مين هيّ ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (1)

صورة جوبية للضاحية الجنوبية
تشمل الضاحية الجنوبية بلدات وأحياء عدّة وهي تابعة لمحافظة جبل لبنان. سمَّاها السيِّد موسى الصدر "ضاحية المحرومين" واليسار اللبناني: "ضاحية البؤس"، وحزب الله: "ضاحية المستضعفين". هي مسقط رأس الأمير بشير الشهابي الكبير، وعدد سكانها اليوم نحو 800 ألف نسمة.

الضاحية الجنوبية لبيروت مكان قائم بذاته في أذهان اللبنانيين، سواء إيجابا أو سلباً. فأهلها يفتخرون بمكان إقامتهم هذا، ويرون أنه (كانتون) يجمعهم ويحميهم ويستر عليهم، ويفتخرون بأنهم قاتلوا اسرائيل وواجهوها ورفعوا رأس العرب عاليّا، رغم اهمال السلطات المتعاقبة وتقصيرها عن تنمية هذا الحيّز الضيق، الذي تسلمه حزب الله ورعاه وأهله فبات لاسم (الضاحية) معناه السياسي وليس الجغرافي فقط.

في المقابل يرى كثيرون أنّها بقعة يختبئ فيها الهاربون من القانون، الذين يخترقون كل قوانين السلطات اللبنانية من سائقي الفانات واصحاب الارقام البيضاء واصحاب الأبنية العشوائية ومهربيّ المخدرات..

ونتيجة ذلك توّلد لدى السكان الاصليين، من شيعة وسنّة ومسيحيين، نعرة تجاه القادمين الجدد، لم تمحها السنون أو التغيرات السياسية في لبنان. فما زالت بعض العائلات تعتبر ان على هؤلاء ان يعودوا من حيث أتوا خصوصا بعد تحرير الجنوب عام 2000، رغم التزاوج والمصاهرة بين العائلات، ورغم انتماء معظم ابناء ساحل المتن الى صفوف حزب الله وحركة امل بعد ان كانوا شمعونيين أو كتائبيين أو كتلويين.

ويتميّز ابن ساحل المتن الاصليّ عن الوافد بلهجته الممزوجة، اضافة الى اسماء العائلات المعروفة.

وتشمل ضاحية بيروت الجنوبية البلدات والأحياء التالية: الشياح، الغبيري، حارة حريك، برج البراجنة، الرمل العالي، الأوزاعي، حي السلم، الشويفات، العمروسية، الليلكي، المريجة، تحويطة الغدير، عين الدلبة، الصفير، الجاموس، حي ماضي، بئر العبد، حي معوض، المعمورة، الرويس، الجناح، وبئر حسن.

إقرأ أيضاً: من هي ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (2)

كانت هذه المناطق سابقاً، معروفة بمناطق ساحل المتن الجنوبي، في قضاء المتن في محافظة جبل لبنان. وتبلغ مساحتها نحو 28 كيلو متراً مربعاً تمتد من مشارف خلدة جنوباً إلى الجناح والطيونة شمالاً، ومن عين الرمانة والحدث شرقاً إلى شاطئ الأوزاعي غرباً.

والنسبة الغالبة من سكانها هم من المسلمين الشيعة. قسم منهم هُجِّر من الجنوب اللبناني بسبب الاحتلال الإسرائيلي في ثمانينات القرن الماضي، وذلك بسبب التعذيب والقتل وعمليات الاعتقال التي كان يقوم بها العدو الإسرائيلي، والقسم الآخر جاء من منطقة البقاع بسبب الحرمان الموجود، وإهمال الحكومات المتعاقبة لمنطقة البقاع، حيث أتوا للعمل في الضاحية الجنوبية، بالإضافة إلى أبناء المنطقة المحليين وهم يتنوعون بين مسلمين ومسيحيين.

خريطة الضاحية الجنوبية لبيروت
خريطة الضاحية الجنوبية لبيروت

تعرّضت الضاحية الجنوبية لاعتداءات متكررة من قبل العدو الإسرائيلي، خصوصا في حرب تموز 2006. وقد أدت الحرب إلى تدمير قسم كبير من مبانيها ومنشآتها، ولكن حزب الله، والهيئة العليا للاغاثة، وتبرعات بعض الدول الخليجية أعادت بناءها من جديد بصورة أجمل.

يعيش سكانها حياة أقل من المستوى الاقتصادي لجهة الخدمات، فلطالما انطلقت منها اعمال الشغب ردا على اهمال السلطات وأبرزها ثورة الجياع، حيث ان الفقراء يقصدونها للعيش فيها. وتربطها بالمناطق الأخرى سلسلة وسائل نقل غير مجهزة، وغير آمنة بشكل جيد، مع شبكة سائقين جلّهم من غير المؤهلين لهذه المهنة، التي تتطلب مواصفات محددة. ويتميز خط السفارة الكويتية- حيّ السلم بشتى انواع المشاكل والعنف كحال معظم خطوط سير ضواحي العالم.

وللضاحية الجنوبية ميزة مهمة هو تغيّر وجهها وصورتها من الاختلاط الى التزّمت الديني الأوحد، حيث استقلت بنفسها، ولم تعد الضاحية تعني المكان بل صارت هوية. فترى اللافتات والاعلام الدينية (الشيعية) منتشرة في كل مكان، مع كثافة في عدد الحسينيات والمساجد التي كانت قليلة خلال السبعينيات ومنتصف الثمانينات، كما سيطر اللباس الشرعي على زيّ النساء والرجال معا، واختفت مؤسسات المجتمع المدني، وباتت الناس على صورة جديدة. وتبدلت اعمال التجارة الى اعمال تناسب الهوية الجديدة، فكثرت محال الألبسة الشرعية وكل ما يتعلق بالعبادة بما تضم من مسابح ومصليّات وثياب الصلاة، وكتب فقه، وفتاوى، وسجدات، وعطورات، ولوحات قرآنية وفولارات، وأعلام، ولوازم عبادة.. وتعرّفت الجماهير على دينها من خلال بعض الشخصيات الدينية البارزة ومن خلال الاصدارات الشهرية والكتيبات ومراكز الاعلام الناشطة.

وكان السيد موسى الصدر أول من أطلق على الضاحية اسم “ضاحية المحرومين”، أما اليسار اللبناني فقد سماها “ضاحية البؤس”، وأطلق عليها حزب الله “ضاحية المستضعفين”.

الضاحية الجنوبية

هذه المناطق كانت تابعة للاقطاع الارسلاني، ثم ألحقت العام 1770 بالإقطاع الشهابي، وتعتبر برج البراجنة مسقط رأس الأمير بشير الشهابي الكبير. وقد بقيت هذه المناطق شبيهة بالقرى الجبلية حتى النصف الأول من القرن العشرين. وفي العام 1890 بدأ قسم كبير من أبناء هذه المناطق بالهجرة إلى بلدان أميركا اللاتينية بحثاً عن فرص حياة أفضل.

وبعد استقلال لبنان العام 1943 عرف البلد هجرة داخلية من الريف الى بيروت، وكان معظم المهاجرين من الفلاحين وأبناء القرى الذين قصدوا العاصمة بيروت، وسكن هؤلاء المهاجرون ضواحي بيروت فعرف حينها بما يسمى بأحزمة البؤس.

إثر نكبة فلسطين، أُنشئ على تلة رمليّة محاذية لطريق المطار في برج البراجنة، مخيماً للفلسطينيين في العام 1950 على أساس أنها مرحلة مؤقتة، لكن الخيم في هذا المخيّم استمرت، وباتت بيوتاً مبنيّة بشكل عشوائي لا تراعي إنسانية الإنسان ولا تحفظ كرامته.

السابق
توقيف مطلوب بجرم الخطف وتأليف عصابة
التالي
شمس الدين: النساء الضحايا مجرد أرقام!