بين مجدل عنجر وطريق المطار: الحرب لا تزال قائمة

الحرب الاهلية اللبنانية
مع بداية الأزمة السورية انقسم اللبنانيون بين مشهدين، تجسدا أمس بين مجدل عنجر وطريق المطار وبين نثر الأرز والرشق بالحجارة، إنه مشهد شبيه بانقسام اللبنانيين حول القضية الفلسطينية قبل الحرب الأهلية، فهل نحن أمام حرب جديدة على خلفية المواقف من الأزمة السورية؟

طغى مشهد تبادل الجرحى بين الزبداني في ريف دمشق، والفوعة وكفريا في ادلب، على الساحة المحلية. وبعدما أسدلت السدارة على البند الثاني من هذا الاتفاق حول المناطق الثلاث، لم ينفصل لبنان عن هذا الواقع بحكم موقعه الجغرافي، وقد شكّل ممراً لإنجاز هذه الصفقة.

اقرأ أيضاً: شاهدوا كيف إستقبل أهالي الضاحية مسلحي الزبداني

في موازاة المشهد الإيجابي والإنساني الذي ظهر على الأراضي اللبنانية، انقسم اللبنانيون كعادتهم في تلقف عبور مسلحي الزبداني عبر الأراضي اللبنانية وصولاً إلى مطار رفيق الحريري الدولي للإنتقال إلى تركيا، بين مؤيد ومعارض. وقد تجسّد هذا الإنقسام عبر مشهدين، الأول في بلدة مجدل عنجر البقاعية حيث استقبل أهالي البلدة، الحافلات التي أقلّت جرحى الزبداني بحفاوة، نثروا الأرز والورود ورفعوا اللافتات المرحبة بالذين وصفوهم «بالأبطال»، والمهنئة على صمودهم بوجه نظام الأسد وحزب الله. في المقابل وعند لحظة وصول الحافلات الى «الكوكودي» طريق المطار، انهال عليها بعض المواطنين بالأحذية ورشقوها بالحجارة مرددين هتافات ضد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) و«جبهة النصرة»، وكذلك هتفوا ضد السعودية وتركيا، وتدخلت عناصر امنية أمّنت وصول القافلة الى المطار.

اقرأ أيضاً: هل يعيش الجميع في «طابق جنى الحسن الـ99»

يعيد هذان المشهدان المتناقضان الذاكرة اللبنانية، إلى مشهد الانقسام حول دخول الفلسطينيين إلى الأراضي اللبنانية ما قبل اندلاع الحرب الأهلية عام 1975. يعكس مشهد الأمس خطورة الإنقسام والهوّة بين اللبنانيين حول الأزمة السورية، فهل ما حصل أمس هو بمثابة إنذار أننا بتنا على شفير حرب أهلية جديدة؟

النائب السابق مصطفى علوش وضع المشهد اللبناني أمس في إطار إنعدام المعيار الأخلاقي عند بعض اللبنانيين، وأضاف فيالنائب مصطفى علوش حديث لـ«جنوبية» أنّه «كان من الأجدى على اللبنانيين أن يبتعدوا عن اصطفافاتهم السياسية في هذه القضية الإنسانية البحت، ومقابل استنكار مشهد طريق المطار، لم يكن مشهد الاستقبال في مجدل عنجر ضروريًا».

ورأى علوش أنّ «الإنقسام العمودي في لبنان خطير، لكن عمليًا قرار الحرب والسلم هو بيد طرف لبناني واحد وهو حزب الله، لأنّه الطرف الوحيد المسلح بشكل جدي، أمّا الطرف الثاني فأسوأ ما يمكن أن يفعله هو الإزعاج» ولفت علوش إلى أنّ «قرار الدخول في حرب أهلية في لبنان غير وارد حاليًا، لأنّ حزب الله الذي ينفذ أجندة إيرانية ينتظر تبلور الأمور في المنطقة خصوصًا بعدما سقط دور ايران في العراق وسوريا، وأصبح دورها هامشي بوجود الدول الكبرى، وفي المقابل ايران لن تتخلى عن لبنان ومن الممكن أن تفعل أي شيء للحفاظ على مكتسباتها هنا».

وختم علوش «تجربة الحرب الأهلية والنفوس المشحونة بين اللبنانيين، تؤكدّ أننا دائمًا في دائرة إشتعال حرب داخلية، إلاّ إذا تراجع اللبنانيين عن اصطفافاتهم الحادة وعادوا للإهتمام بأمورهم اليومية والوطنية».

الحرب الاهلية

على الرغم من إنسانية وإيجابية مشهد نقل الجرحى أمس على جميع الأصعدة، إلاّ أنّ المشهد اللبناني الذي أبرز الشرخ بين أبناء الوطن الواحد يضفي مزيدًا من القلق والتساؤلات حول مستقبل بلد لا يزال ينازع من أجل الاستمرار بين بركان النيران المشتعلة على حدوده.

اقرأ أيضاً: من دروس الحرب الأهلية اللبنانية

 

السابق
«أسلمة وتأصيل العلوم الاجتماعية» في مركز الحضارة
التالي
صورة للفنانة ديانا حداد في مرحلة الطفولة..