السيد محمد حسن الامين: فتاوى حسن الترابي للتجديد وتجاوز السائد‏

اعلن الاسبوع الماضي عن وفاة السياسي والمفكر الاسلامي السوداني الشيخ حسن الترابي، ولما كان سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين قد جمعته مؤتمرات اسلامية عديدة مع الترابي، فان الحديث عنه اليوم يتناوله لا كزعيم سياسي فحسب، وانما كأحد المفكرين الاسلاميين القلائل في دنيا العرب الذين انحازوا الى جانب التجديد وتمكنوا من تحريك الراكد من الافكار لاعادة بعثها منتجة وفعالة لتلائم العصر الحديث.

يتحدث السيد الامين معتبرا ان” خسارة الترابي كعالم ومفكر اسلامي مبدع هي اكبر من خسارته كزعيم سياسي سوداني معتبرا ان الشيخ حسن الترابي كان واحدا من المفكرين الإسلاميين الكبار في عصرنا الراهن، وهو من الاتجاه الذي يربط ربطاً عضوياً بين فكرة الإسلامي واتجاهه السياسي، خصوصاً وأنه باشر الخوض في الميدان السياسي بشكل عملي، ومع أن الترابي يتميز عمن نسميهم بالإحيائيين الإسلاميين كالمودودي والسيد قطب إلا أن حضوره السياسي لم يحقق التطلعات والأفكار التي تجعل من فكرة النظام الإسلامي فكرة راسخة ومحققة للإنجازات التي يعد فيها الإسلاميون عموماً مجتمعاتهم بإحداث التحول الحضاري والإنمائي المنشود، ولكنه في كل الأحوال، إذا قورن في الاتجاهات السياسية التي حكمت وتحكم في السودان، فهو الخيار الأفضل من وجهة نظرنا ولكنه، يبقى في دائرة فشل الحركات الإسلامية في إنجاز النموذج السياسي الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة الإسلامية، لذلك فإن الفراع الفكري الذي احدثه غياب الشيخ حسن الترابي هو أوسع وأظهر من الفراغ السياسي، وما دمنا نعتبره في الدرجة الأساسية مفكراً إسلامياً فإن رؤيتنا في تقييمه يجب أن تنصب في هذا الاتجاه لنسجل له أنه أحد البارزين في الدعوة إلى قراءة متجددة في الفكر الإسلامي وفي النصوص الإسلامية بغض النظر عن الموقف تجاه الفتاوى الشرعية والدينية التي صدرت عنه، ولكن أهمية ما صدر عنه في هذا المجال أنه محاولة لتجاوز ما هو سائد أحياناً في الرؤى والأحكام والاجتهادات الإسلامية”.

اقرأ أيضاً: السيّد محمد حسن الأمين يتحدّث حول صراع الولاءات في لبنان

ويستعرض السيد الامين بعض الفتاوى التي اثارت الجدل للشيخ الترابي فيقول: “على سبيل المثال رأيه المعروف بجواز زواج المرأة المسلمة من الكتابي، فإذا كان هذا غير مألوف في الوجدان الشرعي العام، فإن الشيخ حسن الترابي لا ينفرد في هذا الرأي وثمة من الفقهاء شيعة وسنّة من يجيز ذلك، أو على الأقل من يرى أن هذه المسألة هي من المسائل الاجتهادية، ولكن ما استقرّ فيه الوعي الديني الإسلامي وهو حرمة هذا الزواج، أغلق فرصاً كثيرة أمام الفقهاء لإعادة النظر في هذه المسألة، فهي بالنتيجة رأي يبرّره جواز الاجتهاد في هذه المسألة وفي غيرها من كثير من المسائل التي لم تتصل بصورة مباشرة بنص قاطع وتقرير واضح يمنع الاجتهاد فيها كمسألة تحريم الخمر مثلاً، فهي ارتكازاً إلى النص الواضح والحاسم لا يمكن أن تكون مجالاً للاختلاف أي للاجتهاد”.

حسن الترابي

غير ان السيد الامين يعارض ما صدر عن المرحوم الترابي في موضوع الحجاب فيقول انه “في هذا المجال فإن رايه في موضوع الخمار بالنسبة للمرأة وأن المقصود منه هو الغطاء الذي يغطي صدر المرأة فحسب، ولا يشمل الشعر ، فإن هذا الاجتهاد يبدو بالنسبة لنا ضعيفاً، وأن الآية القرآنية التي ورد فيها هذا الحكم هي من الوضوح لدرجة لا تحتمل تفسيراً آخر غير التفسير الذي تضمنه النص بصورة واضحة في قوله تعالى: “وليضربن خمورهن على جيوبهن”، وإذا كان الخمار هو غطاء الرأس كما هو معروف لغة وشرعاً فإن الآية تريد أن تضيف إلى هذا الخمار وظيفة أخرى وهي ستر الصدر، وإذا ذاك لا يمكن أن يفهم من الآية أنها تجيز نزع الخمار عن الرأس وضربه فقط على الجيوب أي على الصدر.”

اقرأ أيضاً: السيّد الأمين: المؤتمرات الثقافية جمعتني بـنابغة الصحافة «محمد حسنين هيكل»

وفيما يتعلق بعذاب القبر والروايات الواردة وفي نزول عيسى مرة أخرى في آخر الزمان، يلاحظ السيد الامين ” أن مصدر هذا الاعتقاد هو الروايات وليس النص القرآني، وما دام الأمر كذلك فإن المجتهد قد يأخذ أو لايأخذ بمثل هذه الروايات، وقد لا يرى أن سندها صحيح، وبالتالي فإن إنكارها لا يعدّ إنكاراً لضرورة من ضرورات الدين، بل يعتبر إنكارها اجتهاداً يحتمل الصحة كما يحتمل الخطأ، وهذا شأن كل الأحكام التي يصدرها المجتهدون فلا يصح في ضوء هذا الإنكار إخراج الشيخ حسن الترابي من موقع انتمائه الإسلامي الصحيح واتهامه بأي صور من صور التجديف “الديني.

السابق
الاستغباء الغبي
التالي
تفاصيل حلّ أزمة النفايات.. «طلعت ريحتكم» لا تزال على موعدها