بري – عون: معادلة «النصف حليف»… أو «الأعدقاء»

بري وعون
تراكمت مؤخراً النقاط الصدامية بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ، وعلى الرغم من تأكيد الرئيس نبيه برّي والعماد ميشال عون على متانة حلفهما السياسي أمام كل منعطف. إلّا أن تضارب الملفات الداخلية مع مصالحهما وحسابتهما السياسية زاد في اتساع الشرخ بين عين التينة والرابية.

حمولة زائدة من الملفات الصدامية بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ، كان آخرها أمس، بعدما  فتح التيار البرتقالي النار على وزارة المالية المحسوبة على حركة أمل. إذ انعقدت لجنة “الطاقة والمياه والأشغال العامة النيابية” تحت قبة مجلس النواب، لبحث موضوع الهدر في الكهرباء. وذلك على وقع التحرك الأول أمام وزارة “الطاقة” الذي طالب بوقف الفساد ومحاسبة المرتكبين.
شهد الاجتماع تبادل اتهامات بين الفريقين وشهدت اللجنة احتكاكاً بين وزير المالية المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، علي حسن خليل، ووزير الطاقة المحسوب على التيار الوزير، أرثور نظريان، وذلك حول التأخر في صرف الإعتمادات المالية لمؤسسة الكهرباء من دون الرجوع إلى ديوان المحاسبة، إلى حدّ دفع الوزير خليل إلى القول: “لو كانت هناك دولة لكان هناك ناس يجب دخولهم السجن”، في إشارة مباشرة إلى أحد مستشاري وزير الطاقة السابق وزير الخارجية الحالي جبران باسيل.

و تطورت الاتهامات بين الطرفين، الأمر الذي دفع بالوزير خليل للردّ على اتهامات عون. الأخير رفض في تصريح له “تحميل وزير التيار مسؤولية الفشل في تأمين الكهرباء، فيما وزارة المال ترفض دفع الأموال للشركات”. نشر الأوّل  تفاصيل تكشف تورط باسيل في صفقات مشبوهة أدت إلى التزامات مالية على الدولة اللبنانية جراء عدم التزامه بقرارات ديوان المحاسبة وتمريره لعقود لم تحصل على الموافقة ضمن الأطر القانونية.

وقال خليل: “أفهم جيّداً توتر الجنرال عون ورميَه الاتهامات بعدما نقلَ له نواب تكتله بالتأكيد أجواء لجنة الأشغال والطاقة يوم الثلاثاء حيث كشفَت الوثائق المشكلة الحقيقية في ملف تلزيم إنتاج الكهرباء وإصرار وزارة الطاقة ومن لزّم فيها على تجاوز الأصول القانونية ومخالفة قرارات هيئات الرقابة. وبما أنه تعوّد على التحديات الخاسرة، أتحدّاه أن يعلن ما هي الشبهات التي لم يتكلم عنها ليبنى على الامر مقتضاه، باعتبار أننا لم نجد في ما قاله ما يستحق التعليق أكثر في الاعلان”.

إقرأ أيضًا: حزب الله صمت والمردة والطاشناق رفضا: عون وحيدا بالشارع؟

بعد هذا المشهد، بات من الواضح أن “المساكنة الإلزامية” بين أبرز قطبي قوى الثامن من آذار على شفير الهاوية إلّا أن عضو تكتلّ التغيير والإصلاح النائب ناجي غاريّوس شدّد على متانة الحلف بين بري وعون. إذ قال في حديث خاص لموقع “جنوبية” إن “الخلاف بين أمل والتيار ليس بهذا الحجم إنما هناك بعض الجهات التي تضخم الأمور”.

وفيما يخصّ ما جرى أمس بين وزارة المالية والطاقة، أوضح أنه “هناك بروتوكول عمل بين الوزارتين  إضافة إلى المتعهد وهناك بند يلزم وزارة المالية بدفع مستحقات المتعهدين وبحالة عدم الدفع تلزم بدفع غرامات مالية”.  وبالنسبة لتعليق التيار ” على ضرورة دفع هذه المستحقات بدلاً من تغريم الوزارة “،لفت غاريوس انه “بالأمس إجتمع بالرئيس برّي وتم توضيح ما جرى”. مشدداً على انه “لا خلاف بين برّي وعون وهذا الإشكال في الأساس يجب ألا يكون موجودا”.

عون و بري

وحول البنود التسعة لحلّ أزمة “الترقيات والتعيينات” كرّر غاريوس موقف تكتل التغيير والإصلاح منها وهو رفض ما جاء فيها قائلاً إن هذه البنود سرّبت على أنها تسوية أطلقت من قبل الرئيس برّي وهذا غير صحيح بل هي صادرة عن رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ووزير الدفاع سمير مقبل”، ملمحا إلى أن لهما دورا كبيرا في اثارة النعرات بين أمل والتيار.

وشدّد غاريوس على أن “أيّ تسوية سياسية بالنسبة لموضوع التعيينات لا نتدخل فيها على الإطلاق، لأن الموضوع هو قانوني، ومن شأن تلك التسويات ان تعطّل القانون والدستور ويؤدي بالتالي إلى خراب البلد”.

اقرأ أيضًا:سليمان فرنجية استقبل قهوجي وابرهيم على الغداء نكاية بعون؟

وحول مسألة التوتر بين أمل والتيار الحر، رأى الكاتب والباحث السياسي نسيب حطيط أن “المشكلة الأساسية هي بين التيار الوطني وتيار المستقبل وجزء من المكون المسيحي (الكتائب، وميشال سليمان) وجزء من المشكلة أيضًا إعتقاد الجنرال أن بري يستطيع الضغط أو المونة على الخصوم من خلال علاقة بري فيهم”. مضيفًا أن “عون يعتمد على حليفه حزب الله في حال تدهورت العلاقة مع برّي  لإعادة الأمور إلى نصابها”.

وقال حطيط لـ “جنوبية” إن “موقف عون مقصود، وهو الضغط على برّي بتعطيل الحوار وعمل المجلس النيابي، وبالتالي تعطيل الحكومة التي هي بمثابة القلعة الأخيرة لتيار المستقبل”. مضيفًا أن” القصف العوني تم قبل الحوار وقبل انعقاد الجلسة وهو يهدف إلى الإرباك ولن يأتي بثمار”.

وأشار حطيط إلى أن “الرئيس بري يعلم تمامًا أن هذا الخلاف مع عون سياسي فقط ولكن بخلفيته يدرك انه الأمور لا تصل إلى حدّ المقاطعة، بل إن أقصى حدودها يمكن أن تصل إلى الجمود السياسي”.

وعن تسوية ملف التعيينات رأى أن “سليمان غير قادر على إعداد هذه التسوية فضلاً عن أن كل القوى السياسية تحظى بحصتها في هذه البنود، لكن التيار مُصرّ على عدم إعطاء موقفه الرسمي كي لا تحسب عليه قبل أن تبت على طاولة الحوار ويتم التصويت عليه لضمان عدم الخداع السياسي”.

وبرأي حطيط أن “بري موافق على هذه التسوية لكنه لا يضمن موافقة كل الأفرقاء، وختم بأن “العلاقة بين التيار وأمل أشبه بالمدّ والجزر وهي  قائمة على معادلة “النصف حليف” ولا وجود لتحالف مباشر”.

السابق
الجيش الروسي: تنفيذ 5 غارات ضد مواقع داعش في سوريا
التالي
كيري: حكومتي تحث زعماء لبنان على وضع خلافاتهم جانبا واعادة احياء حكومة فاعلة