حصر إرث «سعودي – إيراني»

فريد هو تبرير الحياة بالموت و الحرية بالسجن، و عجيب القول أن الحاكم من أجل أن يقنعهم أنهم كانوا في الحقيقة أحياءً يرزقون قرر قتلهم، و مضحك مؤلم الزعم أن السلطة تعتقل معارضيها من أجل أن تشهدهم أنهم كانوا في الواقع أحراراً قبل سجنهم.

الشيخ النمر من دون أدنى شك رافض لحكامه، ورافض بالأصل لوجودهم ولكل تاريخهم، أراه و قد فاض بإعتراضه حد ان خانه فيه عقله. لكن بالمقابل ترى الكثير قد تخطى حدود القوة الممنوحة له بشكل مفرط فصب جام غضبه على النمر الضعيف الذي هو في علم العدد واحد و في عالم اللغة صفة يكفيه لو عزله أو رحّله أو سجنه أو في الإقامة الجبرية أسكنه و لربما كما لصاحب الحق و المنطق حاوره. أما الزعم بأن ذلك قد يعظمه، فإن إختيار دفنه مع الستّة و الأربعين الآخرين المختلفين عنه ميزه. فتلك ثورة الحسين على الرغم من فعل القطع و التضليل.

اقرأ أيضاً: «السعودية» ترفض الاعتذار الإيراني وتطالبها بتغيير سلوكها

برق الحادثة ورعدها سيتسبب بعاصفة في لبنان، والتغريد في الأجواء الملبدة مستغرب وكذلك هي الإطلالة، فيقيناً لن تكون مشرقة، الأولى ستلغي مقولة أن لبنان أولاً و الثانية ستستمر برفضها للذين نصبوا أنفسهم وستحاول حصر خلافها بآل سعود ملوكها وستعمد إلى توسعة دائرة “أشرف الناس” لتطال كل مقلديها وأتباعها.

نمر باقر النمر

صراع مشؤوم مستمر تتوارثه الأجيال، يأخذ طابعاً هيغلياً، يعشق العودة إلى البداية عندما لا يصل إلى نهاية، تطاحن يولد مع الوقت مدا أصولياً لا يقهر، يتحالف مع ضده الذي غالباً بل ودائماً ما يكون على إستعداد لدعمه، لحظات الإفراط والتفريط بالوحدة لا تنتهي والسؤال الرئيس الذي سيلي هو عن الذي سيحصل بعد ذلك؟ أسيكون عند كل فريق من يعظم أمره، ويقال عنه أنه الحق، يستولد دائماً مثله، يدفع به إلى الأمام فيسهل قتله ويوصف بعد ذلك بالفئة الباغية والقاتل؟ أم سيكون في كل زمان قميص شبيه بقميص عثمان؟ أم سيكثر السبأيين (نسبة إلى عبد الله بن سبأ) وتستمر الفتنة التي ما أنطفأت أصلاً؟

اقرأ أيضاً: «الزبدانيون» يخوضون معركة الأمعاء الخاوية و«الجوع» في مضايا

متقابلون أشبه بمساجين على ظهر سفينة، يضعون اللوم على سوء المصير وحماقة القدر، يعتبرون القتل طريق النصر، والحرب فن من فنونه الجميلة، ومن يناصر هؤلاء لن يفكر كثيراً إن خرق قانوناً، أو إنتهك حرية وتسبب في قتل، أو تخطى إشارة سير حمراء وأشعل سيجارة في مكان مغلق أو في قطار.

اقرأ أيضاً: ماذا لو كان تعاطفك مع النمر طائفياً؟

الأزمة ما عادت أكثر من كونها أزمة أخلاقية يقودها غاضبون يحضرون بإصرار للخطأ القادم، يعتبرون الناس منتجاً لكلامهم. هم ولطالما تغنوا بالحرية وقالوا أن لا مثيل لها إلا عندهم، فليس بالإمكان لأحد الإعتراض عليهم لأن الذين يتمردون ضدهم في الحقيقة مستعبدون وإعتقالهم و لجمهم و قتلهم خلاص لهم يحررهم من إستعباد ذاتهم. وبمعنى أدق فإن هذا الإعتقال والتعذيب أو القتل يصبح بزعمهم عملاً عميقاً جداً يحتاج إلى دراسة ميتافيزيقة معقدة تبدو بفلسفتها أقرب للصوفية البدائية.

السابق
صور مدهشة من جميع انحاء العالم!
التالي
كاميرات التجسس المخفية… اصبحت من الماضي!