عن المرأة اللبنانية والإيرانية والفلسطينية.. الساعية إلى الحرية

نساء يقفن في الصف الأمامي مقابل الجيش اللبناني

لطالما جسّدت المرأة ولا تزال، في المجتمعات البشرية كافة، رمزية ثورية، وذلك في سعيها المستمر إلى التغيير الذي لم ينحصر فقط في واقعها، وإنما تعدّاه ليصل إلى مجتمعها، و من ثم وطنها.

لقد أطلق وجود المرأة الساعية إلى الحرية، ديناميةً خضّت مجتمعها، وحضّته على اتخاذ قراره، في نفض “غبار” الرجعية، الذي يخنق نظامه الثقافي، والعمل على التحرّر منها. ومن هذا المنطلق يمكن القول، أن هذا الوجود شكّل علّة مواجهة التخلف، و الإطاحة به، والانقلاب عليه.

و إذا ما قاربنا قضية المساواة الانسانية، التي حملتها النساء اللواتي رفضن التواطؤ، مع الأنظمة المتخلّفة “المتآمرة” عليهن و”المنتهكة” لحقوقهن، لوجدنا أنها شكّلت مرحلة مفصلية في حياة المجتمعات. ويعود السبب في ذلك، إلى أن المطالبة بهذه المساواة أسّست لعبور المجتمعات نحو التقدم.

تترجم انتفاضات النساء الساعيات إلى الحرية، والتي حصلت في أزمنة مختلفة من التاريخ، دليلاً على رغبة المرأة في التفلّت من الاستلاب الذي يحاصر حياتها

لم ينحصر النضال، الذي حفل به تاريخ النشاط النسائي، في بناء مجتمع “خالٍ” من التمييز الجنسي، و إنما تبدّى في اصراره المستمر، على بناء مجتمع متقدّم و راقٍ و “إنساني”. وما الانجازات التي قامت بها نساء رائدات، في العلوم والحقوق والسياسة والأدب.. و غيرها من الميادين، إلا أدلّة على أن للمرأة هويتها وكيانها الفكريين، اللذين يدفعانها إلى رفض كل ما يمليه عليها، نظام ينتهك حقوقها كإنسان. كذلك الأمر، تترجم انتفاضات النساء الساعيات إلى الحرية، والتي حصلت في أزمنة مختلفة من التاريخ، دليلاً على رغبة المرأة في التفلّت من الاستلاب الذي يحاصر حياتها، ودافعها إلى نيل “فرادتها” الانسانية وحمايتها. وتعدّ انتفاضة المرأة الايرانية التي حصلت بعد موت مهسى أميني، التي قضت بسبب تعذيبها على يد نظام دين-سياسي ذكوري، نموذجاً مثالياً على أن هناك نساء، تأبى البقاء في مجتمع يلفها بسوادٍ!….مجتمع هو أشبه بكهف!…

و تأتي المرأة الفلسطينية لتجسّد خير مثال، على أن المرأة تمتلك شجاعة، تحارب بها خوفها على أسرتها و مجتمعها.

و أما بالنسبة إلى المرأة اللبنانية، فقد اختزلت الوطنية و الشجاعة، و التقدم والحرية والانتفاضة على الجهل، من خلال ما قدمته من تضحيات، من أجل ليس أسرتها فحسب، إنما مجتمعها ووطنها.

مما لاشكّ فيه أن التجارب الكدرة، تدفع الكثير من النساء إلى الانقلاب على واقعهن “السيء”

عكس كل ما قامت به المرأة الساعية إلى التحرر من الاستلاب احترامها لذاتها، وثقتها في قدرتها على التحكم في مصيرها. ولعل حراكها من أجل هذا الأخير، ما هو إلا انعكاساً لردة فعلها، تجاه ما اختبرته من تجارب مؤلمة، فرضها نظام ثقافي “سادي” و”بالٍ”، أمعن في تصفية فرادتها الانسانية، سواء كان ذلك في علاقتها مع ذاتها أو مع محيطها. ومما لاشكّ فيه أن التجارب الكدرة، تدفع الكثير من النساء إلى الانقلاب على واقعهن “السيء”. و هنا يمكن القول أن المرأة تقوم بعملية “إعادة تدوير” ، إن صح التعبير، للصدمات التي تنهك حياتها، وتحولها إلى وقود تشعل بها انتفاضتها على واقعها.

وما انخراطها في هذه الأخيرة، إلا استجابة سيكولوجية على ما تعانيه من سوء تقدير الذات، والاحباط والسوداوية.

استطاعت المرأة الساعية إلى الحرية، بنضالها خرق اللاوعي الجمعي

خلاصة، استطاعت المرأة الساعية إلى الحرية، بنضالها خرق اللاوعي الجمعي، و”شقّه” أيضاً لأنها تسببت في إضعاف صورتها النمطية التقليدية، الراسخة في هذا اللاوعي، والانقلاب عليها. بتعبير أدق، ايقظت وعياً جمعياً لأهمية وجودها وضرورته، من أجل خلاص المجتمع والوطن.

السابق
اهداف جديدة بمرمى «الحزب».. اليكم ما يحصل جنوباً
التالي
غارات على القطاع الغربي وشهيد في الضهيرة