموكب مؤلف من خمس سيارات مدنية وحوالي عشرة سيارات مواكبة ومنذ الاقلاع بدء إطلاق النار من السيارات المواكبة في الهواء، عَبَرْنا ڤردان كورنيش المزرعة وصولاً إلى المتحف ولم يتوقف إطلاق النار طبعًا كانت الشوارع فارغة إلاّ من مطلقي النار. ساحة حرب حقيقية قطعتها السيارات بسرعة جنونية وتمكنا من الوصول دون اصابات.
دخلنا القاعة اكتمل النصاب وشرعنا بانتخاب الرئيس وبدأ القصف المدفعي على محيط المبنى من ما جعل شظايا الزجاج المتناثر من النوافذ اثر القصف ان يصيب البعض منا بجروح بما فينا الرئيس.

إقرأ أيضًا: رئاسة الجمهورية ضمن سلّة إيران

المهم تمّ انتخاب الرئيس الياس سركيس رئيسًا للجمهورية اللبنانية انتهت الجلسة وخرجنا، فريقنا ذهب باتجاه المنطقة الشرقية خوف من ردة الفعل في الغربية وبقي الرئيس وقتها في منزله بالحازمية.
سردي للحادثة لأقول كان هناك هامات وطنية غير مستعدة للمغامرة باي استحقاق مهما كان الثمن، وقتها كان الوطن للجميع ولم يكن يدخل في حسابات المحاصصة اليوم اصبح الوطن امام دراسة جدوى وكل فريق يسئل كم حصتي من هذا الاستثمار فيما يسمى سوبر ماركت وطن، طبعًا حال تجار الوطن لم يتبدل منذ ذالك الوقت ويزداد شراسة وسطوة ما تغير فقط غياب رجالات الوطن حيث اصبح تمرير الصفقات اسهل لان الجميع اصبح شريك ولكلّ ثمنه.

رئاسة الجمهورية
رئاسة الجمهورية

هدفي أيضًا أن اقول أنّه بعد اسبوع نسيَ الجميع الإنجاز وبدء البعض يقول هرب هذا الاقطاعي ليسكن عند المسيحين تهمة تبنيناها وكانت دافعنا دائما للمساهمة بدورنا في محاولة ابعاد شبح التقسيم اما البعض الاخر قال احتمى بمارون الاسد هكذا سموه وقتها من أصبحوا لاحقًا جماعة الاسد ويضربون بسيفه ونحن من يتلقى طعناتهم.

إقرأ أيضًا: الرئاسة اللبنانية إلى ما بعد… الأميركية!

أنا تكلمت عن فترة زمنية كنت شاهد عليها وسأحاول قدر استطاعتي التصدي لتزوير تاريخ كنت جزء منه ولابد لمن ينعت تاريخنا بالاقطاع القول اقطاعنا حافظ على الوطن وصارع لبقائه وليشرح لنا ماذا تعني بوسطة انتخابية سائقها زعيم وركابها كل واحد (مامنعرف قرعة بيو منين).
اليس هذا الاقطاع بعينه ام انه إقطاع مودرن مسموح له البيع والشراء بارضه والعبث بمقدراته استحقاقاته عرضه لمن يدفع اكثر.
الوطنية لم تعد فعل ايمان في بلدنا بل شعار لسلع منتهية الصلاحية.

السابق
حزب الله والمستقبل يلتقيان ضد القوات والتيار في زحلة
التالي
تجربة خاصة: أنا وعيد العمال وقلمي والطغاة