لولا الحريري.. لابتلعكم حزب الله وداعش

سعد الحريري
قتلوا والده، وهو لا يزال رجل أعمال. دخل عالم السياسة مضطرّاً تحت وطأة اليتم. بدأ حياته السياسية بالدم. تأتأ مثلما يتأتىء أيّ جديد في أيّ عالم يدخله. تعرّض لأكبر حملة إعلامية في تاريخ لبنان لتشويه صورته. وكما حمّل إعلام الممانعة والده مسؤولية كلّ قرش صرفه اللبنانيون خلال سنوات حكمه، حمّلوه مسؤولية كلّ قرش صرفه اللبنانيون منذ كان لا يزال طالباً جامعياً في بداية تسعينات القرن الماضي.

تعرّض لأكبر عملية “تطهير سياسي” في التاريخ الحديث، بسلسلة اغتيالات طاولت أقرب مساعديه وفريقه السياسي والأمني، ومحيطه الليبرالي، بدءًا من الكاتب المستقلّ اليساري سمير قصير، في حزيران 2005، وصولاً إلى رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن ومستشاره الوزير محمد شطح وغيرهم.
يتعرّض منذ أكثر من عامين لواحدة من أكبر الضائقات المالية التي ضربت أيّ فريق سياسي في تاريخه، بديون يقال إنّها تقارب النصف مليار دولار. غادر البلاد تحت وطأة التهديد الأمني باغتياله، ويقترب من دخول العام السادس “في المنفى الطوعي” بين فرنسا والسعودية.

إقرأ أيضاً: أين«14 آذار» في ذكرى 14 شباط العاشرة؟

يحاول الحفاظ على ما تبقى من وحدة قوى 14 آذار بعدما تبيّن أنّ سمير جعجع كان يحاور سليمان فرنجية سراً، وحين أبلغه الحريري بنيته محاورة فرنجية طعنه وعقد اتفاقاً مع ميشال عون وصولاً إلى ترشيحه للرئاسة.
بعض أقرب القريبين إليه، وأحدهم وزّره في الحكومة الحالية، بات يخرج عن قراراته، في ظلّ شائعات عن اهتراء في مفاصل “تيار المستقبل”، تياره أو حزبه السياسي.

الشهيد رفيق الحريري سعد الحريري
الشهيد رفيق الحريري سعد الحريري

يتعرّض فوق هذا لحملة إعلامية تعيب عليه غيابه عن لبنان، وضائقته المالية، وتراجعه الشعبي أمام “شعبوية” الإسلاميين وخطابهم المذهبي والتحريضي، في حين يحاول أن يكون “صوت العقل” في منطقة عربية وإسلامية تغلي وتندفع نحو الجنون.
حاور من يتهمهم بقتل والده ونام في قصر بشار الأسد، ليقيَ لبنان شرور ذاك النظام. ثم حاور حزب الله ودخل في حكومة معهم ليقيَ لبنان شرّ اللهيب السوري، ثم حاورهم في عين التينة طوال 24 جلسة حتّى الآن، ليقيَ لبنان شرور الخراب الأمني الذي تسلّل عبر تفجيرات واغتيالات.
ليس دفاعاً عن سعد الحريري. لكنّ حظّه أسوأ الحظوظ بين السياسيين في لبنان وربما في العالم العربي. فهو جاء “في عزّ التعبِ” العربي، وجاء “في عزّ الغضبِ” المذهبي، وجاء أمام “رشّاش عنف وغضب” إيراني يغرق المنطقة بالحروب طمعاً بدور “أبو ملحم” أو الإطفائيّ.

إقرأ أيضًا: سعد الحريري: عُد إلى لبنان
فلنتخيّل لبنان بلا سعد الحريري. لدقيقتين فقط: إما حزب الله يسيطر على لبنان، حكومة ومؤسسات وقوى أمن، وإما ستكون حرب مذهبية سنية – شيعية طاحنة، وسينسّق حزب الله مع تنظيمات متطرّفة، كما ينسّق لاستعادة أسراه من “جبهة النصرة” و”داعش”.
سعد الحريري هو “الوسط” في دنيا العرب والمسلمين. السنيّ المتمسّك بالمؤسسات والدستور والعيش المشترك. الذي أغضب جمهوره حين رفض تسليحه، وأغضب مناصريه حين رفض الحرب الأهلية.
سعد الحريري هو “الاعتدال” في لبنان اليوم، بين التطرّف الشيعي والتطرّف السني، بين ولاية الفقهية الشيعية، والخلافة الداعشية السنية. ليس وليد جنبلاط ولا غيره. البقية يدورون بين وسطية الحريري ويمينية “حزب الله”. وشطب الحريري سياسياً لا يخدم أحداً. لهذا دخل “حزب الله” في حكومة سلّم وزاراتها الأبرز إلى الحريري، الداخلية والعدل والشؤون الإجتماعية. ولهذا وافق الحريري على تلك الوزارات التي أكلت من شعبيته في ملفات السنّة كلّها.

السابق
حلب تُباد… أكثر من 51 ألف نازح و 500 قتيل
التالي
قرار السعودية إرسال قوات برية في سوريا لا رجعة فيه