بلاد الشام تحت تأثير ظهور المسيح والمهدي والسفياني

بلادنا قبائليّة وعشائريّة عائليّة، تآخت مع الأديان في محاولة منها ناجحة للسّيطرة على العقول المتخيّلة لساكنيها، حيناً بالخوارق والمتخيّلات والأساطير، وأحياناً بالمنتظريّة سواء العيسويّة أو المهديّة وبعضهم بلهفة ينتظر السُّفيانية.

بعد سيطرتها على القرارات الدّولية، وبعد إحكام سطوتها على مجلس الأمن والجمعيّة العامّة للأمم المتحدة بشكلٍ شبه كامل، و بعد إحتكارها لإقتصاد السّوق والإنتاج الزّراعي والتّطور الصّناعي، وبعد سنّها مواربة لقواعد علم إجتماع جديدة وضخّها كميات هائلة ثقافية جاهزة و صالحة للإستعمالات الخارجيّة، وبعد إقرارها سياسات تلقين تربويّة، وبعد إمتلاكها لبراءات إختراع تكنولوجية وإرفاقها بورقة شرح تطبيقيّة، وبعد إبداعها في إنشاء برامج التّواصل الإجتماعية وعبرها ومن خلالها قذفت بمفردات ومصطلحات بمفاهيم جديدة علمية، متمكّنة توجيهيّة إستكشافية تحليلية وأخرى غيرها طبية علاجية وفيروسية تتعلّق بأمور حياتية.

إقرأ أيضاً: في الذكرى السابعة لمحاولة اغتيال قاسم سليماني

وبعد إستحواذها على حيّزٍ كبيرٍلا يستهان به من الزّمان والمكان، وبعد إثبات قدرتها مؤخراًعلى التّحكم بالتّداولات الماليّة ولاحقاً بأسعار الفائدة وقبلاً بصرف العملات مقابل عملتها الخضراء الورقية، ها هي اليوم تتوّج نفسّها صاحبة سلطة مهيمنة مطلقة كونيّة يدين لها العالم ويطيعها وإنْ بطرقٍ مختلفةٍ ويُتعامل معها على أساس أنّها ربّة هذا العالم، خصوصاً وأنّها احتكرت الإجابة عن الكيفيّة والكميّة والماهيّة المعرفيّة، وعليه وبعد ما تقدّم لا يسعنا إلّا الإعتراف عن رضا أو دونه بأنّ أميركا هي العالم صغير والعالم هو أميركا كبيرة.

بلاد ما بين البحر و الصّحراء، بلاد الشّام أو سوريا كما أطلق عليها سابقاً فلها دوماً نصيب من إستراتيجية القوّة الصّاعدة تماماً كما كان لكلّ القوى التي سبقتها في هذا العالم، وشكّلت في حينها حضارات كالمصريين والآشوريين والبابليين والروم والإغريق، فها هي الولايات المتّحدة حاكمة العالم الجديد تحذو حذوها وتعتبرها كما كان لغيرها وبالنّظر إلى جغرافيتها بلاد ربط وممر تقبع بنتيجة التكوين بين قارات العالم الثّلاث القديم.

بلاد السّاحل الفينيقي وفلسطين، وضمناً يقع فيها لبنان، لم تنعم بالإستقرار ولن تنعم وأجزم أنّها لن تحظى بفرصةِ الفوز به في الغد وإن حاول كثيرون ذلك أو ادعوا سيطرتهم أو سطوتهم على قرارها، هي حالة من الفوضى تستولد ذاتها، أبناؤها تجّار إعتادوا المراوغة والمداهنة، معروفون بدهائهم و قدرتهم على التكيّف مع الظّروف المعاكسة، وسطاء إختاروا الشّخصانية و تأليه الفرديّة، يفضّلون جني الرّبح على المدى القصير أكثر منه على المدى الطّويل .

إقرأ أيضاً: نصرالله تغيّر.. من سيّد المقاومة إلى قائد فيلق عسكري

وحدها الحرب بين الروم والفرس أعادت سابقاً الإعتبار إلى البادية الشّامية التي إسترجعت خلالها مكانتها السّياسية والإقتصادية ودورها كوسيط طبيعي سلبت منه قدراته لاحقاُ من قبل الدّولة العثمانية والبلاد الإيرانية، وكانت بارزة فيها أيصاً أطماع الدّول الصّحراوية والتي ساهمت مجتمعةً في جعلها أجناد لها أي مناطق عسكريّة.

وللتّاريخ فقد تلاشى إزدهار المدن الشّامية كمثال زمن الدّولة الأمويّة التي فصلت نفسها عن شبه الجزيرة العربية، وأخفقت جهود العباسيين بعدها في الحفاظ عليها لإعتمادها في قيامتها على الساساسنية الفارسية وقوى المماليك التركية، ونسيت ما اكتسبته من ماضي الحضارة الإغريقية والرومانية.

في ظلّ هذه الحقبة الإنتقاليّة والمرحلة المفصليّة من عهد الأمبراطورية العظمى الأمريكية ستتجدّد المشاكل التي ستواجهها هذه المنطقة الهشّة، خصوصاً مع وصول طلائع جيوش مختلطة غربية أمريكية إيرانية تركية وعربية معرّف عنها إصطلاحاً بدول التعاون الست الخليجيّة التي تسعى مجتمعة للسيطرة على بلاد الشام، وهي التي خصها التكوين بمزايا صرف طبيعية.

السابق
لماذا سيعود حزب الله وحيدًا؟
التالي
المرشد و«السلطان»؟!