لماذا انفجر العبادي في وجه تركيا؟

طالبت بغداد، في بيان رسمي، اول امس السبت من تركيا ان تسحب قواتها "فورا" من العراق، بعد نشر جنود أتراك في محيط الموصل ثاني مدن العراق.وقال مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، في بيان، إن السلطات العراقية تطلب من تركيا أن تسحب "فورا" القوات التي أرسلتها لتدريب مجموعات مسلحة عراقية "بدون موافقة حكومة" بغداد.

وكانت ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية القريبة من الحكومة أن نحو 150 جنديا تركيا وصلوا الجمعة إلى محيط الموصل التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” في إطار مهمة لتدريب القوات الكردية العراقية.
واوضحت مصادر تركية انه منذ عامين ونصف يتمركز جنود أتراك في شمال العراق في إطار اتفاق بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان العراقي لتدريب البشمركة، وهي قوات الإقليم الكردي الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق.
غير ان العراق وفي تحذير ثان، كرّر العبادي امس الأحد طلبه من القوات التركية ان تنسحب من المناطق التي دخلتها قبل يومين موضحا، إن بلاده تحتفظ بحقها في استخدام كل الخيارات المتاحة بما في ذلك اللجوء لمجلس الأمن الدولي ما لم تنسحب القوات التركية التي أرسلت إلى شمال العراق خلال 48 ساعة.

اقرأ أيضًا: بلاد الشام تحت تأثير ظهور المسيح والمهدي والسفياني
وأضاف العبادي في بيان أن نشر المئات من الجنود الأتراك قرب مدينة الموصل الشمالية الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية تم بدون موافقة الحكومة العراقية أو معرفتها واصفا ذلك بانه انتهاك للسيادة الوطنية.
واليوم الاثنين، ذكر العبادي انّ تبقى 24 ساعة على المهلة التي اعطاها لانسحاب الجيش التركي من بلاده، قبل اتخاذ الاجراءات اللازمة، وفنّد الروايات التي قدمتها تركيا بشأن توغل القوة العسكرية إلى أطراف مدينة الموصل.
وقال العبادي خلال لقائه بوفد من محافظة البصرة أذاعته قناة “روسيا اليوم” إنه “لا يوجود أي علم أو اتفاق سابق للحكومة العراقية مع الأتراك حول دخول قوات تركية إلى العراق، مؤكدًا رفضه “دخول أية قوة تحت أية ذريعة”.
وفند العبادي، حجج تركيا القائلة إن الحكومة العراقية كانت على علم بذلك، مطالبًا الحكومة التركية بأن تستجيب للطلب العراقي “بإخراج هذه القوات فورًا”، وبأن يكون هناك “تصريح من الأتراك باحترام سيادة العراق، لأننا أمهلناهم 48 ساعة، ولم يتبق سوى 24 ساعة”.
وتابع العبادي حملته المنظمة على تركيا وكشف خلال اجتماع مع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ان غالبية النفط الذي يهربه تنظيم “داعش” يمر عبر تركيا، مشددا على “أهمية ايقاف تهريب النفط من قبل عصابات داعش الإرهابية والذي يُهرب أغلبيته عن طريق تركيا”.
كما عاد العبادي وجدّد رئيس الحكومة العراقية موقف بغداد من إرسال تركيا قوة من جنودها ودباباتها إلى محيط الموصل، معتبراً “ان دخول قوات تركية للأراضي العراقية أمر مرفوض، وتم من دون علم أو موافقة الحكومة العراقية”، مؤكداً “اننا نعد هذا الأمر تجاوزا على السيادة العراقية، وعليها أن تسحب هذه القوات فورا”.
وافاد مصدر مقرّب من رئاسة الوزراء العراقية لموقع جنوبية ان ثلاثة اسباب جعلت رئيس وزراء العراق ينفجر في وجه الاتراك وسياستهم تجاه بلاده، وهو الذي حرص منذ بداية عهده على بناء علاقة مميّزة مع انقرة وبادر في اول عهده الى الاتصال بالمسؤولين الاتراك ثم قام بزيارة رسمية الى تركيا وصفت بالناجحة جرى فيها التخطيط لرسم علاقات استراتيجية على المدى الطويل.

اقرأ أيضًا: هكذا أذلّ الاتراك الجيش الروسي في سوريا!‎
السبب الأوّل حسب مصدرنا هو معرفة المسؤولين العراقيين وعلى رأسهم حيدر العبادي ان داعش تمر تعزيزاتها البشرية واللوجستية عبر تركيا، وقد اختار العبادي ان يتعامل مع الأمر بدبلوماسية، متفهّما ان تركيا لا تستطيع اضعاف داعش بسرعة فيستقوي حزب العمال الكردستاني، ويتسلّم الحدود ويصعّد عملياته العسكرية ضد الجيش التركي، فاختار العبادي التروي على امل التعاون أمنيا وعسكريا في سبيل تحقبق المصالح الامنية المشتركة بشكل متوازن يعيد السلام على حدود البلدين.

السبب الثاني هو ان العراق الذي كان يطمح كما اسلفنا ان يتعاون مع تركيا وينسّق معها في سبيل اقامة سياسة موحدة تضعف داعش وحزب العمال الكردستاني سويا لصالح الدولتين الجارتي، لم يقابل من تركيا الا بمزيد من مظاهر الدّعم وغضّ النظر عن داعش وتسليحها، وتطوّر الامر حدّ جعل النفط الذي تستخرجه داعش وتبيعه من الآبار التي استولت عليها من سوريا والعراق اصبح يمرّ ويباع عبر اراضيها، مما جعل هذا التنظيم الارهابي يقوى ويتضخّم اكثر يوما بعد يوم.

أمّا السبب الثالث والأخير الذي جعل الكيل العراقي يطفح، فهو قيام القوات التركية قبل ايام باجتياز الحدود والتقدم نحو محافظة الموصل بحجة تدريب قوات البشمركة، وهذا الأمر لم يستطع رئيس وزراء العراقي حيدر العبادي ان يفهمه سوى انه تماد في الاستهتار بالسيادة العراقية، بعد الاسفار سابقا عن عدم الرغبة في التعاون لكبح جماح داعش وخطرها على بلاده.

الاعلام العربي الخليجي المكتوب والمرئي لم ير في لهجة العبادي التحذيرية ضدّ تركيا وطلبه ان تسحب قواتها من بلاده في اليومين الماضيين، سوى انه أتى بناءاً على ضغوطات داخلية طائفيّة أو انه “مطلب ايراني”، غير ان الواقع هو عكس ذلك تماما، اذ ان تركيا تتمادى في ازدراء المصالح العراقية، وتظهر رغبة سافرة في عدم التعاون معه أمنيا وعسكريا لمكافحة ارهاب داعش، كما ان تركيا لا يرف لها جفن وهي تراقب سلاح ونفط داعش يمرّان عبر حدودها، فيما العراق يعاني من ارهاب هذا التنظيم الذي يحتل اهم مدنه في الشمال والوسط، ولولا صمود الجيش العراقي الذي اعيد بناؤه بسرعة من جديد، وغارات طيران التحالف الرادعة، لكان داعش طرق ابواب العاصمة بغداد وهدّد مدن الجنوب.

السابق
بدنا نحاسب: ما حل بأحد النواويس في حديقة المتحف خطأ غير مقصود نتحمل مسؤوليته بجرأة
التالي
إردوغان لروحاني: ستدفعون ثمنًا باهظاً