“شؤون جنوبية” التي اعتادت عقد ندوة فصليّة، تتناول فيها شؤون لبنان وشجونه وقضاياه الإنسانية والاجتماعية، ارتأت هذه المرّة بالتنسيق مع منتدى صور الثقافي أن تطلّ عليكم من نافذة “الهوية اللبنانية“، هويتنا التي تنازعنا عليها ومن أجلها. كل واحد منّا فهمها كما يشتهي، أشعلنا الحروب، واستدرجنا المتحاربين. هي المشكلة وهي الحلّ والملاذ.
اقرأ أيضاً: لماذا الهوية الوطنية اولا؟
هويتنا سيداتي سادتي هي هذا التراكم الممتد من بحر صور وتحدّي الاسكندر، إلى غوامض تاريخ الإرجوان ومنذ زمن الزجاج الملوّن والأشرعة السابحة وثور قدموس، إلى جبل عاملة التي استقبلت المسيح، معلّم المحبّة، إلى بدايات الفتح الإسلامي، وقوافل أبي ذر الغفاري الآتية من الشام في الداخل. هويتنا تفاعلنا مع الفتح العربي. ولبنان الحرف والحريّة. الواقف الشامخ بين البحر والرّمل مختلفاً كان ويبقى. حرّاً كان ويبقى. فينيقيّاً كنعانياً متفاعلاً مع سوريا المجوّفة. ملتفتاً فاتحاً كفّيه للبحر مشرّعاً صدره وعقله للمضطهدين والمطرودين من بيوتهم وأرضهم، من فلسطين إلى سوريا، إلى غيرهما.
اقتتلنا واستقبلنا على أرضنا حروبنا المركّبة، تحدّينا وقاتلنا العدو الغازي منذ 330 ق.م. وما زلنا إلى الآن نقارع ونصارع الإسرائيليّ المحتل، الطامع بأرضنا ومياهنا وهوائنا. مختلفون، نؤمن بحق الاختلاف، لبنانيون نحن، فينيقيون، كنعانيون، نصارى، موحّدون وممزقّون ومسلمون.
نطالب بالدولة المدنيّة لبناء لبنان، وطن الحريات والمدنيّة، وطن الحضارة والتقدم، الوطن الواقف في عين المحتلين كالمخرز، والرافع رأسه للمحبّين والمضطهدين كوردة الصباح. هذا هو لبنان. ومن أجل هذا اللبنان. كنا ونبقى ونستمر، نريده وطناً حرّاً، عربياً، ديموقراطياً، بمفاهيمه المختلفة ورؤاه المتسعة وآفاقه المفتوحة. ضمن هويّة لبنانيّة حضاريّة إنسانيّة واحدة.
الهويّة تراكم في البرّ والبحر والسماء والنار، في الفكر والمواطنة والمؤسسات والتحديات الحضارية، في البيئة النظيفة والأرض المعطاءة.
اقرأ أيضاً: مأزق تضخم الهوية الطائفية وخياراتها
نجتمع الآن هنا في منتدى صور الثقافي معكم أيها الأصدقاء تحت عنوان: الخيارات السياسية الاستراتيجية في ضوء إشكالية الهويّة.
