لقاء فيينا 2: ايران والسعودية شركاء في الحلّ السوري

لقاء فيينا 2
ماذا جرى بلقاء فيينا 2 الذي جمع 17 دولة أوروبية وشرق أوسطية لمناقشة مصير الحرب في سوريا برعاية أميركية وروسية؟ هل يثمر عن حلول وهل دخلت أزمة الحرب في سوريا مرحلة المسارات العملية لانهائها؟

شكّل الاجتماع الدولي حول سوريا في فيينا الذي جمع 17 دولة أوروبية وشرق أوسطية لمناقشة مصير الحرب في سوريا برعاية أميركية وروسية، إشارة قوية إلى بداية مرحلة جديدة من الأزمة السورية، وذلك بمعزل عن مؤدياتها إن لناحية تتويجها بتسوية سياسية، أو لجهة عدم اختلاف مصيرها عن مصير “جنيف 1″ و”جنيف 2”. ولكنّ الأكيد أنّ التدخل الروسي في سوريا أطلق دينامية جديدة وغير مسبوقة، حيث انها المرة الأولى التي تلتقي فيها الرياض وطهران حول طاولة واحدة للبحث في إنهاء الحرب السورية.

وأكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عقب انتهاء مباحثات فيينا أن الخلاف في الاجتماع أمس تمحور حول نقطتين: موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد وموعد ووسيلة رحيل القوات الأجنبية وبالذات الإيرانية. وبعد الاجتماع الذي استمر لثماني ساعات قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن اجتماعاً جديداً للأطراف المعنية بالأزمة السورية سيُعقد خلال أسبوعين.

وكشفت وكالة “ستراتفور” الاستخبارية انّ “الاجتماع الموسَّع في فيينا لا يُعدّ انفراجاً في الأزمة السورية، فالتعزيزات العسكرية الروسية والإيرانية لدعم قوات النظام خلقت مزيداً من الحوافز بالنسبة للمملكة العربية السعودية وتركيا وقطر والأردن لتعزيز دعمها للجماعات المعارضة في محاولة لتحقيق التوازن في الميدان.

إقرأ أيضاً: مؤتمر فيينا الثاني ينهي الحلم الإيراني بـ«سوريا المفيدة»

مؤتمر فيينا 2

وهذا الواقع تسبّب بمعضلة أكبر لواشنطن التي حاولت طويلاً حرمان روسيا من تأدية دور ديبلوماسي يسمح بهندسة مفاوضات حول سوريا ومنع دول الخليج تزويد المتمردين بأنظمة دفاع جوية. وتعمل الولايات المتحدة أيضاً مع الأتراك لتنسيق هجوم مع المتمردين لمحاربة الدولة الإسلامية غرب الفرات، وفي الوقت نفسه لاحتواء الغضب التركي من الدعم الأميركي للمتمردين الأكراد في الشرق”. واضافت الوكالة: هناك سؤال جوهري حول مصير الأسد. كل الأطراف المجتمعة في فيينا، وبدرجات متفاوتة، أذعنت للإصرار الروسي بأنّ المفاوضات حول الانتقال السياسي في سوريا يجب أن تحدث قبل ذهاب الأسد بشكل رسمي. لكنّ الدعم العسكري الروسي والإيراني، إلى جانب المفاوضات، يوفّر له دفعة من الشرعية ممكن أن تشجّعه على البقاء في السلطة. وعقب الاجتماع بين الرئيس السوري ووزير الخارجية العمانية، هناك دلائل تشير إلى إمكانية أن توفّر سلطنة عمان اللجوء للأسد كجزء من الخطة الانتقالية.

ولكن في موازاة ذلك، تشير بعض المصادر الاستخبارية إلى أنّ الأسد طلب من الوزير العماني فتح قنوات خلفية له مع البيت الأبيض. وبسبب عدم ارتياحه للاعتماد بشكل كلّي على الحليف الروسي، قد يكون الأسد يحاول تَحسّس ما إذا كان في إمكانه التواصل مباشرة مع الولايات المتحدة في هذه المفاوضات، ويكتسب بذلك بعض الشرعية مع الغرب.

ومن غير المرجّح أن تُبدي واشنطن مرونة في ما يخصّ إزاحته. ومع ذلك، فإنّ المحاولات السورية لفتح قنوات حوار مع البيت الأبيض تشير إلى تنامي الثقة من جانب الأسد بأنه ما زال لديه الوقت والمساحة للمناورة. وختمت: حتى إذا سُوّيَت مسألة العفو عن الأسد، إلّا أنّ مسألة إزاحته من منصبه تبقى مبهمة. وإذا كان الحلّ بإجراء انتخابات، كما تطالب روسيا وسوريا، فيجب على احد الاطراف فَرض وقف إطلاق نار وتطبيقه. ويجب على احد أيضاً أن يضمن حصول انتخابات حرة ونزيهة وإجراءها في المناطق الخاضعة للنظام وحتى في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المتمردة.

إقرأ أيضاً: إيران تحشد لـ«الحرب المقدّسة» في سوريا

الكاتب الصحفي والناشط السياسي مصطفى فحص قال لـ”جنوبية” “ان مؤتمر فيينا متاهة جديدة في مصير الثورة السورية والشعب السوري، فالانقسام بين الأطراف المتحاورة يزيد من التعقيدات في المشهد، وعدم مواجهة التدخل الروسي في سوريا من قبل الولايات المتحدة يزيدمن التعقيدات، ويظهر مجموعة التناقضات حتى على مصير نظام بشار الأسد بين الدول المشاركة في محادثات فيينا. فالإيراني لا يزال يربط مصير الأسد بمصير سوريا،إذاً فيينا هو انقلاب على جنيف 1 الذي أقرّ باستبعاد بشار الأسد في المرحلة الإنتقالية”.

ويرى فحص:”أن الدول الأوروبية المتحالفة مع تركيا والمملكة العربية السعودية، فقد وافقوا على حضور ايران محادثات فيينا 2 بعد تغييبها عن الإجتماع الأول، للسماح لها بطرح شعاراتها وهي أنّ الشعب السوري يقرر مصيره، زعمًا منها أنّ الشعب السوري يريد بقاء بشار الأسد في السطة”.

ويختم فحص: “كل هذا دليل على استمرار التناقضات وبالتالي فشل فيينا 2 وسيستمرار الحوار بالنار، وصولاً إلى تصعيد جدي لخلق توازنات استراتيجية جديدة تجبر الولايات المتحدة إلى تقديم الكثير من التنازلات عن تحفظاتها، واعتماد أكبر من الطرف الروسي على إيران، والنتيجة مزيد من الخسائر البشرية واستمرار للحرب السورية والتهجير ..”.

أما مدير “مركز تطوير للدراسات” هشام دبسي فقد صرح لـ”جنوبية”: “أنمؤتمر فيينا هو مجرد فاتحة حديث معمق حول الأزمة السورية يمكن أن ينتج تطوير مبدئي للخطوط العريضة لمقررات فيينا 1، وبالتالي تبني هذه الخطوط من قبل الدول التي لها دور في الحرب السورية”.

ويشرح دبسي:”على هذا الأساس وافقت واشنطن أن يكون لطهران دور على طاولة المحادثات من أجل ضمان تنفيذ الإتفاق، ولكن هناك عاملين يواجهان الإتفاق، الأول يكمن في أنّ التدخل الروسي منذ شهر في سوريا لم يغيّر المعادلة لصالح نظام بشار الأسد، فمثلاً في جنوب حلب في منطقة الصفيرا حصل تقدم لتنظيم داعش، والمعارضة السورية المعتدلة صمدت بوجه الطائرات الروسية. وكل النتائج حتى اللحظة للتدخل الروسي في سوريا كانت صفر، فلم يستطيع الروسي حتى الآن خوض معركة ناجحة تعزز حلّ الأزمة، فالعنف لا يزال مستمرّا دون جدوى”.

وعن العامل الثاني الايراني يشير دبسي ” أنّ المملكة العربية السعودية تتحدث بشكل واضح وصريح أنّ إيران هي جزء من الأزمة وليست جزء من الحلّ. ولكن في الوقت نفسه رأت المملكة أنّ دعوة إيران لمحادثات فيينا هي فرصة لاختبار الدور الإيراني. بمعنى هل ستذهب ايران في الحلّ الذي سيقرّ في المؤتمر أم انها ستستمر في التعطيل، وموافقة السعودية على مشاركة ايران جاءت تحت ضغوط أميركية روسية حتّى لا تأتي العرقلة منها”.

 

ويلفت دبسي في النهاية البعض أنّ المشهد اصبح اكثر وضوحا ” فمجرد غياب بشار الأسد عن اجتماعات فيينا يعني أنه لم يعد لديه ما يقدمه على الطاولة وبالتالي أصبح رهينة وألعوبة بيد موسكو وطهران”.

السابق
اعتصام لـ«بدنا نحاسب» أمام مبنى الـTVA في العدلية
التالي
توقيف عصابة لترويج العملات المزورة في النبطية