صنافير وتيران سعوديتان…ولكن لماذا الآن؟

تيران

من السذاجةِ الإعتقاد أن اعتراف جمهورية مصر العربية وتسليمها الجزيرتين للملكة العربية السعودية هو أمرٌ سياسيُّ أو أرضٌ كانت في غياهب النسيان، وإن الدولتين ذات الثقل العربي الاسلامي كانت غافلتان عن أمر هاتنين القطعتين من الارض العربية أولاً وأخيراً سواء كانت في يد مصر أو في يد المملكة.

لكن جغرافيا المكان وتوقيت الافصاح والتسليم فيها الكثير من الدقة والغرابة مع كل ما يعانيه وطننا العربي من اقصاه الى اقصاه وفي ضجيج الحروب المشتعلة هنا وهناك يظهر موضوع الجزيرتين الى العلن، وطبيعي جداً ما احدثه من صدمة لدى بعض المصريين وصلت الى حد الصراخ من قبل بعض الاعلاميين وهم من مؤيدي السيسي والمناصرين الشرسين له في انقلابه على الرئيس السابق محمد مرسي.

ليس ما حدث محض صدفة أو مجرد ترتيب أوراق بين مصر والسعودية حصراً ومن غير الممكن فصل زيارة الملك الى مصر، وما نتج عنها من اتفاقيات اقتصادية فقط وصلت الى 2 مليار دولار في 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم تشمل إقامة منتجع سياحي في منطقة رأس سدر على البحر الأحمر بقيمة 700 مليون دولار، ومنطقة صناعية في محافظة الفيوم، إلى جانب مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة والكهرباء والبترول والسياحة والقوى العاملة والاستثمار 4 اتفاقيات شملت إنشاء جامعة تحمل اسم الملك سلمان بن عبد العزيز بمدينة الطور في جنوبي سيناء بقيمة 250 مليون دولار، واتفاقية إنشاء 9 تجمعات سكنية في شبه جزيرة سيناء بقيمة 120 مليون دولار، وذلك ضمن مشروع تنمية سيناء.

كما تضمنت الاتفاقيات تمويل مشروع محطة كهرباء في القاهرة بقيمة 100 مليون دولار اضافة إلى مشروع تطوير مستشفى القصر العيني بالقاهرة بقيمة 120 مليون دولار.

نعم عدد الشركات السعودية العاملة في مصر تبلغ اكثر من3000 شركة، باستثمارات تتجاوز 6 مليارات دولار.

ا

ولكن من المؤكد أن الزيارة وما تبعها بشكل كامل لا يمكن ان يُعزل عما يدور في المنطقة مع المشاركة الخجولة بداية لمصر في الحرب على الارهاب في اليمن وسوريا، والتي من المفترض أن مصر بدأت بنفسها من خلال الاطاحة بالرئيس السابق لكن ما المطلوب منها عربياً؟ هل هناك ما هو مطلوب من مصر الكبيرة ؟ بمعنى آخر هل المطلوب من مصر الدخول في الحرب على الارهاب على الارض وبشكل مباشر؟ وهل آن أوان استخدام الخزان البشري المصري في الحرب على الارهاب؟

اسئلة مخيفة فعلاً فبكل بساطة وعكس ما يعتقد البعض فدخول مصر الحرب على الارهاب سيطيل عمر الحروب في المنطقة وليس العكس، وإن كان الرهان على ثقَل مصر ودورها الريادي في قيادة الشعوب العربية من بابٍ قوميِّ. فالامور لم تعد كذلك مع حدة الفرز الذي ينهش جسد العروبة حالياً بمسميات كثيرة ابرزها الدين والطائفة.

تاريخيا عمِلت انظمة على احياء افكار معينة في توقيت معين وكل الهدف كان ضرب فكرٍ مقابل، وكانت تتم السيطرة على كل طفرة فكرية بحسب حاجات سياسية للدول المعنية.

إقرأ أيضاً: حملة الممانعة تتجدد لـ«شيطنة» طرابلس وعرسال

اما الآن فالتطرف سيد الموقف ولا نستثني احداً سواء ممن ادعى العالم انهم ارهابيون وممن يقولون بمحاربة الارهاب، فأيُ دور لمصر في المرحلة المقبلة؟ وهل بإمكان بلد مثل مصر يرزح تحت عجز بالموازنة العامة بلغ 167.8 مليار جنيه (21.4 مليار دولار)، خلال النصف الأول من السنة المالية 2015/2016 ان تتحرك؟ وفي أي اتجاه؟ وهل سترتفع اكثر الاصوات التي كانت مؤيدة للسيسي الى حد كبير في معارضتها لتوجهاته كما بدا من بعد الحديث عن سعودية الجزيرتين.

صنافير وتيران
من طائرة فوق منتجع شرم الشيخ تظهر جزيرة تيران وخلفها بالأفق جزيرة صنافير

بعض مِن من عاصروا مرحلة تسليم المملكة لمصر أمر الجزر شددوا على ضرورة أن يخضع الحديث عن جزيرتي صنافير وتيران، للاتفاقيات الموقعة بين البلدين بعيدا عن التكهنات.

وأوضحوا في احاديث صحفية أن السعودية في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود سلمت الجزيرتين للقوات المصرية نظراً لعدم ملكيتها لقوات بحرية آنذاك، واشاروا إلى أن السعودية أبلغت الأمم المتحدة أن الجزيرتين تحت إشراف الإدارة المصرية.

إقرأ أيضاً: كيف قرأت «هآرتس» الإسرائيلية زيارة العاهل السعودي لمصر؟

ووصفوا بيان الحكومة المصرية في هذا الشأن وحول ترسيم الحدود بين مصر والسعودية بأنه “متزن” لافتين وهم من العارفين المعاصرين لتلك الحقبة إلى أن الحكومة قالت إنه سيتم إعادة ترسيم حدود وفق خرائط ومعاهدات.

إذا بحسب المصريين الذين عاصروا تلك المرحلة، فان الجزيرتين سعوديتان ولكن…لماذا التنازل عنها الآن؟

السابق
«كتابة على الثلج» محاولة للتعامل مع الانقسامات الإيديولوجية الفكرية، والدينية
التالي
المنتدى العالميّ للوسطيّة في الأردن.. فضل الله: ضرورة تنقيح الموروث المذهبيّ وبناء دولة القانون