هذا هو المطلوب…كي نتحوّل من رعايا الى مواطنين

إقفال مطمر الناعمة، انتهاء عقد شركة سوكلين، سعي أطراف السلطة إلى انتهاز الفرصة لإنشاء ست شركات شبيهة بسوكلين تأميناً لسياسة المحاصصة، كل ذلك أدى إلى انفجار الوضع في الشارع اللبناني.

النقابات ملأت الشوارع، وأطراف السلطة تبحث عن منفذ لزيادة نهب المال العام. نشطاء بادروا للحراك، الألوف شاركوا في الحراك بصورة فاقت التوقعات، كانت الذروة في 29 آب 2015. أطراف السلطة تناست خلافاتها واتّحدت في وجه الحراك، في وجه الناس الذين شاركوا في الحراك. لم تقدم السلطة جواباً سوى القمع العاري والاعتقال العشوائي، تكتفي السلطة بذلك، بعض أطرافها لجأ إلى استخدام “زعرانه” من عناصر الميليشيات المهيمنة على البلد. هجوم السلطة على الحراك أتى بثماره، تحول كل زعيم وكأنه حامٍ للطائفة التي صارت بخطر، حسب ما حمل الخطاب السياسي لكل منهم.

إقرأ أيضاً : لمصلحة من تشوّه سمعة الناشطين في الحراك المدني؟

(1)مذهبية النفايات

الحراك المدني والشعبي حقق الكثير، استطاع إلغاء مناقصة الشركات اللاهثة وراء إمكانية نهب المال العام وكل منها متحالف مع زعيم طائفة أو منطقة. أهم إنجازاته أنه فتح الباب أمام إعادة بناء مساحات مشتركة بين اللبنانيين بعد أن بدأت بالتضاؤل منذ عام 1975 وصولاً إلى اختفائها بعد عام 2005.

نحن لسنا شعباً موحداً، نبني الكيان اللبناني بلصق مناطق ذات كثافة سكانية تنتمي إلى أصحاب معتقد يختلفون عن ساكني جبل لبنان ذو الأكثرية مسيحية، لكل مجموعة تاريخها وأساطيرها، قصصها وأبطالها.

بعد عام 1920 بدأت مسيرة بناء المساحات المشتركة بين اللبنانيين من خلال النضالات المشتركة على أكثر من صعيد، لكن قاعدة المساحة اتكأت على المطالب الاجتماعية للحركة الشعبية. وصلت هذه المساحة المشتركة إلى ذروتها في سبعينات القرن الماضي، انفجرت الحرب الأهلية وانفجر الاجتماع اللبناني وتقلصت المساحة المشتركة بفعل الفرز السكاني وغلبة منحى الانقسام المذهبي.
عام 2011 بدأ حراك من نوع آخر بعد انقسام مديد، حراك ديمقراطي علماني لكنه توقف بعد فترة، ليعود في صيف 2015.

إقرأ أيضاً : حلّ ترحيل النفايات… شرّ لا بدّ منه

(2)كسْر جدار الخوف

في لقاءات مع نحو 200 شخص من مختلف المناطق اللبنانية جاءت الأجوبة كالآتي: “الحراك مهم جداً، “كسر حاجز الخوف عند الناس”، “عليه الاستمرار”، “الحراك غير مهم”، “الحراك على علاقة مع جهات خارجية”، “عليه أن يوقف أعمال الشغب” مطالبنا من الحراك كثيرة تبدأ من معالجة النفايات ولا تنتهي عند انتخاب رئيس للجمهورية. معظم من تم اللقاء بهم لم يشاركوا بأي نشاط للحراك. العامل الأساس الذي حكم رأيهم في الحراك ومساره هو الموقع المذهبي والطائفي. الانقسام العمودي في البلد أعمق مما نتصور، البعض يدافع عن الفساد إذا كان ممارسه من أبناء طائفة هذا البعض.

الحراك المدني
الحراك المدني في لبنان

الحراك بدأ بمطلب معالجة النفايات ثم رفعت شعارات سياسية. تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، إقالة الحكومة، قانون انتخاب نيابي جديد. مطالب سياسية يسهل على زعماء الطوائف عملهم في بث الفرقة والانقسام بين اللبنانيين تحت شعار حماية الطائفة ومصلحتها. في حين ركنت أطراف السلطة في الزاوية عندما تحدد الهدف بملف النفايات.

 

إقرأ ايضاً : الحراك المدني (1) نقطة مضيئة لليل السياسيّ اللبناني…

(3)على طريق الثورة

الحراك لم يكن انتفاضة، لم يكن ثورة. كان انفجار تذمرات المواطنين. الطريق طويل ما بين الواقع الراهن والوصول إلى انتفاضة وتغيير ما في المسار السياسي.

يطرح البعض مطلب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية، مطلب هام ومحق. وقد طرحته “الحركة الوطنية اللبنانية” عام 1975 وجاء بعد سنوات طوال من النضال الشعبي منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي. كانت المساحة المشتركة واسعة، الاندماج بين اللبنانيين يتجه نحو الوحدة إلا أنه ثبت هشاشتها بعد اندلاع الحرب الأهلية. الآن الفرقة والانقسام لهما السيادة، أمامنا سنوات طوال من النضال وصولاً إلى طرح مطلب على مستوى المطلب المطروح.

(4)فتح الملفات كلها

الحراك مهم جداً، حقق الكثير لكن علينا الأكثر لتطويره وعلى الحملات فتح الملفات اللبنانية وما أكثرها كل حملة تهتم بملف من ملفات الفساد كي تتكامل المهام، ولا تدخل الحملات في إطار المنافسة فيما بينها.
المستقبل للحراك، المستقبل لنا كي نتحول من رعايا إلى مواطنين.

السابق
الأبحاث العلمية تؤكد…«الرجال سينقرضون»!
التالي
توقيف سوري في النبطية