حزب الله يريد الاحتفاظ بكل الاوراق الانتخابات الرئاسية‏

السيد حسن نصر الله

يحرص المسؤولون في حزب الله، سواء في مجالسهم الخاصة أو في مواقفهم العلنية على التزام الحذر والدقة والروية في مقاربة ملف الانتخابات الرئاسية، ولا سيما بعد تبني الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة الأولى، وبعد إعلان التحالف بين رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون وتبني الأول لترشيح الثاني للرئاسة الأولى.

اقرأ أيضاً: ديموقراطية يتيمة: أسّسها الوجهاء وألغاها العسكر بلا اعتراض

وقد عمدت كتلة الوفاء للمقاومة إلى إلغاء اجتماعها في الأسبوع الماضي كي لا تصدر أي موقف مستعجل حول اعلان جعجع ترشيحه للعماد عون، وعمد المسؤولون في الحزب إلى دراسة كل التطورات التي حصلت من أجل اتخاذ الموقف المناسب.

فما هي أسباب الحذر الذي اتسمت به مواقف مسؤولي الحزب تجاه ملف الانتخابات الرئاسية، رغم ان حليفيهما الأساسيين قد أصبحا المرشحين الوحيدين للرئاسة الأولى؟ وكيف سيتعاطى الحزب مع المتغيرات الحاصلة في المرحلة المقبلة؟

حذر حزب الله

بداية ما هي أسباب الحذر الذي يبديه المسؤولون في حزب الله تجاه معركة الانتخابات الرئاسية رغم ان حليفيهما العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية أصبحا المرشحين الأساسيين للانتخابات الرئاسية؟

يفضل المسؤولون في الحزب عدم الحديث العلني أو الصريح عن الانتخابات الرئاسية ويتعاطون بهدوء وروية مع التطورات التي تحصل، سواء لجهة تبني الرئيس سعد الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية أو تبني الدكتور سمير جعجع لترشيح العماد ميشال عون.

وتشرح بعض الأوساط المطلعة على أجواء الحزب هذا الحذر والروية بما يأتي: ان ما يجري من ترشيحات لا يزال في اطار المبادرات غير المكتملة، لأن عملية الترشيح لا تعني أبداً إيصال المرشح إلى موقع الرئاسة الأولى، لأن عملية الانتخابات تحتاج إلى التوافق مع بقية القوى السياسية الفاعلة.

فتبني الحريري لترشيح فرنجية دون التنسيق والتعاون مع العماد ميشال عون لن يصل إلى أية نتيجة، لأن عون لا يزال المرشح الأساسي لحزب الله وما دام مرشحاً فإنه لا يمكن تجاوزه.

حزب الله وميشال عون وفرنجية
حزب الله وميشال عون وفرنجية

وكذلك فإن ترشيح جعجع للعماد عون دون موافقة بقية القوى الأساسية ولا سيما تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والرئيس نبيه بري، فإنه لن يصل إلى أية نتيجة لأن هذه القوى قادرة على منع انعقاد جلسة البرلمان إذا لم يجرِ التنسيق معها.

وانطلاقاً من هذه المعطيات، حرص المسؤولون في الحزب على إبقاء خطوط التواصل مع فرنجية وعون والتشديد على أهمية الحفاظ على وحدة قوى 8 آذار وعدم الانجرار وراء السجالات والاشكالات بانتظار وضوح الرؤية واكتمال التسوية.

ومع ان الأوساط القريبة من الحزب تقدِّم بعض الملاحظات على أسلوب فرنجية وأدائه بعد لقائه مع الرئيس الحريري، وخصوصاً تسرعه لجهة إعلان المواقف، فإنها تؤكد «ان الأخير يبقى حليفاً أساسياً للحزب ولا يمكن الضغط عليه أو مطالبته بالقيام بأية خطوة لا يقتنع بها».

وبالمقابل تشير هذه الأوساط إلى «ان العماد ميشال عون يبقى المرشح الأساسي والرئيسي للحزب، وان الحزب لن يتخلى عن دعمه والعمل لإيصاله إلى موقع الرئاسة الأولى، وهو يرحب بأي دعم يحصل عليه، ولكن اعلان المواقف مما يجري يحتاج لدراسة وروية، لأن ما يحصل عملية خلط كاملة للأوراق وكل ذلك يستدعي الكثير من البحث».

التعاطي مع المتغيرات الحاصلة

لكن كيف سيتعاطى حزب الله مع المتغيرات الحاصلة في المرحلة المقبلة؟ وهل يمكن أن تفتح الأبواب بينه وبين القوات اللبنانية؟ أو أن نشهد تحالفات جديدة في الواقع السياسي اللبناني؟

يعتبر المسؤولون في حزب الله: «أن ما يجري من تطورات ميدانية أو سياسية، سواء على صعيد المنطقة أو في الداخل اللبناني يعزز من مواقفهم ومواقعهم، ولا سيما بعد البدء بتنفيذ الاتفاق حول الملف النووي الإيراني وتحسن دور إيران في المنطقة، وكذلك ما يجري في سوريا من تطورات ميدانية وسياسية»، كذلك ان تبني القوى الأساسية في 14 آذار لمرشحي 8 آذار (سليمان فرنجية والعماد ميشال عون)، يؤكد، حسب أجواء الحزب، «ان الأمور تتجه نحو الأفضل، لكن المهم الوصول إلى تسوية شاملة وليس فقط تبني الترشيح».

ويحرص حزب الله على الإمساك بكل الأوراق وابقاء العلاقة مع الحلفاء متينة وقوية وعدم الدخول في سجالات ونقاشات علنية، مع الاستعداد لملاقاة أية خطوة إيجابية بخطوات إيجابية أيضاً.

أما على صعيد علاقة حزب الله مع «القوات اللبنانية» بعد تبنيها ترشيح العماد عون والمواقف التي أطلقها الدكتور سمير جعجع بأن إسرائيل هي العدوّ الدائم للبنان»، فإنه لم تحصل حتى الآن أية اتصالات مباشرة مع قيادييها باستثناء التواصل في مجلس النواب، لكن ذلك لا يعني ان الأبواب ستبقى مقفلة إلى النهاية، لكن كل شيء سيحصل في التوقيت المناسب.

وإضافة إلى الانتخابات الرئاسسية، فإن حزب الله معني أيضاً بملفات أخرى سيكون لها تأثير مهم في مستقبل الوضع اللبناني، ومنها ملف الانتخابات النيابية وكيفية إدارة العمل الحكومي مستقبلاً، لأن أية تسوية مستقبلية يجب ان تتضمن بنوداً واضحة حول هذه الملفات، لأن قانون الانتخابات هو الذي سيكون له دور مهم في تشكيل السلطة مستقبلاً وتحديد حجم القوى السياسية والحزبية، وفي ضوء كل هذه المعطيات يتعاطى حزب الله بهدوء وحذر مع ما يجري، وهو يجري دراسات مفصلة لكل المعطيات ويحرص على حماية الاستقرار الداخلي وإبقاء خيوط الحوار والتواصل مع الجميع وخصوصاً «تيار المستقبل» رغم كل التباينات في المواقف السياسية، إن على صعيد الأوضاع الداخلية أو في المنطقة. وإعلان المواقف من مختلف التطورات والتحالفات سيكون مرتبطاً بالمعطيات والمؤشرات التي تتجمع لدى قيادة الحزب ولن تكون مجرد ردود فعل أو تعليقات سريعة على ما يحصل من أحداث ومتغيرات.

(مجلة الأمان)

السابق
جعجع: أردناه أن نَجمع وليس أن نفرّق
التالي
قرار تفعيل الحكومة يصطدم ببقاء الخلاف حول القضايا العربية على حاله