لماذا تغيب ذكرى كامل الاسعد عن «كلام الناس»؟

يكون العتب على قدر المحبة في المعيار الشخصي والخاص، ويكون على قدر المسؤولية عندما يتصل بشأن عام أو شخص عام. والعتب هنا موجه بشكل شخصي إلى كل من الرئيس العماد ميشال عون والصحافي البارز الأستاذ مارسيل غانم.

في حقبة الوجود السوري التي سماها كثيرون حقبة الوصاية، كان الحديث مع العماد عون وعنه شبه محظور، ودونه مساءلة سياسية وفي الأغلب مضايقات أمنية. عندها كان الرئيس كامل الأسعد يعلن في غير مناسبة عن حق العماد عون بالعودة من منفاه القسري والمشاركة في الحياة السياسية. لم يأبه كامل الأسعد المعروف بصلابته وحريته واستقلاله، بأي تداع محتمل إزاء كلمة حق قالها دون منة ومن غير طلب.

بعد عودة عون في العام 2005، وبعد التبدّل القياسي في الموقف العوني من سوريا التي كان لها القول الفصل في استبعاد الرئيس الأسعد وكل من يلوذ به عن أي موقع سياسي، لم يأبه الأسعد كعادته للحسابات السياسة الضيقة ولا لترسبات الخصومة، فأعلن في آخر حديث له في جريدة النهار أنه “يطمئنّ لعون رئيسا للجمهورية”. وإذا كان للأمر من تفسير، فهو أن الرئيس كامل الأسعد عندما يتخذ الموقف من موقعه الوطني، فإنّه لا يقيم أي حساب للمصلحة الشخصية ولا لحسابات الربح والخسارة، وهذا ما يسمى بـ “المبدئية”.

كامل الاسعدفي 25 تموز 2010 رحل كامل الأسعد، أحد أبرز قيادات لبنان الوطنية وأهم رموز وحدته الوطنية وأشجع المحافظين على مؤسساته الدستورية. وفي موقف أقل ما يقال فيه أنّه واجب، قبل الحديث عن الوفاء، غاب العماد عون وأعضاء تكتله وتياره كافة عن العزاء، وربما خشي أن يتسرب أمر اتصاله للتعزية، أو برقيته، فلم يتّصل ولم يبرق، هذا اذا افترضنا أنّه يريد ولم يستطع ان يفعل، انطلاقا من حسن الظن بالعماد الذي تخطى كل الهواجس الأمنية ليقوم مأجورا بواجب العزاء بالوزير الراحل إيلي سكاف في زحلة.

إقرأ أيضاً: وائل كامل الأسعد لحزب الله: لا نحتاج الى فيزا منكم لزيارة الجنوب

ربما لأن محازبي الرئيس الأسعد وشعبيته المتبقيّة ليست إرثا محتملا يسعى الوارثون إلى حجز حصتهم منه. وربما من زاوية ليست أقل سوءا، أنّ الوقوف على خاطر الحلفاء يستدعي عدم الوقوف على خاطر خصومهم حتى بعد رحيلهم الأبدي، بما في ذلك من تنكر للواجب ولما هو أبعد وأعمق وأسمى.

أمّا فيما يخص الأستاذ مارسيل غانم، الصحافي البارز وربما الأبرز، شخصًا وبرنامجا، فإنّ ما لقيناه منه من تكريم عند رحيل أيّ رمز أو شخصية عامة كان آخرها الزعيم الزحلاوي الراحل إيلي سكاف، كان قاعدة لم يشذ عنها إلاّ رحيل كامل الأسعد.

كامل الأسعد ربما لم يترك مالاً يستطيع به شراء بعض دقائق على هذه الشاشة أو تلك. لكنه ترك دون أدنى شك سيرة ستبقى حجة على كل من شغل منصبا أو مركزا عاما، فهو الرجل الصادق المستقيم ذو الكف الأبيض والعنق العتيق. وإذا كان لا بدّ من حساب لعمر مسيرة الحرية والسيادة والإستقلال، فيكون في متابعة واستحضار سيرة ومواقف الرئيس كامل الأسعد، والكشف عن أملاكه وحساباته المصرفية ولو غابت تلك السيرة عن ألسن الساسة… وكلام الناس.

إقرأ أيضاً: وائل كامل الأسعد: لنا حصة من تاريخ الجنوب لن نسمح بطمسها

السابق
عندما تركت أميركا لإيران ‘الحبل على الغارب’…
التالي
جبران باسيل يواصل جولته في ايران ويلتقي بولايتي