لماذا أغاظت «صفقة التبادل» الممانعين وأخرجتهم عن طورهم؟!‏

أهالي العسكريين اللبنانيين
اليوم التاريخي الذي مرّ أمس على لبنان، لم يكن جامعًا كما كان متوقعًا، فقد ظهر "الممانعون والمقاومون" لينصبّوا أنفسهم أساتذة يعطون دروسا بالوطنية والشرف والكرامة للناس، وليوزعوا شهادات للإرهابي والعميل والبطل. ورغم كل ما مارسوه من مهزلة إلاّ أنّ الفرحة بعودة العسكريين كانت طاغية على أي مشاعر حاقدة.

بينما كان يعيش لبنان بالأمس لحظة تاريخية مع تحرير جنوده الأبطال الذين قبعوا في الأسر 16 شهرًا، خرجت بعد الأبواق من على بعض الشاشات ومواقع التواصل الإجتماعي لتصف صفقة تبادل العسكريين مع تنظيم «جبهة النصرة» بـ «صفقة العار»، كما انتقدت تلك الاصوات تغطية قناة الـ mtv الحصرية لهذا الحدث الذي انتظره لبنان بأجمعه وشنّ عدد من اعلاميي الممانعة حملة عليها وعلى مراسلها حسين خريس ،ووصل ببعض تلك الاصوات الى انتقاد واتهام العسكريين بوطنيتهم على خلفية تصريحاتهم تجاه «جبهة النصرة».

اقرأ أيضاً: صفقة العسكريين: سرعها أسرى حزب الله في حلب

تلك اللحظات المؤثرة والسعيدة التي تمترس لأجلها مئات الألاف من اللبنانيين أمام الشاشات ليتابعوا تفاصيل عملية التحرير، ويترقبوا بقلق مع الدعاء والصلاة من أجل إتمام هذه الصفقة بخير وعودة أبناء الوطن إلى ديارهم، لحظات ترافقت مع دموع الفرح والبهجة، والحرقة والغصّة أحيانًا أخرى من قبل أهالي العسكريين المخطوفين لدى تنظيم «داعش»، فرحة أهالي العسكريين المحررين برجوع أبنائهم لم تكن حصرًا لهم بل شاركهم بها جميع فئات الشعب اللبناني كلّ على طريقته ما خلا بعض الممتعضين والشمّاتين و«الشتامين».

أمس كانت المشاعر ودموع الأمهات والأبناء والأقارب وحدها تؤكّد صوابية صفقة الكرامة بعودة أبطال هم وحدهم من عانوا 487 يومًا على أيدي تنظيم أعدم أمامهم رفاقهم في السلاح، ووضعوا السكين على رقابهم يوميًا، عاشوا في الجرود والأسر بعيدًا عن بيوتهم وعائلاتهم، ينتظرون بزوغ أمل ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية، بالمقابل كان في رياض الصلح أهالٍ هجروا بيوتهم وتبدّلت حياتهم رأسًا على عقب، أمهات لم تجفّ دموعهن على مدى سنة ونصف لم ييأسوا ويكلّوا من أجل عودة فلذات أكبادهم، كل تلك المعاناة التي عاشها الأهالي والجنود المحررين لم تشفع لهم من لدغات الممانعين الذين استكتروا عليهم فرحتهم. فبحسب الممانعين الذين لا يكلون ولا يملون من انتقاد الحكومة اللبنانية على تقصيرها في كلّ الملفات ومنها ملف العسكريين المخطوفين، فهم انفسهم اعتبروا بالأمس أنّ هذه الصفقة هي إذلال للحكومة اللبنانية، والشعب اللبناني متهمين العسكريين بأبشع الإتهامات وصولاً إلى تمني الكثيرين لو كان العسكريون قد استشهدوا قبل إتمام هذه الصفقة، وبالتأكيد لم تخلُ سموم هؤلاء من سرد «بطولات» عناصر حزب الله لتلقين الدولة والعسكريين درسًا بالوطنية والكرامة والعزّة!

ونفس هؤلاء الممانعين الذين كانوا طوال السنة وأربعة أشهر يعيشون حياتهم الطبيعية يخرجون مع أصدقائهم يسافرون وينامون على أسرتهم، يسهرون مع عائلاتهم يمتعون نظرهم بأبنائهم، وقلوب أمهاتهم مطمئنة، هؤلاء استكملوا هجومهم على الأسرى المحررين الذين قالوا في تصريحاتهم الإعلامية أنّهم “يشكرون «جبهة النصرة» على معاملتها الحسنة لهم والإفراج عنهم”. فنصبّوا على جلد العسكريين واتهامهم بالأرهاب وعدم الوطنية والشرف والكرامة والعنفوان.. وناهيك عن اتهام قناة الmtv بالإرهاب وتوصيفها وكأنّها منبرًا للإرهاب مع العلم أنّه كان للـ mtv بالأمس دور إيجابي جدًا في تغطية الخبر وتوثيق الصورة والأحداث بدقة ووضوح لإيصال الصورة لعائلات العسكريين كما هي.

مشهد الممانعين والمقاومين بالأمس وهم يحاولون تلقين العسكريين المحررين والحكومة اللبنانية ووسائل الإعلام درسًا بالكرامة والوطنية والبطولة والشرف، مقزز إلى درجة جعلنا نتمنى لو كانوا هم مكان العسكريين، وأمهاتهم من افترشوا الخيم وأقفلوا الطرقات من حرقة قلوبهم وتلف أعصابهم…

العسكريين العسكريين

وسبب هذا الغضب والحنق لدى جمهور الممانعة أصبح معروفا وهو أن قياداتهم عبأتهم ضدّ فكرة عمليّة التبادل التي جرت أمس، وقد خرج منهم نواب ومسؤولون ينكرون على الدولة التفاوض مع “ارهابيي النصرة”، ومن يتفاوض معهم فهو خائن. غير ان الظروف انقلبت واضطرت تلك القيادات ان تصمت وتمرر صفقة أمس مرغمة، فهال ما حصل ذلك الجمهور ولم يحتمل مشهد رؤية مسلحي جبهة النصرة يقفون بثقة امام الكاميرات وهم مسلحين ومقنعين، فقاموا يمطرون الدولة وشاشات التلفزة الاعلاميين الذين غطوا الحدث بأقذع الشتائم والاهانان عبر مواقع التواصل التي تحوّلت امس الى ساحة مشادة حامية حول هذا الحدث التاريخي الذي انتهى نهاية سعيدة.

السابق
منتدى الثلاثاء يناقش قضايا التعليم الديني
التالي
فرنجية مرشح «سوريا بوتين» وليس سوريا الاسد!