العرب الذين أحبهم

العرب

إن اسحق هرتسوغ هو شخص أحترمه جدا. وبيننا حوار يمتد لسنوات واختلافات عميقة وصداقة شخصية حقيقية. أنا أعتذر له لأنني في هذه المرة سأتحدث معه بشكل علني. إن اقوال هرتسوغ المثيرة مؤخرا، بغض النظر عن نيته، حيث قال إنه لا يحب العرب لكونهم عربا، أصبحت ضررا حاصلا ومسجلا على إسمه إلى الأبد.
لقد أردت أن تعرف، يا صديقي اسحق، أنني أحب العرب. ففي يافا قريبا من أحفادي يعيش ايهاب وأورا، الصوفي الروحاني. وقد أقاما معا روضة استثنائية للاطفال يتعلم فيها ثلاثة من أحفادي الذين يخطون خطواتهم الاولى.
وأحب جدا غدير، مربية حفيد آخر لي، التي ترافقه بشكل دائم بسبب مرض السكري الذي يعاني منه وبدونها لم يكن في استطاعته عبور طفولته بسعادة وهناء. معهم يخطو صغارنا خطواتهم الاولى الصغيرة، الناعمة والهامة، بعيدا عن البهيمية والعنصرية الاسرائيلية، التي عبر عنها هرتسوغ بزلة لسان منه.
أنا أحب ايضا مازن وإيفيت. وهو صديقي المقرب ومعلمي لشؤون حب الانسانية. فن فلسطيني وايمان بكل ما هو جيد ومستقيم. وأولادهم منارات كبيرة في سمائي. وماذا عن غيداء؟ إنها رائعة، تُظهر لي كل يوم قيود الاغلبية وقيم الأقلية. وهي شريكة هامة في بناء عالم اسرائيلي جيد وأفضل.
بشير هو الذي جعلني أعرف الكثير من المواضيع. إنه فيلسوف سياسي لامع. حكيم وأخلاقي في جميع المستويات، القائد والمسؤول. في كل لحظة هو حكيم ومتزن أكثر من عشرة يهود. ولن أنسى نسرين الشديدة التي تتبنى القيم والمباديء وتناضل من اجل حقوقها. ايضا رجل الاعمال، سام، من رام الله، الذي يعرف في جميع النقاشات كيفية الدمج بين جميع مجالات الحياة. إنه مهاجر جديد من الولايات المتحدة إلى فلسطين، ديمقراطي كبير وفلسطيني فخور وأب عظيم ومثقف لامع.
في رام الله يسكن بجانبه حسام، وهو دبلوماسي رفيع ورجل اعمال وعلوم سياسية. وهو والد سعيد الصغير. وقد حظيت بمعرفة وقراءة ومحبة الياس خوري، وهو من الكُتاب المشهورين في منطقتنا. وترجمة البروفيسور العربي اليهودي، يهودا شنهاف، لكتابه الاخير، هي عبارة عن عمل وحوار مختلف، ليس هرتسوغي (نسبة لهرتسوغ).
نعم يا صديقي، أنا أحب هؤلاء الاشخاص ليس لأنهم عرب، بل لأنهم بشر. العالم بالنسبة لي غير مقسم لجميعنا (اليهود الجيدين) وضدهم (العرب السيئين). وأنا لا أقدم ولائي التلقائي فقط لليهود لكونهم يهودا. بل العكس. عالمي مقسم بطريقة تختلف عنك: من ناحية الجميع جيدون، بغض النظر عن أصلهم وقناعاتهم. ومن الناحية الثانية جميع العرب ضدنا، حتى لو كانوا اصدقاء وأقارب.

إقرأ أيضًا: صفحة جديدة بين العرب والعرب
التحالفات الحقيقية التي ستنقذ المنطقة أو تدمرها تتشكل من جزء منا مع جزء منهم. الحدود ليست جغرافية وليست قبلية بل انسانية وقيمية. صحيح أن هناك يهود سيئين، الكثير من السيئين، وهذا يثبت في هذه الايام المظلمة. تماما مثلما يوجد مسلمون سيئون ومسيحيون وهنود. إنهم أعدائي بسبب سوءهم وشيطنتهم.
أنا مخلص لافكار مثل العدالة والمساواة والحرية والديمقراطية والسلام. وهوية شركائي ليست جينية أو دينية أو قومية. ونظرا لأنك أنت واصدقاءك ترفضون الفهم وتلبسون جلود الذئاب المفترسة من اجل اظهار السوء البنيوي الذي في داخلكم، أنا أصلي بأن لا تصل أنت وحزبك إلى الحكم أبدا، على الأقل مع هذه الرسائل. لأن نتنياهو وجماعته أفضل كثيرا. إنهم ببساطة سيئون يتحدثون بما يؤمنون به وهم مكشوفون ويسهل فهمهم ومحاربتهم.

إقرأ أيضًا: تغيّر العرب، متى يتغير اللبنانيون؟
أعطني الكين متصلب واحد ولا تعطيني عشرة اشخاص مرنين من حزب العمل. لأنكم تمثلون السوء الاسرائيلي الخفي الذي يتظاهر بأنه جيد ويزعم أنه يتبنى القيم العليا، رغم أنه ليس كذلك. أنتم خطرون لأنكم تضللون الجمهور. عنصريون ومحتلون في ملابس ثقافية. والحقيقة التي لا يمكن دحضها هي أنه حينما تزداد الضائقة فان الاعترافات الحقيقية تصدر عنكم. أنتم لم تتعلموا أي شيء ولم تنسوا أي شيء، وما زلتم منغلقين مثل غولدا مئير («ليس هناك شعب فلسطيني»). ومتعجرفين مثل اهود («نحن فيلا في الغابة»).
على هذه الخلفية أريد أن أشكر زهير بهلول. فهو يقترح لغة جديدة للصهاينة وللفلسطينيين. ليس شيئا كلاميا بل جوهريا ومفهوما. لغة عبرية انسانية. قُم يا زهير واتركهم، وأنشيء حركة يهودية عربية.

هآرتس 26/4/2016

السابق
لماذا هذا الاصرار على تفجير المخيمات الفلسطينية والترهيب منها…؟؟
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الأربعاء في 27 نيسان 2016