جولة في مقام السيدة زينب… الذي خاض حزب الله الحرب لأجله!

مقام السيدة زينب
بلباس أخضر غامق وبيج مرّقط، يقف شباب حزب الله على الحواجز يفتشون العابرين من وإلى مقامي كل من السيدة زينب والسيدة رقية في الشام.. لكن رغم الأمن والعطلة الأسبوعية في بيروت، فإنه لا زوار ولا حشود!!

أشتهر شعار”لن تُسبى زينب مرتين” الذي اطلقه حزب الله بعد اعلان تدخله العسكري في سوريا قبل حوالي ثلاث سنوات.

زيارة مقام “السيّدة زينب” من الضاحية الجنوبية لبيروت الى ضاحية دمشق مرهقة لمن لم يعتد التمسّك بالعادات الدينية المرافقة للتعبير عن حبّ آل البيت.

مجموع الزيارات التي قمتُ بها الى سوريا ثلاث على مدى 25 عاما، وقد شعرت بحزن شديد على بلد سائر نحو الدمار والهلاك والفوضى، وعلى مقام ديني فارغ من الروّاد، تصفّر حيطانه للفراغ، ويفتح ذراعيه للقادمين القلائل، وكأن أرجاءه تنادي بهمس أين الزوار؟

فرغم الهدوء النسبي في محيط السيدة زينب، لم تعد الحياة الى طبيعتها، والى ما كان حالها سابقا كما يذكرالزوار.

المشهد يذكرنا ببيروت الحرب الأهلية منتصف السبعينات من القرن الماضي، حيث الحواجز ومكعبات الباطون، والشباب الذين يرتدون الزيّ العسكري، والفوضى، وعجقة الحواجز والتفتيش الدقيق، والدمار، وخلو الأسواق من الرواد، أولا بسبب الحرب الواقعة على التخوم، والتي كادت يوما ما تصل الى داخل محيط المقام.وثانيا بسبب هبوط سعر الليرة السورية، وبالتالي عدم وجود فروقات بالأسعار بالنسبة للقادمين من بيروت.

إقرأ أيضاً: حزب الله اشترى «السان جورج» وجعلها «الرسول الاعظم» (1/3)

فقد اقتصر التسوق على ابتياع الحلويات. فاللبناني معتاد على السوق السورية ولن يثنيه أمر ارتفاع الاسعار ابدا عن ممارسة عادته بحمل كل شيء من الشام ولو كان بخسا لا قيمة له. ويمكن تفسير الأمر على انه مرض نفسي يعود الى اعتبار كل ما هو نتاج غير محليّ هو الأفضل. فللمرة الأولى يشعر المرء ان الزوار قصدوا الشام بهدف الزيارة فقط، وقد اعتبروها واجبا في ظل العزلة التي تعيشها هذه المنطقة منذ خمس سنوات تقريبا.

مقام السيدة زينب

كانت زيارة وجوبية تريد إيصال الصوت:”ان زينب هنا ولن نتركها”، اضافة الى ان شباب حزب الله المنتشرين بلباسهم العسكري وأسلحتهم على الحواجز بالتساوي مع عناصر الجيش السوري تؤكد ان الحماية متوفرة. لكن السؤال أليس واجب السلطات الرسمية حماية الاماكن الدينية لمواطنيها؟ ام ان المقام ليس للسوريين بل هو للبنانيين والايرانيين؟؟

يأتينا صوت انفجار من بعيد، وربما قصف، يُبعد فكرة الأمان المفروض هنا ظاهريا وشكليّا. فالناس قلقة في نظراتها وقلة كلامها ونوع ترحيبها.. فهل يشعر السوري بخصومة تجاه اللبنانيين الذين لا ذنب لهم في إشعال هذه الحرب الأممية التي ذاق مرارتها هو نفسه؟

فالأضرار واخسائر التي سببتها هذه الحرب للبنان جسيمة جدا.

اولا: ان اللبناني دفع الأثمان الباهظة جرّاءها عندما شارك كل من حزب الله رسميا وبقوّة دعما للنظام السوري، في هذه المعركة المفتوحة الأمد، مقابل مشاركة بعض الجماعات الاسلامية السنيّة دعما لفصائل المعاضة.

وثانيا: خسارة الأعداد الكبيرة من الشباب اللبناني، وجاء ابرز الخسارات فيها لحزب الله وحلفائه، كما دفع الثمن من ارواحهم عشرات من الشباب المنتمي لتلك الجماعات الاسلامية الانفة الذكر.

ثالثا تحمّل المجتمع اللبناني ذلك العدد الهائل من اللاجئين، المقدّر بمئات الآلاف.

ورابعا: للإنقسام الحاد في البيئة اللبنانية الذي توزع بين داعم لهؤلاء الهاربين من الحرب، وبين من خاصمهم وتوجّس منهم الشرّ.

خامسا: لان اللبناني لم يرتح من الثقل السوري على الداخل اللبناني بعد ان شاركهم في رزقه مضطرا خلال السيطرة السورية على لبنان طيلة 30 عاما، واليوم فان اليد العاملة السورية تسحب من امام اللبناني موارد رزقه، وساهمت في زيادة بؤسه وفقره.

إقرأ أيضاً: مريم البسّام تمثّل بجثث أطفال مضايا: فهل يغفر حزب الله لـ #دكانة_الجديد؟

دفع اللبناني الثمن مرتين: مرة ثمن الصراع العربي- العربي في بلدنا، ومرة في سوريا. وصارت “الست زينب” مصدر نزاع، وهي التي لا يعدو وجودها كونه مقاما دينيّاً لسيدة عربية هاشمية، تحولت الى رمز لنزاع وحرب طائفيّة لا طائل منها!

فكيف تحوّل الصراع السياسي الى صراع ديني في بلد علماني كسوريا؟ وكيف أكمل اللبنانيون صراعاتهم على أرض ليست لهم؟

السابق
جرح مواطنة وتهدم غرفة من منزل في طير فلسيه باصطدام ملالة ماليزية
التالي
فتفت: الحريري مستمر بدعم فرنجية ولا قطيعة مع القوات