هل سيبقى الحراك المدني مطلبيا وينجو من الممانعين والفاسدين؟

طلعت ريحتكم
إنّ الأمل هو الحافز الذي من خلاله نحقق جلّ طموحاتنا أو بعضها وهو الذي نتأسّى به لنبعد همومنا واضعين رأسنا المصدّع من أعباء الحياة على كتفه. أما في لبنان حيث التناقضات السياسية والرهانات الخارجية هي السمة الأساسية لهذا البلد، فصار الأمل خاضعا للقاعدة الإقتصادية المتمثلة بالندرة النسبية وكأنّ راحة البال صارت من الكماليات التي صرنا ننشدها ونبحث عنها في التراكمات التي ملأت عقولنا، وجعلتنا نتوه في نمطية الجري وراء لقمة العيش تاركين أحلامنا بالتغييرعلى رفّ الإنتظار حتى ملّت الركود فهربت.

بصفتي شاب من سكان الضاحية الجنوبية يؤمن بالحرية والديموقراطية والعدالة الإجتماعية فقد تحول الأمل عندي الى قلق دائم على مستقبل البلد، قلق يتزايد يومًا بعد يوم خصوصًا وأنا أرى عنجهية حزب الله تتعاظم حتى صارت تتحكم بكل مفاصل البلد، نتيجة التوازنات والمتغيرات الإقليمية. ونتيجة للعامل الأهم والأقسى، ألا وهو السلاح غير الشرعي الذي استباح بيروت في السابع من أيار وهدّد ومازال كل من يعارضه أما مباشرة أو عبر القمصان السود المستندة أصلاً على فائض القوة الذي أفرزها السلاح.

إقرأ أيضاً: حزب الله: معيار الإنتصار هو عندما يقول السيد … انتصرنا!

أمّا العامل الثاني المرتبط ارتباطًا وثيقاً بالكيفية التي يوظف حزب الله سلاحه في خدمة المشروع التوسعي الإيراني، فهو تجلّى في الذهاب بعيدا خارج الأراضي اللبنانية ليقاتل الى جانب نظام الأسد الذي يمعن في قتل الشعب السوري بكل سادية لا مثيل لها في تاريخنا الحديث.

خطورة هذا التدخل أنّه ذات خلفية مذهبية واضحة المعالم والأهداف والقدرة على تنفيذ ما يطلبه المشغل في طهران، طهران الحالمة في استعادة امبراطوريتها على أشلاء الشعوب العربية من العراق الى اليمن وسوريا فالبحرين.

#طلعت_ريحتكم

في ظل هذا القلق الرهيب الذي ينتابني كما ينتاب الشريحة الكبرى من اللبنانيين، فتحت فجأة نافذة أمل جديدة، عندما برزت الشعلة المضيئة المتمثلة بالحراك المدني الذي يطالب بمحاربة الفساد والتصدي للسلطة بكل تشعباتها القابضة على رقاب الشعب اللبناني منذ الإستقلال.

أيّدت الحراك طالما هو بعيد عن الشعارات الزائفة “للمقاومين والفاسدين”،ويرفع شعارات مطلبية كحلّ ملف النفايات على سبيل المثال، دون الدخول في متاهات الشعارات الهمايونية والطوباوية في بعض الأحيان، وكما يقول المثل الشعبي”يلي بكبر الحجر ما بصيب”. وحتى لا يضيع منا هذا الأمل لا بدّ من أن نكون واضحين في التوجهات والكيفية، التي نواجه بها السلطة أو الحكومة بشكل أصحّ حتى لا نعطيها من تعبنا وجهدنا ما تصبو إليه وهي المتمكنة من لعبة شدّ العصب المذهبي، سلاحها القوي في وجه الحراك المدني البعيد كل البعد عن الخلفيات المذهبية.

إقرأ أيضاً: حزب الله يستغلّ الحراك بعد تململ بيئته.. وعون ينتقم من الحريري

وعليه فإن الأمل لايمكن أن تذبحه بعض العنتريات من هنا والصراعات من هناك، رغم محاولة ركوب بعض “الممانعين”على الحراك عبر اسقاط الشعارات الحزبية والإيديولوجية. فلا بدّ من إطار يظلّ جاذبا للناس التي تأن وجعًا من ثقل الهمّ المعيشي، حتى نصل وإياهم الى خلاصات تمكننا من البقاء صامدين في الشارع، في وجه حكومة الى الآن تتعامل مع الحراك بصفته فلكلورا وأهازيج تحتوي على صراخ، ولو أنها استخدمت كل مافي جعبتها من عنف مفرط ومدان لقتل هذا الحراك في مهده ولم تفلح تحركاته الشعبيّة السلميّة.

السابق
بالفيديو: قفزة كادت أن تودي بحياته في عين المريسة
التالي
خطبها بعد وفاتها