اللبنانيون منقسمون بين الشيخ النمر وزهران علوش

يمثل لبنان بشقّه المسلم ساحة من ساحات الصراع الخارجية ولا سيما الإسلامية منها ذات البعد المذهبي ، فما حدث من صراعات بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام سيّما حول أحقية الخلافة وما شهدته تلك المرحلة من حروب أمثال حروب الردة ومعركة صفين كرّس انقساماً بين المسلمين لا يزال راسخاً حتى جيلنا هذا

ومع تباين المسببات التي يتم بها تغذية هذا الصراع ما بين حقبة وأخرى، والتي بأغلبها سياسية تنطوي تحت بنود المصالح والعلاقات ، نجد أزمة العالم الإسلامي اليوم هي أزمة سنية – شيعية يقودها كل من المملكة العربية السعودية من جهة وإيران من جهة ثانية.
هاتان الدولتان، يمثل كلّ منهما الإسلام السياسي بشقّية “سنة وشيعة “، وانعكس ما يبثانه من دعاية دينية وكرّس شرخا مذهبياً في الشرق الأوسط بأكمله.

إقرأ أيضاً: إيران تتصرف كما لو أنها وصية دولية على الشيعة
ومع الغرق الإيراني بالأزمة السورية ، وما يقابله من صراع يمني بقيادة سعودية ، تحوّل هذا الإنقسام إلى حروبٍ سيو- مذهبية على أراضٍ متعددة ذات استراتيجية ومصالح خاصّة بالنسبة لهذين القطبين لقطبين المهيمنين على المنطقة.
ولبنان يمثّل بطبيعته أرضية خصبة لهذا الصراع الخارجي ، الذي خرج في السنوات الأخيرة من معادلة “س – س” والتي كان لها البعد المذهبي نفسه بإنصياع السنة للمملكة، وحزب الله الشيعي لنظام الأسد و ولاية الفقيه الايرانية، ليتبلوّر جلياً بتوجه البوصلة اللبنانية مباشرة نحو التناحر الإيراني – السعودي لا سيّما ومع تخبط نظام الأسد وتحوّله من حصانة للحزب إلى رجل مريض يُهلك حزب الله رجاله لضمان استمراره.
ومؤخراُ شهد الشرق الأوسط حدثين رئيسين كرّسا طبيعة هذا الصراع في لبنان و التناقض الجدلي في التعامل مع المعطيات المستجدّة بخلفية مذهبية تنأى عن مفاهيم الحرية والحق في التعبير عن الرأي، الحدث الأوّل اغتيال زهران علوش، والحدث الثاني إعدام الشيخ النمر.

إقرأ أيضاً: إعدام الشيخ النمر: رسالة سعودية بكسر التمدد الإيراني
فما بين الحرية التي يحارب بها علوش لأجل أرضه وسوريته ، والتي مارسها الشيخ النمر عبر منابره رافضاً كل الأنظمة الديكتاتورية ، جاءت مشاهد التضامن اللبناني والتنديد متناقضة ومعيبة في مراحل.
فعلى الصعيد السني كانت إدانة اغتيال زهران علوش هي الطابع العام يقابها تهليل على المستوى الشيعي بإعتبار الأخير إرهابياً.
المشهد نفسه جاء معاكساً مع إعدام الشيخ النمر الذي مثّل لكل من الثنائية الشيعية والتابعين لها ، إعداماً للحرية وللرأي وللصوت ، في حين اعتبر من يتمثلون بنهج السعودية أنّ الشيخ “إرهابي” وما قامت به المملكة من تنفيذ حكم الإعدام هو حق شرعي للحفاظ على أمنها.
إنّ المشهدين أعلاه ، يمثّلان أنّ مفاهيم الحرية والرأي متباينة بمذهبيتها ، وبأبعادها بين الدول ، ومع إدانة كل من الحدثين، إلاّ أنّ المستنكرين لهما من الطرفين جاءا من خلفية الصراع السني – الشيعي في المنطقة.

إقرأ أيضاً:السيد نصر الله: اعدام الشيخ النمر يحمل رسالة سعودية بالدم للعالم العربي والاسلامي
فما بين اعتبار المملكة ومن يتمثل برأيها أنّ علوش من مواطنيها، وإعتبار إيران ومن تحت إمرة فقيهها أنّ الشيخ النمر من رجالها، نرى دولتين تبحثان عن مصالحهما ، وأتباع يتقاتلون اسلامياً، ومفهومين متناقضين تماماً للإرهاب وللبطولة ، لتكون الخلاصة الصريحة:
إن كان علوش بطلاً، فالشيخ النمر هو بالتالي بطل، وإن كان الأوّل إرهابي فالثاني بالضرورة كذلك، فالحرب ضد الأنظمة الديكتاتورية واحدة سواء كانت سلاحاً أم كلاماً و دعمها في مكان وإدانتها في مكان آخر هو شلل أصاب ركائزنا الأخلاقية والضميرية، وشوّش رؤيتنا الموضوعية للحقائق .

السابق
سجال من طرف واحد..
التالي
ريفي: لن نسمح ان يكون لبنان الخاصرة الرخوة لتصفية الحسابات