العلاقة بين القوات والمستقبل… إلى أين؟

في حين، كانت التوقعات للذكرى السنوية الـ11 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري مناسبة لإعادة اللحمة بين قياديي 14 أذار بعد الخضّات التي تعرّضَ لها هذا الفريق، وتصدُّع العلاقة بين مكوّناته، محاولة الإحتواء هذه باءت بالفشل بعدما وضع كلام الحريري من قبل القوات اللبنانية في إطار تحميل جعجع المسؤولية المباشرة لما تعرّض له المسيحيون خلال الحرب الأهلية على الرغم، من تدارك جعجع حينها للموقف الذي صفّق بيديه دون أي رد فعل سلبي يذكر. فهل وصلت العلاقة بين القوات والمستقبل إلى حائط مسدود؟

على ما يبدو نجح المصطادون في المياه العكرة إلى تعكير صفوة أجواء الذكرى الـ11 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في البيال على الحلفاء. فما إن انتهت المناسبة حتى شُنّ هجوم عنيف من قبل قياديي ومناصري القوات اللبنانية بحق الرئيس سعد الحريري بعد ما اعتبروا أنّه اساءَ إلى رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عندما خاطبه الحريري بالقول ” ليت المصالحة مع “التيار الوطني الحر” حصلت قبل زمن بعيد، كم كنتَ وفّرت على المسيحيين وعلى لبنان “.
كما رأوا في تصرف الحريري لحظة التقاط الصور إهانة وجّهها الحريري لجعجع، بعد الإهانة التي وجّهها في مضمون الخطاب إذ لم يأخذه إلى جانبه أثناء الصورة التذكارية لقادة قوى 14 آذار.

إقرأ أيضاً: لولا مشكلة الـ«أنا».. لمرَّ 14شباط على ما يرام

وكانت من أبرز التعليقات تعليق القيادي في القوات اللبنانية إدي أبي اللمع “انتظرنا خطاب فهيم، سمعنا ولدنات عديمة الفائدة !”. كذلك تعليق القيادي شربل عيد “معك حق تأخرنا كتير بالمصالحة مع الجنرال، لو عارفين هيدي اخلاقك كان لازم نتصالح معه من الـ٢٠٠٥..” كذلك الصحافي شارل جبّور: الإساءة لرمزية الدكتور جعجع هي إساءة لوجدان المسيحيين وتاريخهم ونضالهم وتضحياتهم وكرامتهم.. ولن تمر!”.
وعلى إثر هذه التعليقات أصدرت الأمانة العامة لـ “تيار المستقبل” التوضيح الآتي تعقيباً على بعض الاستنتاجات التي وردت في وسائل الاعلام:
“ان الدكتور سمير جعجع كان وسيبقى محل احترام “تيار المستقبل”، ورفيق مسيرة وطنية طويلة جسدتها انتفاضة الاستقلال في 14 آذار. وان العبارة التي توجه بها الرئيس الحريري اليه، لم تقصد من قريب أو بعيد، تحميل القوات اللبنانية مسؤولية تأخير المصالحة المسيحية، إنّما قصدت التعبير، بكل محبة وأمانة، عن تمنيات الرئيس بحصولها منذ سنين. وهو ما نأمل ان يكون موضع تفهم كل المعنيين والحريصين على تفويت الفرص أمام مستغلي المناسبات، والمصطادين في المياه العكرة”.

على الرغم، من البيان التوضيحي صرّح مستشار رئيس حزب “القوات اللبنانيّة” العميد المتقاعد وهبي قاطيشا لموقع “جنوبية” أن “الخلاف بين القوات والمستقبل محصور بملف رئاسة الجمهورية أما القضايا الكبرى فلا خلاف عليها”.

وهبة قاطيشا

وعن العبارة التي توجه بها الحريري لجعجع قال “مؤسف هذا الكلام، يمكننا استيعاب الكثير من المغالطات من قبل الحلفاء والخصوم حتّى . لكن تحميلنا مسؤولية 40 سنة من الحرب اللبنانية غير مقبول”. مضيفًا “لكن ممكن صغر سن الشيخ سعد “والله يطول بعمرو” وعدم مواكبته لأحداث الحرب أدّت إلى هذه المغالطات أو أنّ أحدهم أخبره سيرة أحداث الـ 75 بشكل خاطئ”.

وأشار قاطيشا “لا أعلم ما إذا كان هذا الكلام زلّة لسان أو كيدية سياسية لكن لا نستطيع أن نقبله”. لافتاً إلى أنّه “حتى جماعة التيار الوطني لم يهن عليهم هذا الإتهام. لكن ضرب الحبيب زبيب”.

وعن ردّة فعل الدكتور جعجع قال ” الريح لا يهزه فكيف لكلمة!”. مضيفاً “الحكيم ليس ذو شخصية انفعالية ولا يقوم بردّات فعل عاطفية”.

أما بالنسبة للصورة التذكارية أجاب قاطيشا “هذا الأمر يعدو إلى كيفية حدوثها إضافة إلى جعجع ليس بمتطفل ليأخذ مكان أو موقع وكأنّها مزاحمة مثل غيره”. وغمز إلى أن “لربما الحريري لا يودّ الظهور على أنّه منسجم مع الحكيم لإرضاء حلفائه الجدد”.

في الختام خلص قاطيشا أنّ كل هذه الأمور لن تؤثر على قوى 14 أذار قائلاً “نحن باقون ونحن رأس الحربة ولن نزيح عن هذا المشروع لو رحل من رحل”.

انطوان اندراوس تيار المستقبل
انطوان اندراوس تيار المستقبل

في المقابل، أسف نائب رئيس تيار “المستقبل” أنطوان اندراوس” على ما يجري تداوله وقال في حديثه لموقع “جنوبية” أنّ “ما قاله الرئيس الحريري قالوه قبله كثيرون. وأنا حتّى تساءلت لما لم تتم هذه المصالحة منذ سنوات وهو سؤال في محلّه”. مشيراً إلى أنّ “الحكيم هو الوحيد الذي إعتذر لضحاياه عمّا جرى في الحرب الأهلية من أخطاء بعكس العماد عون الذي يدافع عن نفسه ولم يعتذر يوماً”.

كما أكّد أندراوس “أن العبارة لم تكن “لطشة سياسية”ولا أحد يحمله المسؤولية. متسائلاً “إذا لم يقل الحريري هذا الكلام لحليفه لمن يقوله؟” مشيراً إلى أنّه “جرى التصويب على هذه العبارة دون الإنتباه إلى الهجوم على حزب الله طيلة خطاب الحريري”.

وفيما يخص تجاهل الحريري لجعجع في الصورة أكّد أنها “جاءت عفوية وأنّ ما يقال كلام صحافة ولا أعتقد يجب إعطاءها أي طابع”.

إقرأ أيضاً: مناوشات مستقبلية – قواتية على شبكات التواصل

وخلص اندراوس إلى أنّ “هذا الجدال سينتهي بعد البيان التوضيحي مؤكداً أنّ الحلف بين جعجع والحريري أكبر من هذه الأمور”. لافتًا إلى أنّ “الخلاف على القانون الأرثوذوكسي كان أصعب بكثير واستطعنا تجاوزه”.

بعد كل هذا الطرح الأكيد أنّ النفوس محتقنة بين الحليفين الأبرزين في قوى 14 أذار. لكن، غير المؤكّد هو خلط الأوراق وتغيير لعبة التوازنات عند 14 وحتى 8 أذار اللذان يتمسكان بحلفهما عند أي مأزق. لكن يبقى السؤال، هل ستمرّ “زلّة لسان” الحريري بحق جعجع خصوصا بعد تأكيد الأول أّن كلامه في البيال لم يكن موجها ضد الأخير؟

السابق
القبض على مفجر حارك حريك
التالي
القواتيون يدعون الحريري إلى معراب..فهل يستجيب؟